إنَّهم يجرُّون الثورة السودانية الباسِلة إلى خيارات بائِسة بقلم عبد العزيز عثمان سام

إنَّهم يجرُّون الثورة السودانية الباسِلة إلى خيارات بائِسة بقلم عبد العزيز عثمان سام


07-09-2019, 04:47 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1562687227&rn=0


Post: #1
Title: إنَّهم يجرُّون الثورة السودانية الباسِلة إلى خيارات بائِسة بقلم عبد العزيز عثمان سام
Author: عبد العزيز عثمان سام
Date: 07-09-2019, 04:47 PM

04:47 PM July, 09 2019

سودانيز اون لاين
عبد العزيز عثمان سام-يوغندا
مكتبتى
رابط مختصر




فجَّر الشعب السودانى ثورة 19 ديسمبر2018م الباسلة وصعَّدتها حتى إنتصرت فى 11 أبريل 2019م لمَّا سقط الطاغية شكلاً، وخلف من بعده خلفٌ خطفوا الثورة وإنهمكوا فى قسمة الغنائم قبل أن تكون غنائم.
فمن الذين جرُّوا الثورة السودانية الباسلة إلى هذه خيارات بائسة؟
هذا، والثورة السودانية ستظلُّ باقية ومتَّقِدة، والشعب نارها ونورها.
. المجلس العسكرى هو "الخازوق" الأوَّل:
المجلس العسكرى الذى "عزل" الطاغية البشير وحلَّ محله هو أسوأ خلف لأسوأ سلف، بل إنطبق عليه بيت الشعر الغاضِب الذى قال:(مات فى القرية كلب فإسترحنا من عواه، خلَّف الملعون جرواً فاق فى النبح أباه).
. الفضيحة والعار أن المجلس العسكرى كذَّب على الشعب السودانى الثائر عندما قال فى بيانه الأوَّل الذى أُذيعَ بعد مخاض عسير أنهم إنحازوا لثورة الشعب وأنهم إقتلعوا النظام البائد وأنهم أعتقلوا رأسه. لكن الواقع وتصرفاتهم اللاحقة حتَّى اليوم أثبتت أن المجلس العسكرى لم ينحاز للثورة بل إنقلبوا على رئيسهم الذى خرَّجهم من الكلية الحربية برتبة الملازم بنجمة واحدة وظلَّ يستخدمهم فى قتل وإبادة الشعب السودانى فى كل أقاليمه. وكلما قتلوا الشعب قام كبيرهم بترقيتهم حتى صار هؤلاء القتلة جنرالات إمتلأت كتوفهم بالنجوم والمقصات والصقور كأنهم حرَّرُوا القدس. ولكن ما فى كتوفهم من نجوم ونياشين تشهد على أنهم مُتحرفين فى قتل الشعب، وهل يؤتمن قاتل على ضحيته؟.
أمَّا الشعب السودانى فقد لجأ، مُضطرَّاً، لهؤلاء العسكر يطلب الأمن لنفسه وثورته لكن العسكر قتلوا الشعب وسرقوا الثورة. والنتيجة أن "جرو" المجلس العسكرى قد فاق فى القتل "أباه" البائد عمر البشير، والدليل مجزرة فض إعتصام ميدان القيادة العامة، عندما قتل عسكر المجلس العسكرى الشعب الذى نزل عندهم ضيفاً فى عقر دارهم دون أن يطلبوا منهم مغادرة المكان بسلام. قتلوهم فى وقت السَحَر من فجر أخر يوم من شهر رمضان المبارك الموافق 3 يونيو 2019م وعندما سألهم الشعب وكل الدنيا: لماذا قتلتم الشعب المُعتصم فى عقر داركم؟ أجابوا بعد أسبوع كامل بقولهم: "حصَل الحصل". وظلَّ السؤال قائماً لماذا حصَل الحصَل؟.
ثمَّ قتلَ هؤلاء العسكر الشعب مرَّة أخرى فى مليونية 30 يونيو 2019م وألقوا بجثامين القتلى، كعادتهم، فى مناطق نائية وربَّما فى النهر كما فعلوا فى مجزرة 3 يونيو، وردَّهم دوما "حصل الحصل".
. و"الحصَل" أنه مؤخراً وبعد ملابسات كثيرة وغموض وضغوط من أطراف دولية اتفق مجلس العسكر وتحالف "قحت" على تقاسم السلطة والثروة وإجراء ترتيبات أمنية لفترة إنتقالية مدَّتها ثلاث سنوات، وبذلك هدأ الجو قليلاً لتهيج العواصف مرَّة أخرى عند الدخول فى تفاصيل المحاصصة وقسمة الأنصبة داخل مجموعة قوى الحرية والتغيير (قحت) والتى فى حقيقتها "قحط" كقحط السبع سنين التى حلَّت بمصر فأنقذ شعبها نبى الله يوسف بن يعقوب. فمن للسودان بيوسفٍ ينقذه من سنين تحالف "قحط" والعسكر مُدمنى الدماء، وهل سيأتى "حمدوك" مُنقذا ليقول لهؤلاء "أجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم". وهل سيأتى بعد فترة الإنتقال العصيبة عام فيه يُغاث الناس؟.
. قوى الحرية والتغيير، نُمور من ورق:
هو تحالف "شركاء" متشاكسون، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتَّى، إستلموا العمل السياسى من "تجمُّعِ المهنيين السودانيين" الذى قاد الثورة بنجاح حتى إنتصرت.
وقد حجَّ ممثلى أغلبهم مكونات تحالف قحط إلى أبوظبى حيث خزانة "محور الشر" وقبضوا ثمن إنكسارهم وتبعيتهم لمجلس العسكر الذى يستخدمه محور الشر فى حروبه بالوكالة.
. هذا، وكان رِهَانِى الشخصى أن يأمر الرئيس الأمريكى بضرب إيران بالصواريخ لتقوم إيران بمسح دول محور الشر من خريطة العالم فنرتاح منها ومن مجلس العسكرى ومن "قحط" فى آنٍ واحد، ولكن ترمب دون بقية الرؤساء الأمريكان له منهجه الخاص فى الإدارة، تاجر يحسب الأمور بعقلية الربح والخسارة المادية. ولكنه أحسن إذ لم يشعل حرباً فى المنطقة لأن الحرب كُره ودمار للإنسانية جمعاء، فحمدتُ الله لأنه لم يطلق موجة أخرى من الشرِّ.
. ونطالب تحالف "قحط" أن يجيبوا على الأسئلة التالية:
1. لماذا إعترفتم بمجلس العسكر ومنحتموه الشرعية وسيادة السودان؟ ألا تعلمون أنَّ السيادة للشعب وليس للعسكر الذين مهمتهم حراسة السيادة الوطنية وليس ممارستها؟ والجلوس فى القصر الجمهورى ليس شأنهم بل عليهم حِراسته من خارج أسواره؟ فلماذا منحتم الشرعية والسيادة والقصر الجمهورى للعسكر؟.
2. ولماذا قبلتم التفاوض مع مجلس العسكر بدلاً من تركه معزولاً حتى يُسلِّم السلطة والدولة للشعب الذى ثار وأسقط النظام؟. لأن الجيش جيش الشعب والسلاح الذى يقتلون به الشعب هو سلاح الشعب، فلماذا قبل تحالف قحط الجلوس فى مواجهة المجلس العسكرى؟ وتحالف قحط يمثل الثورة والثوار فمن يمثل المجلس العسكرى؟. هذا هو الخطأ القاتل الذى وقع فيه قحط وسلَّم المقود للعسكر خُلفاء البائد عمر البشير.
3. أنظر كيف تصرَّف المجلس العسكرى بعد الحصول على الشرعية والسيادة الوطنية من تحالف قحط: صار الناطق بإسم المجلس يستخدم ذكاءه فى التشكيك فى أهلية تحالف قحط فى التفاوض، وأنه لا يمثل جميع الثوار، وأنهم مزاجيون، وأنَّ وفدهم غير ثابت "وفد إجتماع الصباح يتغير فى إجتماع المساء".
. بينما تفرَّغ حميتى نائب ريئس مجلس العسكر للعب دور إستقطاب جماهير مناوئين للثورة، فطفق يصنع حشود مأجورة من فلول النظام البائد والكيزان والإرهابيين تجار الدين. كما جلب ممثلين مزيفين للإدارة الأهلية فى قوافل رِق مدفوعة الأجر من مال تجارته فى حرب اليمن المدفوعة الثمن من دول الخليج.
. ولمَّا تأكَّد مجلس العسكر أن عُوده قد إشتدَّ، سدَّد ضربة قاسية لقحط فأعلن رئيس مجلس العسكر وقف التفاوض مع قحط، وكسب العسكر تلك الجولة.
والسؤال لقحط: لماذا واصلتم فى التعامل مع العسكر بعد أن تنكروا لكم وقالوا لكم أنتم لا تمثلون الشعب، وقرروا فض الإعتصام بالقوة، وأوقفوا التفاوض معكم؟،
ليس ذلك فحسب، بل أن المعلومات تؤكد أن من مكونات قحت من شارك فى اتخاذ قرار فض الإعتصام بالقوة وحضروا الإجتماع الخاص بذلك ودعموا قرار الفض، ومن حق الشعب السودانى أن يعرف أولئك الذين أيَّدوا فض الإعتصام بالقوة.
4. مذبحة فض الإعتصام رغم الصدمة القاسية التى سببتها للدنيا أجمع، كانت مناسبة لقحط لتنفض يدها من مجلس العسكر وعزله وتصحيح الأخطاء الرهيبة التى أرتكبته تحالف قحط منذ 11 أبريل؟ فلماذا الإصرار على مصافحة اليد التى قتلت الشعب الثائر الذى تدَّعون تمثيله؟ وهل أنتم على اتصال بالجماهير الثائرة وهل أيَّدُوكم على هذا الخذلان؟ أم كنتم تفعلون ما تريدون ثم تأتون للجماهير لإضفاء الشرعية على مواقفكم الهزيلة؟.
5. بعد اتفاقهم، مؤخراً، مع العسكر على قسمة السلطة، كيف يقبل قحط بمجلس سيادة تشمل القتلة رموز مجلس العسكر من برهان وحميتى وكباشى مجموعة "حصل الحصل"؟ نسألكم، ما الذى يجبركم على جلب هذه المهانة لشعبٍ ما زال يمور ثورة ويتفجر بركاناً يثور؟ لماذا هذا الخنوع والإستسلام؟. هب أنكم سعيتم وإختلَّ سعيكم، فلماذا لا تسعون من جديد والشعب ثائر هادر لو أطلقتم يده لدكَّ حصون العسكر بسِلميَّتِه الهادرة ولحرر السودان فى يومين، لماذا تغتالون ثورة الشعب وقد دفع ثمناً باهظاً أرواح طاهرة وجراح وشرف؟.
6. إقتسمتم مع العسكر مجلس السيادة، خمسة مقاعد لكم كممثلين للشعب السودانى، وستة مقاعد للعسكر، السؤال: ما هو المِعيار؟ أنتم تمثلون الشعب السودانى البالغ عدده 40 مليون مواطن، لكن العسكر يمثلون من وكم عدد الذين يمثلونهم؟ أنهم يمثلون الجيش فكم عدد الجيش فى السودان حتَّى يُمثلون بعدد أزيد من جملة الشعب؟ هذه النقطة مهمة ونريد إستقصاءها جيداً ليفهم الشعب السودانى والدنيا أجمع ما يفعل هؤلاء بالسودان.
لو إفترضنا أن الجيش السودانى والجنجويد وقوات الظل والمجاهدين والدفاع الشعبى والقناصين الذين يمثلهم مجلس العسكر عددهم مليون شخص، وبقية الشعب الذى يمثله تحالف قحط 39 مليون نسمة، نريد أن نعرف المعيار الذى أُستُخدِم فى تقسيم الأنصبة فى مجلس السيادة.
تجد أن نصيب قحط هو خمسة مقاعد ويعنى ذلك أن كل 7,800,000 (سبعة مليون وثمانمئة ألف مواطن) يُمثلون بعضو واحد فى مجلس السيادة.
بينما العسكر الذين عددهم واحد مليون، ويُمثلون بستة أعضاء فى مجلس السيادة بواقع: كل 166,667 عسكرى يمثلون بعضو فى مجلس السيادة، ويعنى ذلك أن كل فرد عسكرى يساوى 47 مواطن مدنى، فمن أين لتحالف قحط الحق فى تبخيس المواطن السودانى هكذا؟ ولماذا قبِلَ هذه الشروط المُهينة للشعب السودانى؟.
7. أىِّ معيار يستخدمه تحالف قحط فى تقسيم "المكاسب" التى مَنَّ بها عليه مجلس العسكر؟. ما هى المعايير ونريد أن نعرف القطاعات التى يمثلها تحالف قحط من عموم الشعب السودانى؟ وهناك سودانيون كثر لا يمثلهم قحط ولا مجلس العسكر، فأين حقهم فى حكومة الفترة الإنتقالية ثمرة الثورة التى ساهم فيها كلّ الشعب السودانى؟.
8. هل سيقبل الناس بالمشاركة فى حكومة تعجُّ أجهزتها بعسكر ملوثة أيديهم بدماء الأبرياء من أبناء الشعب السودانى، عسكر إرادتهم مرهونة لدول خارجية يرتبطون بها إرتباط الحذاء بالقدم؟ لماذا تحرم تحالف قحط أبناء وبنات السودان الأنقياء الذين تأبى نفوسهم المشاركة فى حكومة يسيطر عليها عسكر قتلة؟.
ماذا لو رشَّح تحالف قحط بعض أبناء السودان لعضوية مجلس السيادة، أو لرئاسة مجلس الوزراء، أو وزراء فى حكومة تنفيذية، فإعتذروا رافضين المشاركة فى حكومة يرأسها عسكر ملطخة أيديهم بدماء الأبرياء ومتورطين فى حروب إبادة جماعية وتطهير عرقى فى أقاليم السودان المختلفة؟، وماذا يفعل تحالف قحط إذا رفض خيرة أبناء السودان قبول الترشيح للعمل مع هؤلاء العسكر الذين أذاقوا الشعب الويل والثبور وعزائم الأمور؟. وماذا لو ردَّ عليهم المرشحين لتولى مهام فترة الإنتقال ببيت الشعر: (وتعفُّ الأسود عن ورُودِ ماءٍ إذا كان الكلابُ وَلَغْن فيه)، هل سيصيبهم بعض حياء والحرج والردع؟. تحالف قحط هذا قد مكث طويلا فى معسكر العسكر حتى فقد حاسَّتى الشمّ والذوق، بينما الشعب يعانى من روائحه النتنة ويعكِّر صفوه والصحة العامة، فمتى يعلمون.
9. وأرى تحالف قحط وقد بلع طُعم أنَّ المجلس التشريعى (البرلمان) ليس ضرورياً، فأخَّروه. وهذا تصرف خطأ وخطير، وأقول أن البرلمان هو أصل فكرة الحكومة فى أىِّ دولة، والسلطة التشريعية تأتى فى مقدمة أجهزة الدولة، فالبرلمان هو ممثلى الشعب صاحب الأرض والسيادة، والبرلمان هو جرثومة الدولة التى منها تتفرَّع بقية الأجهزة. البرلمان قبل مجلس السيادة وقبل الحكومة التنفيذية، لأن البرلمان هم ممثلى الشعب وهم من يفوضون سيادة الشعب لمجلسٍ صغير يمارسه نيابة عن الشعب، والبرلمان هو من يشكل الحكومة التنفيذية ويفوض رئيس الوزراء لرئاستها تحت رقابته المباشرة.
فالبرلمان أولاً، ليمنح التفويض لمجلس السيادة، وليشكل الحكومة التنفيذية ويراقب أدائها. أمَّا ما جاء فى "اتفاق" تحالف قحط والعسكر هو عواءٌ فى خواء، بيع طير فى هواء، وحرثٌ فى بحر، ولن يثمر شيئاً.
. وخطر لى، وبعض الظن إثم، أنَّ لدول "محور الشر" دور فى تأخير ثم لاحقاً إلغاء البرلمان، لأنها دول يحكمها ملوك وأمراء وشيوخ ولا دور فيها للشعب فى إدارة الحكم. وصيغة الحكم عندهم أن الملوك والأمراء يملكون أرض الدولة وشعبها ومواردها، والسعيد من يحصل على ورقة "تابعية" بأنه يتبع للملك أو السلطان أو الشيخ، ولهم مناشير يقطِّعون بها جثمان من يكتب ناقداً ما يفعلون.
. قلت ما جاء أعلاه بشأن الجهار التشريعى/ البرلمان لأُدلِّل على أن البرلمان هو سلطة الشعب صاحب السيادة، وفى تجاوزه مؤامرة من تحالف العسكر وقحط لتجاوز الشعب، والبرلمان هو الجهاز الأول فى أىِّ دولة وينشأ أولاً، لكن هؤلاء قفزوا فوق برلمان الشعب ليشكِّلوا مجلس سيادة وحكومة تنفيذية ليكونوا فيها وزراء، وبذلك يجمع تحالف قحط والعسكر كل السلطات بأيديهم ليخلوا لهم وجه السودان، فيفعلون فيه وبه ما يشاؤون.
تقول الشاعرة روضة الحاج فى أروع ما كتبت:
إنهم يسرقون الكُحل من عين القصيدة،
أنهم هُمْ، سارقوا التاريخ والثورة والمستقبل القادم وأحلام اليتامى،
إنَّما الأرض ستبقى وتثور،
طِيننا يمكن أن يُصبحَ ناراً،
طيننا يمكن أن يصبح نور.