خطورة المرتزق حميدتي على أمن المنطقة بأسرها بقلم بدر موسى

خطورة المرتزق حميدتي على أمن المنطقة بأسرها بقلم بدر موسى


05-29-2019, 11:29 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1559168944&rn=0


Post: #1
Title: خطورة المرتزق حميدتي على أمن المنطقة بأسرها بقلم بدر موسى
Author: بدر موسى
Date: 05-29-2019, 11:29 PM

11:29 PM May, 29 2019

سودانيز اون لاين
بدر موسى-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر








أدرت قرص الشبكة بحثا عن تعريف لمن هو المرتزق، فوجدت في موسوعة الويكيبيديا:

(المرتزق هو كل شخص يقوم بأى عمل بمقابل مادى، بغض النظر عن نوعية العمل، أو الهدف منه، وغالبا يطلق اسم المرتزق على من يخدم في القوات المسلحة لبلد أجنبي من أجل المال.

استخدمت بلاد فارس واليونان وروما، في الأزمنة القديمة، المرتزقة. وشاع استخدامهم خلال الفترة من القرن الثاني عشر حتى القرن السادس عشر الميلاديين، فقد استأجر كثير من الحكام آنذاك جنودا محترفين مدربين لحماية دولهم، كما أن بعض الحكام ربحوا أموالا بتأجير جيوشهم لدول أخرى للعمل كمرتزقة، استأجرت بريطانيا أثناء الثورة الأمريكية (1775 - 1783) جنودا ألمانيين لمحاربة السكان الأمريكيين. ومن جهة أخرى، كان الأبطال العسكريون مثل كاسيمير بولاسكي البولندي وبارون فون شتوبن البروسي ـ الذين ساعدا السكان الأمريكيين مرتزقة أيضا. قلل ظهور الجيوش الوطنية إلى درجة كبيرة من الحاجة إلى المرتزقة وفي بعض الأحيان ينقلب المرتزقة على اسيادهم، طمعا في الدولة ويسيطرون عليها،. وفي وقتنا الحالي تم استخدامهم بكثرة في بعض الدول العربية من مختلف الجنسيات نظرا للحروب الدائرة في المنطقة وخصوصا في سوريا وليبيا.).

وهذا تعريف ينطبق على حميدتي. الذي أصبح بقدر قادر ، وعمليا، الرئيس المسيطر على مقادير الأمور في السودان، ورسميا نائبا لرئيس المجلس العسكري الانتقالي، وهذا هو الذي يجعله من أخطر مهددي الأمن، ليس فقط على حياة السودانيين في السودان، ولكن في المنطقة بأسرها، وبما فيها خطره على الذين صنعوه ومكنوه، وجعلوا منه هذا البعبع المخيف، الذي خرج على السيطرة، أو كاد!

فقصة وبداية حركة حميدتي، راعي الإبل، الذي أصبح قائدا لميليشيا الجنجويد، أصبحت معلومة للقاصي والداني في السودان. فهو من صناعة البشير، قصير النظر، والذي وجد فيه ضالته، واستغل استعداده الطبيعي، الذي رشحه ليكون المرتزق القاتل الذي كان يبحث عنه البشير، ليسلحه، ويمكنه من تكوين كتيبة ميليشيا كبيرة، من عينته، وأساسها من عشيرته وأهله، ثم من شابههم من المناطق القريبة من مناطق تواجدهم، ممن خبروا القتال، وعانوا من العنف، ووجدوا في مزاولة مهنة القتل والارتزاق به، سبيلا للخروج من محنتهم، فانضموا إليه طمعا في المغانم الكبيرة، التي أغراهم بها، ليضمن ولاءهم وثباتهم، وتماسكهم، وانجزاهم لمهمات التصفية والقتل والتدمير في قرى دارفور، مما أتاح له المتاجرة بإنجازهم، ليفرض على البشير دفع الثمن المفتوح على كامل محتويات خزينة البلد، ثم ليواصل تجنيد المزيد من المرتزقة، وتسليحهم بأقوى الأسلحة، وشراء ولاءهم غير المحدود له.

والذي عقد الأمور، وزاد من خطورة حميدتي وميلشياته، هو إقدام البشير على إصباغ صفة الشرعية عليها، بقبول قوات الدعم السريع كقوة نظامية، ومنح قائدها ومنسوبيها الرتب العسكرية والنجوم والدباببر والنياشين والسلطات، التي جعلتها أقوى من الجيش الرسمي السوداني، الذي استغنى عنه البشير، عمليا، بأهماله له، لخوفه من انقلابه عليه، حين ظن أن خيار حميدتي خيار مأمون العواقب، بحسبان أنه قابل للشراء بالمال، المقدور عليه بالطباعة، رب رب رب.

وقد كان هذا حساب منطقي وصحيح، خاصة بعد أن كشف حميدتي عن شراهته لمعبوده، المال الذي انهمر عليه كالمطر، من مطابع العملة، ومن ذهب جبل عامر، بمقدار يفوق الخيال، ولا يهدد زواله إلا احتمال الموت، وهو أول وأهم ما يحترز له كل مرتزق محترف لمهنته. فهؤلاء المرتزقة يجيدون فنون البقاء على قيد الحياة، بأكثر مما يجيدون مهنتهم الأساسية، وهي الفتل المنظم مقابل المال لمن يدفع أكثر.

ولذلك كان من السهل على حميدتي قراءة الأحداث، حينما فاجأتهم ثورة الشباب الظافرة، وهدته قرون استشعاره إلى رمي البشير، وإعلان الإنحياز لثورة الشباب، ثم أخذ حذره منها، لأنه قد علم بأن إصرارها على تنفيذ برنامجها، بتطبيق كامل مستحقات العدالة، يعني أنها ستسلط سيف هذه العدالة على رقبته، وهذا في شريعة المرتزقة من رابع المستحيلات! ومما لا يمكن أن بعرضوا أنفسهم له، ولو أدت مقتضياته أن يبيدوا جميع من هم في أرض السودان، عن بكرة أبيهم!

ولهذا السبب، أقدم حميدتي على إحكام قبضته على المجلس العسكري، من خلال رئيسه، الذي هو ليس غير الفريق البرهان، شريكه في جل جرائمه في دارفور، وفي تنظيم وتوريد القوات المرتزقة للسعودية والإمارات.

وهذا هو العامل الذي زاد من خطورة حميدتي على أمن واستقرار شعوب المنطقة بأسرها، وليس فقط على الشعب السوداني. فقد وجدت السعودية ضالتها في حميدتي، باكتشافها لمقدراته في تجنيد وتوريد الجنود، بلا حصر ولا عدد، وإلى ما لا نهاية، مقابل الثمن المعلوم. وتأكدت من أن الضمان لاستمرار هذه الصفقة الرابحة، التي تراهن عليها حتى لا تخسر الحرب في اليمن، سيكون بتعزيز وتقوية تسليحه، لتمكين قبضته العسكرية على السلطة، وعلى القوات المسلحة في السودان، بجعلها تابعة لقوات الدعم السريع، ثم التأكد من عدم اكتمال أي اتفاق يمكن الثوار من تسليم السلطة لحكومة مدنية، قد تكون، في الغالب، من أول قرارتها، سحب القوات السودانية من اليمن، مما يعني عمليا، هزيمة السعودية وحليفتها الإمارات.

والذي يزيد من تعقيد الأمور أكثر، هو أن مصر لها أيضا مصلحة مباشرة في بقاء المجلس الانتقالي العسكري ممسكا بقبضة السلطة، للأسباب التي فصلتها كثيرا في مقالات سابقة، وأهمها خشبتها من خسران مكتسابتها من ضعف حكومة البشير، ومن ميل السودان نحو غريمتها إثيوبيا، في قضية سد النهضة، واتفاقية عنتيبي، وخشيتها من خسارة مكاسبها من بلايين الدولارات التي ينفقها السودانيون في مصر كل سنة، قصدا للعلاج وغيره، بسبب تردي الأحوال في السودان. وقد ظهر موقف مصر واضحا وجليا بعد الزيارات التي قام بها المسئولون الأمنيون للقاهرة، والتي أعقبتها زيارة البرهان الأخيرة لمصر!

الآن، أصبح حميدتي جاهزا تماما لتخطي حدود السودان لجلب المرتزقة من إريتريا، باعتبارهم بني عامر سودانيين، وهو قد جرب من قبل استجلابهم من تشاد والنيجر، وسيزداد عملاءه الذين بحتاجون اخدماته، ويدفعون بسخاء، مثلما تدفع السعودية والإمارات، ولا يستبعد أن نرى قريبا جنودا لقوات الدعم السريع تقاتل وتهدد النظام الإثيوبي، لمصلحة مصر، للضغط عليها، خاصة بعد تعهدات البرهان لمصر الأخيرة!

ولا نستبعد كذلك أن نرى تدخلا أوسع لقوات الدعم السريع في ليبيا، وفي كل مواقع وبؤر الإضطرابات والتوترات الأمنية، مثل دولة جنوب السودان بصفة خاصة، وتوسع دائرة نفوذه الشيطانية الهائلة، بعد أن أحكم سيطرته على بلد بحاله، كان ملجأ الأمان لكل باحث عن الأمن في كل المنطقة! بلد كان إسمه السودان، وإسم عاصمته القومية الشعبية: أم در أمان!