من تخاذل ليس منا- بقلم – علي أحمد تولي

من تخاذل ليس منا- بقلم – علي أحمد تولي


06-12-2019, 09:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1560329056&rn=0


Post: #1
Title: من تخاذل ليس منا- بقلم – علي أحمد تولي
Author: علي تولي
Date: 06-12-2019, 09:44 AM

09:44 AM June, 12 2019

سودانيز اون لاين
علي تولي-USA
مكتبتى
رابط مختصر





أصبحَ للشعبِ السودانيِّ الثائرِ على الظلم نظرٌ فاحِصٌ ودقيق، في أحلك الظروف التي تمرُّ به تعقيداً، ونجد الشباب هم أقرب إلى الوجدان الثوري والباعث الحقيقي لتفتِيق أكمام ورد الحياة الجديدة وإليها تحدُوه خطاهُ الحثيثة لجني ثمرة هذا الكفاح المُمِضِّ، وما أشدّ مرارات ما تجرَّعه الشعب السوداني، من بشاعة الموت والمليشيات المسلحة التي ظلَّت تقتل وتسحل وتعذب وتنهب بإيعاز من المجلس العسكري الوريث العلني لنظام خدمة مصالح المتنفذين في حكم الاخوان المتأسلمين، أكرر أن الشعب استلم زمام الصدارة في المنافحة ومنازلة السلطة الغاشمة المدوفة بقيادة حميدتي القادم من ساحات النهب والسلب ليكون حامي حمى البشير ليجد نفسه في مراقي كبار ضباط النظام يزاحم كتوف جنرالاتهم ويسعى في أن يربأ عليهم جميعاً لينفرد بالحكم.
والشعب أمامه كل هذه الجيوش العرمرم، من التي نبتت نبتاً شيطانياً بمسمياتها غير النظامية، والتي ظلت تفد من دول الجوار وتفعل الأفاعيل التي لم يألفها الشعب السوداني الذي لم يهن ولم يركن، فهو شعب لا يعرف الخيانة بل يمقتها، ولا يعرف الفر بل يحسن الكر، ولا يتأخر وقت النداء، لا ينحسر عنه وشاح قيم الكرم والمروءة والشجاعة، وقد قام بتنفيذ العصيان المدني وهو على قلب رجل واحد، لثلاثة أيام بكل عزيمة وإصرار، شعب عصيٌّ على التركيع، لا تشبهه ألاعيب الاخوان المتأسلمين، ولا مراوغة أعضاء من خلفوا البشير، فصاروا يبثون الكذب والنفاق بين الناس في الداخل أو الخارج، وقد ظل الشعب بشبابه وكنداكاته وكل شرائحه يحترم قياداته التي تنادي بالتغيير وبالحكم المدني، إلا أن بعض المتنطعين من المتسلقين الانتهازيين ممن عُرفوا بأحزاب الفكة، والثورة أصبحت واقعاً للشعب السوداني السياسي والمثقف الذي أضحى مضرباً للأمثال بين شعوب العالم، ومازال يروى أروع قصص النضال وبطولاتها، ويعطي للعالم دروساً في النضال الثوري عجز عنها أساطين السياسة، فهو الآن يُواجَه بأشدّ الأنظمة إرهاباً وتنكيلاً نظام المتأسلمين الذين بعدت بهم الشقة عن ما ينشده الشعب من الحياة المدنية والحداثة، والتطور، بل وأودت بكل إبداعاته وأبعدت كفاءاته بالصالح العام والتشريد. إنه الشعب السوداني وقد ملك زمام ثورته تماماً لا يهمه من تخلف عن ركبها من الانتهازيين والأنانيين، فمنهم من باع ولاءه للسعودية والإمارات وهم أصحاب المرتبة الأولى كأعضاء المجلس العسكري، وبعض الرجعيين من التقليديين المعتمدين على حظوة من الولاء الطائفي أو القبلي، وقد كسدت بضاعتهم لأن الثورة أضحت ضرباً من الوعي ببواطن الأمور والملاحظة الحصيفة، وهي تعلم أن هذه الأحزاب ضعيفة الأهداف لا تلبي طموحاتها لضعفها التنظيمي ولأنها لا تولي اهتماما حقيقيا بالتنظيم الحزبي بل تكون مشغولة بعلاقتها بالعمل السياسي والعمل السياسي، أي أنها تصير مشلولة القوى، وفاقدة للتفعيل والحراك الثوري، فمن البدهي أن تفقد لمبررات كينونتها الحزبية وذهاب ريحها، وهذا ما ينطلي على الأحزاب التقليدية عندنا في السودان، وهناك أحزاب حديثة تولد ميتة، إلا أننا نجد العكس في الأحزاب التقدمية فهي تجنح إلى تعويلها على الأسس التنظيمة وإلى الحشد الجماهيري، وهذا الحشد الجماهيري لا ينفك من أن يكون تابعاً لوحدات مكونة لتقسيمات حزبية، ولا يهمنا إلا إنجاح العمل الثوري وخطوات التثوير التي تجسد عظمة هذا الحراك في هَزِّ وَخَلْخلة عروش الطغيان أينما هبت ضد ما يَخِطَهَا من الظلم والاستبداد.
امتلك الشعب السوداني حساً ثورياً عالياً، وكأنه جسدٌ واحدٌ على نبضات قلب واحد، تجلى في قرارات القيادات الحالية الفعلية، في عمل الجداول في الصراع الثوري، وكان عمل المتاريس والنظافة والاعتصام، ثم العصيان المدني، ونرى أنه مهما رشح من أخبار عن تجمع قوى الحرية والتغيير عن أنهم يريدون الرجوع إلى التفاوض المرفوض من قِبَل الشعب جملة وتفصيلاً فإن من يتفاوض سيفقد مقعده من مساحة الثورة المجيدة، فليس من الأخلاق أن تصافح في هذه الأيام من قتلوا شبابنا وهم ينادون قاتلهم سلمية سلمية ليذهبوا في طرفة عين عن عالمنا تحت زخات الرصاص، فهؤلاء القتلة هم خلصاء البشير وأصفياؤه ومازالوا ضامني خروجه الآمن هو ومن معه من كبار اللصوص والقتلة لثلاثين عاماً، وهؤلاء كما أسلفت هم امتداد لحكومة الموت، حكومة البشير بكل قبحها بل يزيدون، وتمتد مسيرة الشهداء مع بقائهم، وهم يستمرون في ذات المراوغة. وحبل الكذب قصير، ولن يفلت أي جانٍ عن أية جريمة اغترفها وعليه الأدلة التي صار يوثق لها هذا الشباب، صانع البطولات ومفجر الثورات، والمجلس بكل طيشه وصلفه يقطع النت عن الشعب ليكون معزولاً عن العالم الخارجي الذي يحتضن المشردين والمهاجرين من ابناء الأمة السودانية، ولكن هيهات فإننا في بلاد المهجر نقوم بمتابعة ما يجري في الداخل وندعم ثورتنا إعلامياً ومادياً ودبلوماسياً سياسياَ، وتم تأليب كل العالم وكسب تأييده وانحيازه مع الشعب المغلوب على أمره، الذي يجابه هذه المليشيات بصدر عارٍ أعزلاً إلى من قولة: سلمية سلمية.
وقد اقتربت ساعة النصر.. لم يعد في الطريق من وعورة وأصبح الشعب على مرمى حجر من أهدافه ومبتغاه، والآن الأمم المتحدة رغم مواقف الصين وروسيا، إلا أنها انحازت لقرارات المجلس الأفريقي، كما أن أمريكا سيكون لها دورها أمام هذه الوحشية من عساكر النظام البائد وتكويناتها العشوائية، وسيكون الحساب قريباً وهم في غيهم سادرون لا يعنيهم ما سيلاقيهم ولم تهتز لهم قصبة الآن في من حصدتهم بنادقهم.. وهم ينادونهم: سلمية سلمية. وأخيراً لا مجال للشك بيننا، لقد تمت الغلبة للسلمية رغم سطوة ومضاء سلاحهم الفتاك. إنها الثورة آتية بسلميتها وبنظامها المدني في أبهى حلل الديمقراطية في العالم، وعليه سيكون الحساب والقصاص لكل شهدائنا.