اللغات السودانية في التربية والثقافة بقلم عبد الله علي إبراهيم

اللغات السودانية في التربية والثقافة بقلم عبد الله علي إبراهيم


05-13-2019, 05:18 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1557721101&rn=0


Post: #1
Title: اللغات السودانية في التربية والثقافة بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 05-13-2019, 05:18 AM

05:18 AM May, 12 2019

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




ثار على منبر "عابدين لست" نقاش حول منزلة اللغات السودانية في التعليم والثقافة في المجتمع الذي نرنوا له. وتوقفت عن حدين فيه. الحد الأول وهو حد الاحتجاج القديم على تطاول اللغة العربية على غيرها من لغات السودان. أما الحد الثاني فهو الإيحاء القوي بأن نقاش المسألة ما يزال منتظراً. والحدان بالطبع متناغمان.
ثمة تراثاً فرداً هو الحزب الشيوعي لم يناقش تنوع اللغات وسياسات الدولة بل له ممارسة فيها مثل اصدار منشور بلغات غير العربية. وقد أوجزت هذا التراث في كتابي "الماركسية ومسألة اللغة في السودان" خلال تفرغي بالحزب من 1970 إلى 1978. وصدر الكتاب بالرونيو في 1976 ثم من دار عزة في 2001.
ثم لما اشتركت في مؤتمر الحوار الوطني من أجل السلام في شتاء 1989 أوجزت مادة الكتاب في السياسية اللغوية في توصيات عن الثقافة والتربية أجازها المؤتمر ولم تعمل بها دولة الإنقاذ. وأعيدها هنا عليكم لأنها أوجزت وأوفت ما في الكتاب وليس لأن مؤتمر الحوار لوطني كان الغاية. وأرجو أن يكون "الماركسية ومسألة اللغة"، متى رجعتم له، بعض ما تنظرون فيه للتعاطي مع هذا الشأن الخطر الذي لم نتعد فيه طور الاحتجاج إلى طور الرؤية.
جاء في مقدمة توصيات الثقافة والتربية لمؤتمر الحوار الوطني أن التنوع الثقافي مصدر قوة للأمة. ويستوجب هذا علي الدولة أن تهش له وتواليه بكفاءة ليصبح قاعدة فكرية وشعورية يجتمع عليها السودانيون من كل حدب وصوب. فالإعلام على كل مستوياته المحلية والولائية والفدرالية مسؤول أن يستصحب هذا التنوع ويرقيه. وعلى أجهزة الإعلام الفدرالي خاصة أن تقتنع بان الإعلام خدمة تتعارف بوسائطها شعوبنا وقبائلنا على معاني الحرية والإلفة. ولم يقبل منا المؤتمر نصاً من لجنتنا للتربية والثقافة قلنا فيه إن الإعلام خدمة وليس دعوة.
ثم انتقلنا إلى توصية السياسة التعليمية ومسألة اللغات. فقلنا إن اختلاف الألسن رحمة وعليه تمتنع الدولة من إضفاء أية امتيازات على لغة بعينها أو ثقافة ما. وهذا ما جاء في بقية المشروع بالنص:
1) أن يكون التخطيط التربوي فدرالياً وأن يراعي في أدائه وكادره ومؤسساته خاصية التنوع الثقافي في السودان.

2) أن يعتبر التخطيط التربوي في هذا السياق الخبرة التاريخية للغة العربية لغة أم لجماعة سودانية كبيرة، ولغة تفاهم لجماعات سودانية عديدة، ولغة رسمية منذ استقلال الوطن، وأن يقررها في التعليم بالقدر الذي يخدم فيه هذه الأدوار بكفاءة.

3) أن يعتبر التخطيط التربوي في هذا السياق الخبرة التاريخية للغة الإنجليزية لغة ذات وضع خاص في الأقاليم الجنوبية، ولغة اتصال بلادنا بالعالم الخارجي، وأن يوظفها في التعليم بالقدر الذي يخدم هذه الأدوار.

4) أن يعتبر التخطيط التربوي في هذا السياق اللغات المحلية وأن يأخذ بالحكمة التربوية المقررة في لزوم ان يبدأ التعليم بتلك اللغات. ولضعف شأن هذه اللغات بالقياس الي اللغة العربية والإنجليزية وجب على التخطيط التربوي ما يلي:

ألا يعتذر بضيق الإمكانات ليحجب لغة محلية عن التعليم بشكل نهائي.
أن يتبني مبادرات الجماعات الثقافية والقبلية في تطوير لغاتها وتبنيها في مدارسها المحلية.
5) أن يعتبر التخطيط التربوي حقائق التنوع اللغوي والثقافي والبيئي خبرات او إمكانات تربوية مؤكدة يبدأ بها التعليم في المدرسة ولا يتعالى عليها. وبهذا تضاف خبرة التعليم في المدرسة الي الخبرات التي جاء بها التلميذ الي المدرسة والتي ما تزال تؤثر عليه في محيط بيئته. ولذا يجب على التخطيط التربوي:

أن يتصل بلغة الأم للتلميذ على نحو ما ذكرنا أعلاه.
أن يتصف المنهاج المدرسي بالمرونة ليتسع للتنوع الإقليمي والثقافي والبيئي. فبوسعنا تنويع الكتب المقررة عن طريق تفويض وكالات التعليم في الولايات والمجالس بتضمين تاريخ وثقافة التلميذ المباشرة في المقرر بطريقة خلاقة.
وعلى التخطيط التربوي اختراع النظم لمقارنة وتسوية اختلاف المناهج التي تنجم عن الاعتبارات السابقة لتخلص لنا شهادة قومية عامة للتعليم تأخذ بالتنوع ولا تحجب الوطن.