لحظة بيان رقم (1) بقلم سابل سلاطين

لحظة بيان رقم (1) بقلم سابل سلاطين


04-13-2019, 01:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1555158488&rn=0


Post: #1
Title: لحظة بيان رقم (1) بقلم سابل سلاطين
Author: سابل سلاطين
Date: 04-13-2019, 01:28 PM

01:28 PM April, 13 2019

سودانيز اون لاين
سابل سلاطين-USA
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم

– واشنطن
[email protected]
أهازيج من السرور والبهجة غمرت قلوبنا التي كانت حبلي بفرح كبير, وحلقت آمالنا التي كانت مخبئة بين حنايا وطيات القلوب ونحن في منزلنا المتواضع بحي ( ألكساندرية ) وأمامنا شاشة التلفاز محدقين عليها بترقب وحرص شديد علي الشريط الإخباري الذي كان يتحفنا بإعتقالات أفراد العصابة الإجرامية , حينها سمعنا أن البلاء الأكبر قد أنجلي , وأن هنالك إنقلاب وسوف يذاع علينا بيانا فترقبوه !!!!
كان الترقب مصحوبا بالحرص الشديد وكانت تراودنا إحاسيس سلبية ولكننا كنا نقاومها بآمال كبيرة في التغيير الشامل . كانت لحظات سرور وفرحة منقطعة النظير , حيث كان كل واحد منا يحلم بوطن كامل الدسم خالي من كل فيروسات وبكتريا البلاء والفطريات الضارة , كانت أعيننا مرهقة من جراء يوم طويل من العمل إلي إنتظار فجر مرتقب يبشر بإشراق شمس من الحرية والسلام والعدالة , إنتظرنا حتي ساعات متأخرة من الصباح الباكر محدقين الي شاشة التلفاز , نرجوا أن يعجل علينا بذاك الخبر السار الذي كنا ننتظرة ثلاثون عاما , حينها أدركت أن تفاصيل الإنتظار الصغيرة هذه تجعل الإنسان يحس بالإنتماء والإرتباط والتواصل وحب الوطن الكبير , وحينها طاف خاطري محلق عبر هنيهات من الماضي الجميل حيث كنت أنتظر حبيتي علي ضفاف النيل الفياض بالمياه العذبة أحاور مياهة بلغة خاصة أجذب أمواجه بسحر الكلمات الرائعة تجاهي وأطلقها حرة مرة أخري , أدغدغ جسد النيل الناعم بحصي من الاحجار الصغير فما كان له الا أن يبتسم اليّ بفوهة صغيرة من فقاقيع مياهة العذبة ويمر مسرعا نحو إتجاهه , أتابع جريان أمواجه نحو الشمال وأربت عليها وأحس بأنني أمسح شعر حبيبتي الأزرق الطويل أحاوره بلغة الحب الجارفة , أظل هاكذا أنتظر قدوم حبيبتي التي لم تأتي بعد إنتظار طويل , وعندها إيقنت إنني سوف أنتظرها كثيرا , ولكن مياه النيل العريقة أجبرتني أن ألتمس لها العذر الجميل لأنها (كنداكة) والكنداكة لها واجبات تجبرني أن أصتنع لها العذر الذي منعها من الحضور , فتحديات اللحظة منعتني في أن أخاصم حضورها في هذه اللحظات لأنني كنت أسكن وأعيش في لحظات حب مع مياه النيل العظيم الذي يروي وطني الكبير فما من لحظة أخذتها منه الا وكانت فيها حلاوة وقبول , فكانت لحظات الإنتظار تصعب علي أن أنفصل من إغرائها كما هي لحظة إنتظارنا في بيتنا المتواضع سابقا , كنا نتراشق بالحديث والتكهنات الإيجابية عسي أن نطمئن أنفسنا بأمل حالم بالمستقبل الكبير .
عندها جاءت لحظة غضب أصابت كل مفاصلنا , وسحابة عكرت صفاء لحظاتنا وحضرة وجودنا الناعم الذي كنا نتناقش فيه عن أحوال ( عازة ) لأن في هواها حضورا قدسي جميل صعب أن ينفصل , كما يصعب علي الشفاة ان تنفصل علي إغراء القبلة الناعمة !!!! كانت أعيننا تذرف زخات من دموع الغضب الدافئة المحملة بهيجان دواخلنا التي كانت تغلي كالمرجل كانت لحظات إمتعاض , و كانت الصالة التي كنا نجلس عليها لا تسعنا لأن ضيوف الغضب التي حلت علينا فجأة في تلك اللحظة كانت تشغل حيزا وجودي بيننا , وكنا نوهم أنفسنا بأننا لم نسمع شئ أبدا , وبعضنا قرر إغلاق التلفاز , ولكن شهود اللحظة وتوثيقها في ملف الذكريات كان وازع في مواصلة الإستماع !!!
كان النوم في تلك اللحظة كأنه عصافير فرة من قسورة لم نذق طعمه , وكانت شفاهنا تنطق بألفاظ لم نعهد نطقها من قبل من شتائم وسباب . كان يوما آليما بمعني تفاصيل الكلمة والمعني , كان الآلم يتوغل في تفاصيل كل لحظة فينا , ولكن إشراقات الأمل كانت دائما تراودنا , وكنا نعلم أن ثمرة الثورة ليست تفاحة تسقط عندما تنضج ولكنك عليك أن تجبرها علي السقوط . فثوار الوطن الشرفاء منحونا آمل كبير بتواجدهم العامر الكبير حول كعبة النضال . الكعبة التي توصل ندائاتهم العالية الي جبهة القوة والعزيمة والرجال الي قوات شعبنا وحامية وطننا الكبير الي الشرفاء الذين يحملون السلاح دفاعا عن الوطن والمواطن, ويتعطرون برائحة ترابه المقدس , فأنتم يا قواتنا المسلحة مثل القهوة العجوز المعمرة لها أحفاد شرفاء بررة يقبلونها كل صباح ومساء حبا وبرا وإنتماء روحي لها !!!! فاليوم أيها الشرفاء دوركم في تقبيل فناجيل القهوة التي تقلي بآيادي (حبوبات ) الوطن الكبير ( الكنداكة , ومندي , مهيرة , ملكة الدار.... ألخ ) فحب قهوتهم هو ذاك النيل العظيم بعظمة نضالهم الخالد , وعطر ( خمرتهم) و مسكهم هو ذاك الإرث المسطر علي كتب التاريخ ,و سلاحهم هو مواقفهم العظيمة التي غيرت مجري التاريخ وصححت أخطاء الغزاة الظالمين , فهذه دعوة أيها الشرفاء في رحاب الوطن الكبير تؤدون دوركم السامي في حمي الأوطان حتي يكتب لكم التاريخ دوركم العظيم في تصحيح مجريات الثورة التي يشهد لها العالم اجمع أن تكون مثالا لفجر عظيم حافل بالنماء والتعمير .
مواقفكم أيها الشرفاء واضحة عبر التاريخ و نداء الثورة والثوار لكم الآن واجب وطني , فالطريق مظلم الآن وحالك , فإذا لم نضحي ونحترق فمن يضيئ الطريق لإحفادنا القادمون علي درب المستقبل !!!؟
الثورة رسالة قدسية تحملها في اعماقك وتموت من اجلها .. ! وليس بالشيء الذي تحمله في فمك وتعيش على حسابه فهذا هو قسم كل ثائر يريد التغيير والعيش في حرية وسلام وعدالة لأن العدل هو أساسا للحكم فإن لم يكن الشعب علي وعي وثقافة ودراية قبل الثورة فلا يلومة أحدا عندما تسرق ثورته .
شعبنا اليوم يعرف كيف يقود الثوارات , وسيكتب التاريخ بأن هذه الثورة التي إندلعت في وجه نظاما دام الثلاثون عاما من البطش و تخريب مقدرات الوطن أنه شعب ترفع لهم قبعات أوروبا و أمريكا , وعقالات العرب , وعمائم كل مواطن شريف حريص علي مصلحة الوطن , وللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق , فالثوار الذين يقفون أمام قياداتهم الشرفاء اليوم ويبذلون الدم رخيصا من أجل الوطن ويهتفون بنصرا قادم من عند الله موثقا بمبادئ السلام والعدالة وخيارات الشعب , هم جيل الله المختار الذي خصهم برسالات إنقاذ الأمة من قضيب الظالمين فإنهم آلة من الزمن القديم عادوا إلينا لكي يجسدوا لنا حكايات الخلود .
وإنني أؤمن بحقي في الحرية والسلام والعدالة وحق بلادي في الحياة في عز وكرامة , وهذا الإيمان أقوي من كل سلاح بطش وقتل وتنكيل . هذه الثورة العظيمة المبدعة في تفاصيلها أتمني أن تزيل البأس واليأس من النفوس , وأن المبدعون الذين يطالبون بحقوق الشعب والوطن نيابة عنا هم أشرف خلق الله في الأرض والله لايضيع كل من أحسن عملا . فهذا وعد من الله فوعد الله لا يخيب أبدا .
أتمنى لكِ يا وطني العظيم بجيله وبإسم الثورة والثوار الشرفاء أن ترتدي ثوبا نظيفا لامعا تزهو به به بين الأمم تعبيرا عن شموخ جيل لهب ثورته فأصبح معلم ومبدع وخلاق .
لكي تصير ثائرا مبدعا ، لا تدع اليائس يتملك قلبك , أخرج وأبدع فالمبدعون هم الثائرون ضد الظلم , و لا تنتظريني ولا تنتظرين أحدا ، انتظري الفكرة ، لا تنتظري المفكّر ، انتظري القصيدة ، ولا تنتظري الشاعر ، اتظري الثورة ولا تنتظري الثائر ، المفكّر يخطئ ، والشاعر يكذب ، والثائر يتعب و الثورة لم تبدأ بعد , الثورة هي ثورة العقول التي إنفجرت وعمت تفاصيل الوطن الكبير .
لكم التحية أيها المبدعون الطامحون الراكعون الساجدون المهللون الذين يرسمون خارطة الوطن الكبير بأروع الآلون الجميلة الرائعة .
بعد الأفق الراقي والآلق الجميل يحملني علي براق من الأحلام وأتخيل تفاصيل الأشياء علي واقع الأرض هناك أمام بيت قدسيتك الشريفة وانتم رائعون كما عودتمونا يا شعبا لهبت ثوريتك بعد ظلم دام سنين طوال , ستلقي مرادك وألفي نيتك عبر ثمرة الثورة والنضال الذي راح ضحيته شهداء نحتسبهم وقود لنا في دفعنا للأمام ونترحم لأرواحهم عند الله .
عندما تقود الحكومة الشعوب إلى الخراب بشتى الوسائل و الإمكانيات يصبح عصيان كل فرد من أفراد الشعب حقًا من حقوقه ، بل واجبًا وطنيًا .
الحب يغمرني والشوق يغتاني كل لحظة وبعد المسافات يحرمني من توثيق نفسي بين هؤلاء العظماء ولكن شرود الفكر يرحل محلقا بين سماء الوطن في هذه اللحظات سارقا وجودنا الإفتراضي بينكم عبر وسائل التواصل الإجتماعي , والدعم المتواصل لمواصلة تلك الثورة العظيمة , لكم التحية والتقدير أيها الأشبال والكنداكات وكل الذين رسموا لوحة الوطن العظيم .
(الكندكة) هي رمز أصيل لتلك المناضلة الجسورة التي نفحت التاريخ بأريج من الزخم النضالي و التي أصبحت مبادؤها وقيمها إفتراض علي كل مواطن حريص علي أرض الوطن دفاعا عنه من أجل أن تسود الكرامة والعدالة والحرية والسلام فالكندكة أصبحت سلاح يحملة الإنسان السوداني الشريف الحريص علي الوطن الكبير دون تحيز لفئة ودون إقصاء للآخر , فقوموا أيها الشرفاء لرفع شعار الكندكة يرحمكم الله , حتي تتحق الآماني السامية التي تصبون إليها .
لقد أثبتت هذه الثورة بأنها هي الفجر الباسق الذي أينع وسطع نجوم مضيئة بين ثورات التاريخ البشري , ثورة أسقطت وقطعت رآس حية النظام الثانية بعد أن إقتلعت الراس الأكبر من قبله .
لكم التحية والتجل والإحترام وقد عجزت بنت عدنان من الوصف بالكلمات لكي تعبر عنكم أيها الشرفاء.
المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول , المجد للثوار والمجد للإصرار والمجد للشرفاء والمجد للشهداء وللموت الكريم .