لا خير في أمة لا تقدر رموزها بقلم حسن إبراهيم حسن الأفندي

لا خير في أمة لا تقدر رموزها بقلم حسن إبراهيم حسن الأفندي


04-01-2019, 02:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1554124031&rn=0


Post: #1
Title: لا خير في أمة لا تقدر رموزها بقلم حسن إبراهيم حسن الأفندي
Author: حسن الأفندي
Date: 04-01-2019, 02:07 PM

02:07 PM April, 01 2019

سودانيز اون لاين
حسن الأفندي-
مكتبتى
رابط مختصر





تبرز بين حين وآخر أخبار تنحر في قلبي وفي كبدي ...مرة يقولون سيباع بيت زعيمنا الأزهري ... وهذا يعني بيع أمة بحالها ... ومرة أقرأ كارثة بيت الزعيم الخالد محمد أحمد محجوب ويا للعجب وكأننا لا نعرف لهؤلاء وغيرهما من قيمة ولا زعامة ولا نضال ولا تضحية ولا نكران ذات ... وكأن هذه المنازل لم يطفح فيها أصحابها الدم لبنائها إذ عفوا عن الكسب الحرام وبنوها بحر مالهم وبجهد وعرق وتعب وجعلوها بيوتا تأوي إليها قضايانا العضال وتستقبل أبناء أمتنا وضيوف السودان ... هذه البيوت لرموز لا تتكرر ومن هنا كان لزاما علينا المحافظة عليها فهي تاريخ وأصالة ورمزية لنضال وطني ممتد :
أيا منزل اسماعيل جئتك باكيا... أسير بآلامي و أندب ماضيا
زمان نضال كنت أنت زعيمه... وكنا جنودا لا نضيع المراميا
تألق فينا نجمه كل خافت... و ما كان قرص الشمس بعدك كافيا
علوت على كل الصغائر قادرا... جريئا شجاعا ما ركبت تراخيا
كأني أبا الأحرار ما زلت بيننا... تجود برأي غاب بعدك خافيا
أكتوبر 1969
وجاءت أخبار تنقل إلينا أن منزل اسماعيل ( بيت الأمة ) لن يباع ’ فارتاح بالنا بعد جزع وفزع ... ولكننا فوجئنا هذه الأيام بموضوع مؤلم (كارثة بيت زعيم الأمة محمد أحمد محجوب )!!!!!!!
لا أنكر أنني أرى في الأزهري الأب والقدوة والمثال الرفيع ..ولكنني رغم ذلك كله أجل وأقدر رموزا عظيمة الأمير نقد الله وحسن محجوب وعلي عبد الرحمن الضرير وقائمة الاتحاديين من الفضلي والمفتي وحسن عوض الله وأبو حسبو وزروق والقائمة تطول ... كانوا لنا كلهم قيادة ورموزا وعاشوا فقراء وماتوا وهم فقراء إلا من إيمانهم بالله ورسوله ووطنهم وشعبهم وأمتهم ... خرجوا من الدنيا بلا مال إلا من سيرة حميدة خلفوها وراءهم .
ولكنني بصدد كارثة بيع بيت المحجوب ...ذكراه لا تفارقني هذه الأيام وقد بعثت له قبل أيام بقصيدة شعر وأنا أذكره في أيام المحنة والأسى ...
وقفت أتذكر يوم أن أسقطه البرلمان عن رئاسة الوزارة وانتخب أحد الشباب يومها ..وقف المحجوب منتصبا شامخايقول : لا أريد أن أفسد على السيد رئيس الوزراء بهجة يومه في يوم انتخابه الأول ’ وأنشد من شعره :
أنا يا شعب ما طويت على اللؤ ***م جراحي ولا جرحت اعتقادي
وكفى المرء فخــــرا أن يُعــادى*** فـي ميادين مجــده ويعــــادي
وهذان البيتان أغلى من السبعين ألفا من الدولارات التي قيل أن منزله بيع بها .
تذكرت النكسة العربية الكبرى التي حلت بأمتنا العربية سنة 1973م فكانت قمة الخرطوم الشهيرة وهي أنجح قمة عربية جرت عبر التاريخ العربي بلاءاتها الثلاثة ...قادها ودعا لها الزعيمان الخالدان الأزهري والمحجوب وكان للسودان وزنه وثقله وحجمه المشهود وكلمته النافذة عالميا وعربيا وأفريقيا ....يكفي أن خطاب الأزهري بمطار الخرطوم عند عودته من مصر مواسيا ومؤازرا دفع معظم الدول أفريقية لقطع علاقتها باسرائيل...ويكفي أن منزل المحجوب جمع بين هرمي العرب الشهيد الملك فيصل وقامتنا الشامخة جمال عبد الناصر ليتصافحا ويتصالحا ويدفع جلالة الملك فيصل بسخاء لإعادة بناء الجيش المصري ...
يكفي يكفي ...فماذا أخذ منا الرئيس الشهيد الأزهري وماذا أخذ منا الزعيم المفوه المحجوب حتى يبرز هنا وهناك من يرمي هذا بحجر وذاكر بحجر آخر ... ولما لم يجدوا على أحد منهما ما يشين قالوا إن الأزهري أتى بالاستقلال ومن عجب يقولون أننا لا نستحقه رغم الثورة المهدية وتضحية ثوار سنة 1924م وكفاح أحمد خير ومؤتمر الخريجين والجبهة المعادية للإستعمار والمك نمر ... وقالوا عن المحجوب إنه ارتكب موبقة بضمنا وهو وزير الخارجية للجامعة العربية !!!!! وعجبي فهكذا علق أحدهم على قصيدتي ( رسالة إلى المحجوب ) ...لم يجدوا في التفاح عيبا فقالوا له يا أحمر الخدين !!!
ألقى المحجوب وزير خارجية السودان يومها خطابا عن الأمة العربية جمعاء بمناسبة النكسة تناقلته العرب والأعارب والعربان واليعاربة والعجم والأعاجم والشرق والغرب والجنوب والشمال وسارت به الركائب والركبان بينما كان القامة محمود رياض وزيرا لخارجية مصر يومها .... وسيظل خطابه مشنفا لكل أذن حتى قيام الساعة .
ترى أي أمة تلك التي لا تقدر رموزها ؟ وأي رموز هي ؟
أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع