لماذا ستشطب دعاوى تقويض النظام الدستوري ضد البشير. بقلم د.أمل الكردفاني

لماذا ستشطب دعاوى تقويض النظام الدستوري ضد البشير. بقلم د.أمل الكردفاني


06-01-2019, 06:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1559410982&rn=0


Post: #1
Title: لماذا ستشطب دعاوى تقويض النظام الدستوري ضد البشير. بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 06-01-2019, 06:43 PM

06:43 PM June, 01 2019

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر







يقول شراح القانون وفقهائه أن هناك جريمتان لا يمكن المعاقبة عليهما إا اكتملتا.
اولاهما جريمة الشروع في الانتحار ، فالقانون يجرم الشروع في الانتحار ولا يستطيع تجريم الانتحار التام. لان تمام الانتحار يعني وفاة المنتحر. والجريمة الثانية هي جريمة الشروع في تقويض النظام الدستوري لأن تمام الجريمة يعني تحول الدولة من نظام الى نظام آخر يستمد شرعيته من مبدأ السيطرة وفق ما أرساه القانون الدولي وهو الذي يعني أن سلطة ما تكتسب شرعيتها اذا استطاعت أن تسيطر على الاقليم برا وبحرا وجوا وعلى والشعب. ظل هذا معيار من ضمن عدة معايير لاكتساب الشرعية الدولية ولا زال الجدل دائرا حول هذه المعضلة ؛ حيث تتنوع مصادر الشرعية بين شرعية دينية وعرفية والكاريزما ثم القانونية والثورية...الخ. وفوق هذا فالثورات نفسها سواء كانت تأسيسية أم تحويلية لا يمكن البت بحسم في أنها قد انجزت انجازا كاملا. يمكننا مثلا ملاحظة الثورات العربية حيث يمكننا القول أن الثورات في مجملها بما فيها التونسية لم تبلغ حد الحديث عن كونها استقرت كمنجز نهائي في ظل صراع دائري احيانا وهابط ومرتفع و أفقي ورأسي. وكذا الحال في مصر.
واذا كان الأمر كذلك فإن الحديث عن دعاوى جنائية تعتمد على خرق النظام الدستوري يحتاج أولا إلى وجود نظام دستوري مستقر بحيث تمتع على نحو كبير بشعور عام بإلزاميته وبقوته القانونية. ولكن لو رجعنا الى التاريخ السياسي للسودان فسنجد أن الانقلابات العسكرية هي في الواقع الأساس الذي استندت اليه الأحزاب السياسية لتقويض غلبة أحزاب أخرى عليها. حتى أضحت الروح الجماهيرية تتوق للانقلابات العسكرية. فمنذ تسليم السلطة لعبود وانقلاب الشيوعيين ثم الاخوان المسلمين ومحاولة الانقلاب الرمضاني الفاشلة من البعثيين ظل كل حزب سياسي يعتمد على الانقلاب للوصول الى السلطة. بل أن الشعب نفسه لم يكن ليهنأ له بال الا إن سمع المارشات العسكرية حيث ترفع الجماهير رؤوسها حينئذ كدجاج رأى العلف. من هنا لا يمكننا الحديث عن تقويض نظام دستوري من ناحية واقعية لأن واقع انقلاب البشير افرزته سياقات تاريخية وكان الموقف الحاضر في ذلك الوقت يستدعي ذلك الانقلاب حيث لم يعترض الشعب أبدا على الانقلاب بل خرج مهللا ومكبرا ، وانني لأتذكر أن البشير أصدر أمرا للجماهير بعدم الخروج للشارع ومع ذلك خرجوا. فإن أضفنا عدم وجود دستور في ذلك الوقت مع بؤس الواقع الاقتصادي والسياسي فضلا عن المجاعة والتشاكس السياسي في الجمعية التأسيسية وما يمكننا أن نصفه بما وصفه العلامة لايبست Lipset بانهيار فعالية النظام السياسي بحيث يكون قد انهار النظام فعليا مما يستدعي حلول نظام بديل عنه لحماية الدولة. فلا يمكننا أن نستخدم القانون هنا إلا على نحو شكلي هو أقرب للانتقام منه إلى العدالة.
نعم يمكن محاكمة البشير على جرائم الابادة الجماعية وجرائم الحرب عموما والفساد لكن ليس على جريمة تقويض النظام الدستوري فهنا بكل بساطة يمكن لأصغر محامي أن يشكك في وجود أو عدم وجود النظام الدستوري ومدى تماسكه ومدى انهيار فعاليته ...الخ وفقا لفلسفة ونظريات الفقهاء الدستوريين ليقوض كل مزاعم الاتهام.