الشعب يريد استعادة قومية الجيش بقلم د. الصادق محمد سلمان

الشعب يريد استعادة قومية الجيش بقلم د. الصادق محمد سلمان


04-10-2019, 02:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1554901561&rn=0


Post: #1
Title: الشعب يريد استعادة قومية الجيش بقلم د. الصادق محمد سلمان
Author: د.الصادق محمد سلمان
Date: 04-10-2019, 02:06 PM

02:06 PM April, 10 2019

سودانيز اون لاين
د.الصادق محمد سلمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم


الاحترام الذي يكنه أفراد الشعب للجيش له تاريخ طويل، فمنذ أن تكون هذا الجيش تحت حكم المستعمر، سجلت له كثير من المواقف المشرفة في داخل وخارج البلاد حفظها له التاريخ حين شارك ضمن قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية او عندما كان ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في بعض الدول او في مصر إبان حرب أكتوبر، أما مواقفه داخل وطنه فقد كانت موضع تقدير من الشعب ، ففي كل الأوقات التي مرت فيها البلاد بأزمة سياسية وكان الوطن في مفترق طرق كان هو الملاذ الأمن للجميع.
في كل تلك المواقف سواء في الخارج او الداخل كانت مواقف الجيش تستند الي مرجعية تجمع بين تقاليد وأخلاق وقيم المجتمع السوداني الإنسانية والعقيدة المهنية في الانضباط في نفس الوقت. َفصورة الجيش في االذهن السوداني تعني البطولة والشجاعة والشهامة والرجولة . والذين تناولوا تاريخ الجيش السوداني ذكروا ما قامت به الكتيبة السودانية المشاركة مع الجيش البريطاني في الحرب الثانية ودفاعهم عن شرف الليبيين عندما وقفوا أمام الجنود الآخرين الذين كانوا يريدون استباحة المدينة ، وفي الكويت رفض قائد القوة وبعد انتهاء مهمة وحدته رفض قبول منحة مالية قدمتها الحكومة الكويتية له ولجنوده مما ادهش الكويتيون.
أما مواقفهم في الأزمات السياسية في داخل الوطن فقد كانت تعبر عن قومية الجيش وحياده السياسي الأمر الذي يجعل الأطراف تلجأ اليه وهي مطمئنة لتحمل مسئولية البلاد في تلك الظروف الصعبة حتى تنقشع الأزمة ، فعندما تأزم الموقف السياسي في البلاد في عهد الفريق عبود اندلعت الثورة في أكتوبر عام ١٩٦٤ وخرج الناس الي الشوارع مطالبين بذهاب حكومة الفريق عبود، وقف الجيش مع الشعب بما فيهم الفريق عبود نفسه، وسقطت حكومة الفريق عبود، وتم تسليم السلطة للشعب، وتم نفس الأمر في ثورة أبريل ١٩٨٥ فقد انحاز الجيش لمطالب الشعب الممثلة في ذهاب حكم الرئيس نميري وحزبه الحاكم الاتحاد الاشتراكي.
الثورة الحالية التي اندلعت في ديسمبر واجهتها قوات الأمن وميليشيات النظام باستخدام القوة المفرطة رغم سلمية المحتجين، ومع استمرار الاحتجاجات وسقوط مزيد من الضحايا كان عشم المحتجون ان ينحاز الجيش إليهم كما حدث في السابق في أكتوبر وابريل ، لكنهم فوجئوا بالقيادات العليا في الجيش توجه لهم الاساءات وتصفهم بشذاذ الآفاق في اجتماع ضم هذه القيادات وكبار الضباط مع رئيس الجمهورية، وكانت خيبة امل وصدمة كبيرة للشعب، فقد كان العشم كبيرا في جيشهم ان يحذو حذو سلفهم من رفاق الدرب الذين لم يخذلوا شعبهم عندما استنجد بهم. ورغم الإمتعاض من هذا الموقف الا ان قطاعات واسعة من الشعب في قرارة نفسها تعتقد بأن موقف القادة لا يمثل كل الجيش، وان الغضب والانتقادات التي وجهت للجيش تأتي من العشم الكبير في الجيش خاصة وانهم كانوا يعولون على موقفه لنجاح الثورة ،أما القادة الذين أساءوا للمحتجين فقد كانوا ينطلقون من موقف سياسي مؤيد للحزب الحاكم، فالإنقاذ التي جاءت الي الحكم من خلال انقلاب نفذه عناصرها في الجيش فعلت بالجيش ما فعلته بقطاعات الدولة الأخرى من خلال التمكين عندما قاموا بإحالة إعداد كبيرة من ضباط الجيش للصالح العام وجاءوا بالموالين بدلا منهم ولم يراعوا قومية الجيش، فقد كان المفروض ان يكون هؤلاء القادة حتى وإن كان لهم انتماء سياسي يجب أن لا يتخلوا عن مهنيتهم ويحافظوا على قومية الجيش التي ظل يحافظ عليها طوال تعاقب أنظمة الحكم على البلاد،
هناك اتفاق بأن ثورة التاسع عشر من ديسمبر تختلف في حيثياتها عن تجارب الشعب الثورية التي حدثت من قبل في أكتوبر ١٩٦٤، وابريل ١٩٨٥، وبنفس القدر فإن هذا الاختلاف يسري على كل المعطيات والظروف والناس ومكونات الدولة والمجتمع في السودان. ففي خلال الثلاثين عاما التي حكمت فيها الإنقاذ لم يبق شىء على حاله، وتبدلت أشياء كثيرة، بما فيها وضعية الجيش، لكن رغم ذلك لا يعني أن الجيش وضباطه كلهم أصبحوا من الموالين للنظام.
ان الاعتصام الذي قام به المحتجون أمام القيادة العامة للجيش في يوم السادس من أبريل وهو يصادف ذكرى ثورة أبريل، والذي لا يزال مستمرا حتى اليوم، الهدف منه مطالبة الجيش ان ينحاز للشعب ويتولى زمام الأمور والإشراف على انتقال السلطة للحكومة انتقالية تتفق عليها قوي الحرية والتغيير التي دعت لهذا الاعتصام وبذلك يكون قد تحقق مطلب الشعب باستعادة قومية الجيش التي تلوثت في عهد الإنقاذ ويصبح الجيش حامي الوطن لا حامي لنظام أتى بغير ارادة الشعب.