Post: #1
Title: الحيطة !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 02-27-2019, 01:57 PM
12:57 PM February, 27 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
> فهي موضوع كلمتنا اليوم..تشبيهاً.. > فهناك من يمشي جنبها - إيثاراً للسلامة - ويُقال عليه (ماشي جنب الحيط).. > وهناك من لا يرضى إلا بأن يكون فوقها..ولو يدق عنقه.. > وفي دنيا الإبداع خاصة لا ينفع التلبّد خلف الحيط وترديد (يا دار ما دخلك شر).. > وهذه الدنيا تشمل السينما..والشعر..والرواية.. والإعلام.. > فالمشي جنب الحيط ضد الإدهاش..والإمتاع..والذيوع.. وجرأة الطرح.. > واستوقفني حوارٌ أُجري مع النجم التلفزيوني لاري كينغ.. > وهو بالمناسبة استقال من تلقاء نفسه بعد بلوغه التسعين..وفقدته الـ(سي إن إن).. > فالمبدع لا يُحال إلى التقاعد إلا في بلادنا؛ وأشباهها.. > والآن أشهر مذيعة في العالم تخطو نحو السبعين..وهي أوبرا وينفري.. > سُئل لاري عن سر نجوميته الطاغية فقال (الإيجاز).. > وشرح أكثر فقال إنه يعتمد أسلوب الأسئلة السريعة..الموجزة..الخاطفة.. > ثم لا يدع ضيفه يسرح..ويمرح..و(يتجدع).. > فهو يأخذ بخناقه..وخناق الحوار..وخناق الزمن..وخناق المشاهدين.. > وإذ يفعل ذلكم كله يكون على رأس الحيط..لا جنبه.. > لا يتهيب..ولا يرتجف..ولا ينظر إلى مكانة ضيفه؛ وإن كان الرئيس نفسه.. > وأتمنى لو فُرض هذا الحوار (درساً) على مذيعينا.. > إذن.. لخجلوا من أنفسهم وهم يثرثرون بسخيف الكلام..ويمشون جنب الحيط.. > وفي مجال الإبداع الصحافي لاحظت شيئاً عجيباً.. > نعم.. فالصحافة إبداعٌ لا ينفع معه زحفٌ جنب الحيط..ولا هو ينفع معه.. > ثم المصيبة إن كان مع هذا الزحف خلوٌّ من الموهبة.. > فهو في هذه الحالة أشبه برص للطوب؛ بعضه فوق بعض..وكلام فوق كلام.. > ما لاحظته أن أغلب إعلاميي (مايو) هم نسخٌ من سياسييه.. > إذا أراد أحدهم قول كلام يظن أنه يجرح خاطر الحكومة يتعب تعباً شديداً.. > يتعب هو..ويتعب الكلام..ويتعب القارئ المسكين.. > فهو يسافر به لرأس الرجاء الصالح..ثم يرجع به مترنحاً من رهق السفر.. > ولا يكاد يعرف (رأسه) من رجليه..ولا يعود كلاماً (صالحاً).. > وحتى الذين هم في مجال الرياضة منهم من يمشون جنب الحيط..شيء عجيب!!.. > ومن المبدعين الذين وقفوا على الحائط - منذ البداية - سبيلبرغ.. > منذ أن أخرج فيلمه (العربة)..وحتى الآن؛ وقد تجاوز السبعين من العمر.. > فالمبدع لا يموت إبداعه إلا بموته..ولا يعرف (المعاش).. > وأحد أوجه إبداع هذا المخرج المذهلة أنه يقف دوماً فوق الحيط..وينظر.. > ينظر إلى الفضاء..ودواخل السياسة..وحقائق المسكوت عنه.. > وفي فيلمه لينكولن نظر إلى مقولته الشهيرة (أمشي بتؤدة..ولكني لا أرجع للوراء).. > ثم نظر إلى مشيته هذه نفسها فرآها تماثل حكمته.. > فكانت آخر خطاه الوئيدة إلى حيث مصرعه - بالمسرح - أبدع خاتمة للفيلم.. > والصمت المخيم أفضل موسيقى تصويرية.. > وعندنا..أجمل إبداع هو الذي (يمشي بتؤدة).. > جنب الحيط !!.
alintibaha
|
|