مبدأ العدال وأخلاقية دفاع المحامي عن الكيزان بقلم د.أمل الكردفاني

مبدأ العدال وأخلاقية دفاع المحامي عن الكيزان بقلم د.أمل الكردفاني


05-06-2019, 06:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1557162230&rn=0


Post: #1
Title: مبدأ العدال وأخلاقية دفاع المحامي عن الكيزان بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 05-06-2019, 06:03 PM

06:03 PM May, 06 2019

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر









تسربت قبل أيام بضعة اقاويل عن محامين يستعدون للدفاع عن البشير وزمرته. وكالعادة انطلق الجهلاء في الأرض يسنون سكاكين جهالتهم يطعنون كل محام يقوم بالدفاع عن طاغية أو مقترف اي جريمة بشعة.
الحقيقة تذكرت واقعتان مضحكتان جدا في هذا المحك:
- الواقعة الأولى: أنه في إحدى الدول العربية قام القاضي باصدار حكم بجلد المحامي خمسمائة جلدة لأنه دافع عن مجرم وهو يعلم أنه مقترف للمفسدة. لتكون هذه سابقة مضحكة جدا. ولا أعرف ما إذا كانت محكمة الاستئناف أو التمييز قد ألغت الحكم أم لا.
- أما السابقة الأخرى فهي حين عينت المحكمة محام للمتهم باغتصاب طفلة وقتلها فقام المحامي بحركة بطولية استعراضية جدا وأدان موكله في مرافعة أكبر من توقعات هيئة الاتهام.
وفي ذلك الوقت كتبت عن هذه المهزلة التي حدثت وأدنت ذلك التصرف غير المهني الذي أهدر أهم مبدا وهو مبدأ (المحاكمة العادلة)...
ومبدأ المحاكمة العادلة يعني أن تتوفر للمتهم كافة الضمانات اللازمة لمعاملته كبريء حتى تثبت إدانته ومن ثم يتم تمكينه من تقديم دفاعه بكل الوسائل القانونية المشروعة والتي كفلتها له مختلف القوانين الإجرائية والموضوعية والإثباتية.
والسبب في ذلك أننا لو فتحنا المجال للمحاكمات بدون تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه (كما في رواية المحاكمة لكافكا) فسنهدر مبدأ البراءة أولا والأخطر أننا سنمنح السلطات في الدولة صلاحية اتهام ومحاكمة وتوقيع العقاب على كل من يقف في وجهها. أو أن يخضع المتهم لتعسف شديد من قبل هيئة المحكمة بحيث يتم ايقاع العقاب به وهو بريء ، ولذلك يقال من ضمن مبادئ السياسة الجنائية أن إفلات ألف مجرم من العقاب خير من إدانة بريء واحد.
لكن السياسيين ينتهزون جهالة الناس بمبادئ العدالة الجنائية criminal justice فتراهم يحرضون العوام بالشعارات البائسة مثل (الاعدام في ميدان عام ؛ أعدموهم بدون محاكم ) فيخاف المحامون من الاعتراض على صخب الغوغاء ويمتنعوا عن التدخل دفاعا عن المتهمين.
إن مبدأ عدالة المحاكمة أعلى وأكبر وأهم من رفض المحامي للدفاع عن متهم مهما كان متأكدا من إقترافه للجريمة. لأن المحامي في كل الأحوال ملتزم أمام العدالة نفسها قبل التزامه أمام نفسه. فبغير العدالة تنهار مهنة المحاماة نفسها ثم تنهار دولة القانون ومن ثم تتحول إلى دولة يتم نصب مقاصلها ومشانقها في الميادين ليشنق كل شخص عدوه بمزاعم كاذبة وبدون اتباع لأي ضوابط أو ضمانات.
عندما صاح الثوار الفرنسيون
(اشنقوا أخر ملك بأمعاء آخر رجل دين)..
كان ذلك إيذانا بنهاية الثورة الفرنسية بحيث مهدت لحكومة الإرهاب.
إنني اطالب الحكومة القادمة (مدنية كانت أم عسكرية) بأن تلتزم مسلك القانون ليس فقط بمنع التعرض للمحامين الذين ينهضون للدفاع عن المتهمين أيا كانوا بل وفوق هذا أن تشكل لجنة دفاع من محامين يقسمون من جديد على أداء أمانة الدفاع عن موكليهم -وفق القانون- بكل نزاهة وملتزمين ببذل العناية اللازمة والكافية دفاعا عن موكليهم.
كان الناس يطلقون الشائعات على السيدة نفيسة والإمام الشافعي فسألوها معرضين عن رأيها في الإمام الشافعي فأجابتهم:
(إنه يحسن الوضوء)..
فألقمت الجهال حجرا من سجيل ، ذلك أن من يحسن البدايات يحسن النهايات ومن يضيع البدايات يضيع النهايات وهذا هو حول الدول الناشئة والتي تحفر سبيل مخاضها نحو الحق والعدل.