Post: #1
Title: من سليمان!! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 07-10-2019, 03:23 PM
03:23 PM July, 10 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
*ثمة وجوه تسقط من الذاكرة.. *وذلك خلال رحلة الحياة الطويلة..أو القصيرة.. *فهي لا تحفر فيها أثراً..ولا تترك عندها انطباعاً..ولا تدمغ عليها ذكرى.. *مجرد وجوه..مثل أشجار تشاهدها عبر نافذة قطار.. *حتى وإن كان من بين هذه الوجوه ما لازمك حقبةً من حياتك.. *ووجوهٌ أخرى عكس ذلك..تبقى بالذاكرة ما بقي الإنسان سائراً في رحلته الدنيوية.. *ومن الوجوه التي علقت بذاكرتي، وجه سليمان الصول.. *كان صول مدرستنا الثانوية العليا..وأحد ركائزها المهمة..في نظري.. *لم أره غاضباً..أو عابساً..أو مكشراً؛ طوال فترة دراستي..
*وكان أول ما وُوجهنا به- لحظة ولوجنا المدرسة- (الكديت)..وعم سليمان.. *فهُرع الكثيرون منا لتسجيل أسمائهم..وهم فرحون.. *وعجبت أنا لفرحهم..ربما لحساسية من تلقائي سببها الانقلابات العسكرية.. *وتحديداً انقلاب (مايو) الذي تفتح وعيي عليه.. *فمنذ ذياك الزمان المبكر، وبيني وبين النُظم العسكرية كافة ما صنع الحداد.. *لا لشيء، إلا لأنها في حالة عداء دائم مع الحرية..أصل الدين.. *ولم يشذ عن هذه القاعدة نظام عسكري أبداً..في طول بلاد العالم الثالث وعرضها.. *ولكن سليمان (العسكري)¡ كان ديمقراطياً معنا..لأبعد الحدود..
*ومن دلائل ليبراليته إنه كان يمقت الجلد ظلماً..إذا ما كُلف به حيال طالب.. *فقد كان يتحرى أسباب تحويل (المذنب) إليه.. *فإن وجد عذراً لم يأخذ به الأستاذ - تعجلاً - لا ينفذ (أوامر) الجلد.. *وهو - للحقيقة - ما كان ينفذها مطلقاً..في كل الأحوال.. *فإن وجد الطالب مخطئاً أخذه إلى غرفة التنفيذ..ونصحه بعدم تكرار جرمه.. *ثم جلد حذاءه العسكري المسكين بالسوط..جلداً له فرقعة.. *ويطلب من الطالب - أثناء ذلك - أن يقول (آه) بصوت عالٍ..ويضحكان معاً.. *وقد كان أصلاً يضحك على الدوام..فيشيع البهجة بيننا.. *ولكنه في يوم ضحك كما لم نره يضحك من قبل..حتى دمعت عيناه الصغيرتان.. *وذلك حين ضحكت المدرسة كلها من عم (حشاش)..وعليه.. *فقد كانت الحصة لغة فرنسية..وطرق عمنا هذا باب الفصل ليُعلمنا أمراً ما.. *فما أن رآه الأستاذ حتى سألنا بالفرنسي (من هذا ؟!).. *ونسي أن عمنا هذا أخلاقه (جزمة قديمة)..ولا يضحك أبداً..عكس عمنا الآخر.. *فأسمع الأستاذ - وإيانا - ما يُضحِك..ولا يُقال.. *وبلغ الكلام - ذو اللكنة النوبية هذا - مسامع سليمان؛ فكاد يموت ضحكاً.. *وبعد نحو عام من تركنا المدرسة أتاني صديق دراسة بجواب.. *وهو كان صديقاً لسلمان هذا بقدر صداقته لي.. *وقال (إنه من سليمان)..ويحثنا فيه - من بعد السلام - على ألا (ننسى أياماً مضت).. *ثم أشار إلى أول فقرة أعلاه متبسَّماً..وغمغم : *وإنه بسم الـله الرحمن الرحيم!!.
alintibaha
|
|