ذكريات رمضانية.. هذا الحلومر.. قد اسكرنى.. انه خمرا ...!! قريمانيات.. بقلم الطيب رحمه قريمان

ذكريات رمضانية.. هذا الحلومر.. قد اسكرنى.. انه خمرا ...!! قريمانيات.. بقلم الطيب رحمه قريمان


05-23-2019, 03:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1558620641&rn=0


Post: #1
Title: ذكريات رمضانية.. هذا الحلومر.. قد اسكرنى.. انه خمرا ...!! قريمانيات.. بقلم الطيب رحمه قريمان
Author: الطيب رحمه قريمان
Date: 05-23-2019, 03:10 PM

03:10 PM May, 23 2019

سودانيز اون لاين
الطيب رحمه قريمان -Canada
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم



استعدادا للاستقبال شهر الصيام دوما ما تبدأ النساء السودانيات في اعداد الأطعمة والمأكولات والمشروبات التي تخصص لشهر رمضان قبل حوالي الثلاثة أشهر من حلول الشهر الكريم وذلك لان اعداد الاطعمة الخاصة تستغرق وقتا كبيرا لتعد...!!
من اهم تلك الأطعمة ما يعرف عند أهل السودان عموما ب "الحلو مر" وقد يسميه البعض منهم ب "الأبرى".. والحلومر هو عبارة عن رقائق تصنع من عجين يعد من دقيق الذرة الرفيعة "العيش" بعد ان "يزرع" ينبت وسرعان ما يجفف حتى يكون طعمه سكريا يضاف الي ذلك العجين عدد من المكونات الأخرى من بهارات وغيرها حتى يعطي نكهة ومذاق تجعله مميزا وفريدا ...!!
تحول تلك العجينة الى رقائق الحلومر تفرد على "صاج" حديدى من تحته نار فتطبق في شكل مربعات صغيرة ويتم تعريضها للشمس حتى تجف تماما ومن بعد ذلك تخزن بوضعها في "حاوية" مناسبة تختلف تلك الحاوية من منطقة لأخرى.. قد تكون شنطة قد صنعت من صفيح او جردل بحجم كبير لكن الأشهر على الاطلاق هي.. القفة.. وهي عبارة عن سلة تصنع من السعف فيكون فيها مسامات تدخل الهواء وبالتالي لا تتعفن رقائق الحلومر وغالبا ما يرسل الحلو مر في تلك "القفة" الى الأقارب والمعارف والأصدقاء الى السودان او خارجه ووصول تلك القفة يعلن قرب شهر رمضان ...!!
وفي الحقيقة فان الحلومر هو عبارة عن شراب أكثر منه طعام قد يأكله البعض ولكن غالب الناس يعدون المشروب ذو اللون العسلي والذي يضاف اليه قليل من السكر ويقدم ويقدم باردا بدلا من العصائر...!!
تؤكد ربات البيوت السودانيات أن مشروب الحلومر يذهب العطش عن الصائمين خاصة حينما يكون رمضان واقع في فصل الصيف وأنه يجعل الصائم ممتلئ البطن ولا يحس بالجوع اثناء النهار لذلك يكون الحلومر حاضرا في المائدة الرمضانية عند كل السودانيين أينما حلو لقيئهم العطش والجوع على السوا...!!
في الثمانيات من القرن الماضي كنا طالبا من دول مختلفة نسكن في المدينة الطلابية العريقة التي تقع في قلب القاهرة القديمة وتسمى مدينة البعوث التابعة لجامعة الازهر الشريف فكان السكن الطلابي عبارة عن عمائر خططت وفصلت غرفها لتناسب الطلاب.. ففي العمارة ثلاثة أدوار وفي كل دور جناحان وكل جناح فيه عشرة غرف متقابلة وتخصص الغرفة لطالب واحد فقط ففي الجناح عشرة طلاب غالبا ما يكونون من دول مختلفة. تحرص إدارة المدينة على تكسين الطلاب من اجل التعايش والتآلف الذي حض عليه الدين الإسلامي.!!
الجناح الذي كنت أسكنه كان ممن فيه طالب من دولة مالي وكان طالبا في كلية اللغات والترجمة عرف عنه انه لا يفرض في دراسته ومطلقا فهو على الدوام ما بين الكلية والسكن الجامعي.. ودوما ما الحظه منكفئا على الكتب قارئا عاكفا في غرفته ولا يتحدث الا لضرورة كان مطلعا مثقفا ملما بكثير من الموضوعات وكان يجيد على الأقل ثلاثة لغات هي العربية.. الفرنسية والإنجليزية.. مامدو فوفانا.. كان مهتما للغاية بدراسته حريصا عليها لا يفرض ولا “يدك" محاضرة واحدة ...!!

كنت من وقت لأخر أجالس مامدو لنتبادل الأفكار ونتناول أطراف موضوعات الساعة...!!
ولما حلى علينا رمضان في أحد أعوام آخر عقد الثمانيات قدمت له الدعوة ليتناول الإفطار معي فلبى الدعوة فأتى بطبق طعام لنتشاركه فجلسنا واكلنا وسرعان ما قدمت له مشروب الحلومر ...!!
فسألني عنه وكيف يصنع وما هي مكوناته.. فشرحت له ما شرحا موجزا الا أنه كان مستغربا عن الاسم وسألني مرارا وسرعان ما بادرني معترضا ...!!
لا.. لا يأخى طيب... قائلا "كيف يجتمع النقيضان" .. !!
نظر الى الامر لغويا ولكنه سرعان تحول امره الى شك في المشروب من اسمه فقال :
"ان الحلو والمر لا يجتمعان ففي ذلك تنقاض " وقال بصوت منخفض "لعل في الامر سر كبير" ...!!
وقبل ان يشرب منه رأيت ان الشك قد لفه من كل جانب وسمعته يقول بصوت مسموع... !!
"توكلت على الله "
فشرب جرعة واحدة منه وسرعان ما بدأ يتلذذ مذاق الحلومر بطرقية هي أقرب الى طريقة الارنب حينما يقرض الجزر او نحوه... !!
وقال " نعم انه مستساغ ومقبول وأردف قائلا "حقيقة انه حلو ومر في نفس الوقت.. ةمثل اسمه انه تطابق و ليس تناقض " وزاد.. "ها.. له رائحة غريبة.. هي أقرب للخمر" ...!!
فقلت له بلهجة فيها اعتراض على مقالته.. الا تثق في شخصي يا مامدو...!!
فرد وبسرعة "انا اثق فيك انت يا طيب لكنى لا اثق فمن صنعه من النسوة"
فتوكل وشرب منه حتى ارتوى ولما أراد الانصراف والذهاب الى غرفته.. اخذ ما تبقى من مشروب الحلومر معه و انصرف ...!!
ولما عدت من صلاة التراويح.. لاحظت ان باب غرفته مفتوحا الى اخره.. ومامدو متمددا في فراشه فاستغرب ...!! الا انى لم اعر حالته اهتماما فأغلقت باب غرفته وانصرفت...!!
ولكما حان موعد السحور لاحظت ان الباب في حالته التي تركت فعدت اليه علني أيقظه لتناول السحور فطرقت على بابه طرقا خفيفا ومن ثم فتحت الباب فاذا به لا يزال في حالته تلك غير انه مستيقظ فنظرت اليه فبادرني قائلا وفيه نوع من الكسل والموات ولا يكاد يتحرك من مكانه "هذا الحلومر قد اسكرنى انه خمرا" ...!!