المجلس العسكري يعتقل حسن النوايا بقلم د. محمد مصطفى

المجلس العسكري يعتقل حسن النوايا بقلم د. محمد مصطفى


06-08-2019, 08:45 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1560023141&rn=0


Post: #1
Title: المجلس العسكري يعتقل حسن النوايا بقلم د. محمد مصطفى
Author: مقالات سودانيزاونلاين
Date: 06-08-2019, 08:45 PM

08:45 PM June, 08 2019

سودانيز اون لاين
مقالات سودانيزاونلاين-USA
مكتبتى
رابط مختصر





في الحقيقة كنت وما زلت أؤمن بأن المعضلة الكبيرة التي نواجهها في بلادنا العزيزة هي أن هنالك فجوة وعيوية كبيرة بين الشعب والنخبة السياسية والعسكرية وذلك لأن الشعب السوداني مازال وسيظل سودانيا خالصا بثقافته وأخلاقه وهويته، فأما النخبة السياسية والعسكرية، ما أن قفزت الى مراكز صنع القرار تجدها وقد فقدت استقلاليتها وارتبطت بأجندة إقليمية ودولية تجعلها في حالة إنفصام دائم عن الشعب السوداني العظيم وتطلعاته وأهدافه، وقد يصبح غريبا عنه وعن همومه وثقافته وعاداته وتقاليده، هذه هي الحقيقة المرة التي نعيشها الآن في وطننا المكلوم، حيث انحاز الجيش الى الشعب وعزل رأس النظام في خطوة وطنية جريئة وحاسمة وجلس مع إخوته ممثلي الثوار ليتفاكرا في كيفية انتقال السلطة الى مدنيين وكانت المفاوضات تجري على قدم وساق بأريحية إخوية وطنية صادقة، وقد شجعت تلك التفاهمات الودية بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان. شمال لترسل وفد حسن نوايا الى الخرطوم برئاسة الرفيق القائد ياسر سعيد عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية. ومعلوم أن ياسر عرمان يعد من قادة الحركة الشعبية ذوي الخبرة الطويلة في السياسة والحوار والدبلوماسية والإعلام وكذلك إنه يدرك تفاصيل الأزمة السودانية أضف الى إنه ذو قدرات استثنائية وشخصية خلاقة يجيد العمل في خضم الأزمات والتحديات وتجده حاضر الذهن صائب الرأي واقعي التصرف في كل المواقف العصيبة والمفاجئة والصادمة ، حيث جاء سفره الى الخرطوم في وقت مناسب تمر فيه البلاد بمرحلة غاية في الحساسية فهي مرحلة تتواتر فيها عملية انتقال السلطة الى مدنيين من ناحية، وجهود الدولة العميقة للإلتفاف على الثورة من ناحية أخرى، ومحاولات بعض القوى الخارجية لفرض أجندته وعرقلة عملية الانتقال من ناحية ثالثة، ففي هذه المرحلة قد وجد قدوم الوفد ترحيبا حارا من مختلف القوى السياسية والمدنية ورموز الصحافة السودانية على إنه إضافة حقيقية لعملية الانتقال وتشكيل الحكومة الانتقالية. صحيح أن هنالك أصوات كانت ومازالت تعلو هنا وهناك معارضة لهذا القرار الشجاع بل معارضة لكل أفكار وسياسات وتحركات الرفيق القائد ياسر سعيد عرمان، وصحيح أن النقد البناء ضرورة لتجويد الاداء، ولكن إذا تجاوز النقاد العقلانية والموضوعية والمنطق فذلك حتما سيصب في خانة إضعاف قوى الثورة لبعضها البعض وتقديم خدمات تدعيمية مجانية لأعداء العدل والحرية والمساواة، وللعلم فإن السياسي في الدول الراسخة في الديمقراطية قد يمارس السياسة بمنطق الكسب أو التحييد فهو يسعى لكسب عضوية جديدة أو تحالفات جديدة ويعمل بجد واجتهاد لتحييد معارضيه ذوي المواقف غير المبدأية ضده ليواجه معارضيه الحقيقيين بالمنطق والحكمة وبالتالي فإن الرفاق والأحباب والزملاء المعارضين للظلم والفساد والساعين لإقامة دولة العدل والحرية والمساواة السياسية والإقتصادية والإجتماعية، قد يضعفون أنفسهم بهذا النقد غير البناء وبشخصنة الأهداف والأجندة وهم لا يشعرون ودونكم ما رشحت من تباينات في المواقف بين حزبي الأمة والشيوعي وكيف أنها أثرت سلبا في قوى إعلان الحرية والتغيير وإيجابا في مواقف المجلس العسكري الذي توهم بقوة موقفه وأقدم الى تلك المجزرة البشعة التي روعت دعاة الإنسانية والأخلاق. وبالعودة الى موضوعنا فإن المجلس العسكري كان سودانيا خالصا وبأجندة وطنية مشرفة برهنها ذلك الموقف الشجاع الذي تمثل في اتخاذ قرار بعزل الرئيس المخلوع في لحظة حاسمة تفسر في أحسن الفروض بالمغامرة، ولكن ما أن زار السعودية ومصر والامارات إلا وقد أصيب بالإنفصام وإنحرف عن مساره الوطني والأخلاقي وانقلب على بني جلدته وشركائه في القضية والقرار وأطلق يد مليشياته ذات الغالبية الأجنبية لتقتل وتنهب وتغتصب وتعتقل منفذا بذلك لأجندة خارجية مختلفة تماما عن أجندة الوطن والشعب وللمفارقة قد إعتقل المجلس العسكري رئيس وفد حسن النوايا الذي جاء يساهم بخبراته ومعرفته وعلاقاته لتحقيق عملية الانتقال والسلام العادل، بطريقة مهينة واقتاده إلى مكان مجهول وكذلك أقدم الى قطع خدمات الانترنت، مؤكدا بذلك سوء نيته تجاه الشعب والوطن.
ختما نود أن نؤكد واقعا مختلفا عن ما كنا نتصوره وهو أن ما جرت من أحداث في ساحة الإعتصام أمام القيادة العامة أكدت لنا بأن الجيش ما عاد يحمينا وبالتالي لا حاجة لنا في الاعتصام بذلك المكان والخيارات أمامنا مفتوحة في اطار السلمية وهي ماثلة الآن بتجلياتها وتاكتيكاتها وفنونها وابداعاتها رغم الدماء ورغم الحسرة والألم وعليه إذا كان أمامك خيار أيها البرهان فخيارك أن تتحرر وتحرر الوطن من أية أجندة خارجية وتحاسب كل المجرمين الذين شاركوا أو أصدروا الأوامر لإرتكاب جريمة مجزرة ساحة الاعتصام وكما تطلق سراح كل المعتقلين وتؤكد نيتك في نقل السلطة الى حكومة مدنية وإلا وإلا وإلا حتما ستسقط مجرما، فالشعب السوداني العظيم قد اتخذ قراره ولن يتراجع.
د. محمد مصطفى