إنتا زول طيِّب ... !! - بقلم هيثم الفضل

إنتا زول طيِّب ... !! - بقلم هيثم الفضل


12-13-2018, 05:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1544676438&rn=0


Post: #1
Title: إنتا زول طيِّب ... !! - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 12-13-2018, 05:47 AM

04:47 AM December, 12 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة



في هذا الزمان إذا سمعت أحدهم يقول لك ( ياخي إنتا و الله زول طيِّب ) ، عليك فوراً بمراجعة ما ربط بينك و بينه من معاملات خصوصاً إذا كانت متعلقة بحقوق و واجبات مالية ، إذ أنه في أغلب الأمر ستكون قد تخليت عن كثير من الذي لك عنده ، إما بفعل الغفلة أو الخطأ الحسابي أو شيء آخر مما يُقال عنه ( في نفس يعقوب ) ، ففي عصرنا الحالي الذي تعتبر ( الذاتية ) أهم سماته إضافةً إلى الجنوح الفطري تجاه تحقيق المكاسب الشخصية و لو على حساب الغير و المصلحة العامة ، فضلاً عن عدم الإكتراث لأن يكون الكسب المادي أو الوظيفي أو المعنوي حراماً أم حلالاً ، وجب على الغافلين من ( الطيِّبين ) دائماً شدة الحذر و كثرة التوجس من كل حركة و سكنة يبديها الغير تجاهك إيجابيةً كانت أو سلبية ، فالزمان على ما يبدو أصبح زمان الفهلوة و القدرة على مجاراة الواقع بكل ما هو متاح من أدوات بما في ذلك الرياء و الكذب و التضليل و ( نفخ الجوخ ) إن دعا الحال إلى ذلك ، صدقوني لا يستطيع مجمل الناس في وطننا السودان أن يتحققوا ملياً مما آلت إلية حالة الأعراف و الأخلاقيات العامة المتوارثة لأنهم في حقيقة الأمر يدورون في ( محور ) الدوامة التي تمثلها كثرة و تطور تعقيدات الحياة اليومية و إنهاكاتها المتعلقة بالصراع اليومي حول الحصول على لقمة عيش شريفة و لو كانت في مقام الفتات ، فالغلاء الذي إستشرى و آذى كل ذي حالٍ رقيق فضلاً عن رفع الدولة أيديها عن كل أنواع الدعم في مجالات هامة و إستراتيجية بالنسبة للإحتياجيات الأساسية و الضرورة لعامة الناس في مجال المحروقات و السلع الغذائية الإستهلاكية و التعليم و الصحة ، كلها شكَّلت نوعاً من الغشاوة التي تمنع الواقعين في محور الدوَّامة عن التقدير الصحيح و الحقيقي لما حدث في أمر أخلاقيات المجتمع السوداني المتعارف عليها ، و لعل أكثر الناس قدرةً على تبيُّن الفارق و التغيير في هذا المجال هم المغتربين أو الذين قضوا سنوات عديدة بعيدين عن الوطن ، فإذا عادوا وجدوا أن العلاقات الإجتماعية التي كانت قديماً مضرب مثل دولي و إقليمي في مجال التكاتف و التعاضد قد شابتها ( النزعة الفردية ) ، و أن الصدق و الأمانة في المعاملات التجارية و العامة ، حتى و لو كانت مع جهة حكومية أصبحت بقدرة قادر في خبر كان ، و السجون و روادها من الغارمين تعجُ بالشواهد و تؤكد ذلك يوماً بعد يوم ، فإذا إستشرت حالة الفساد في نطاقها الرأسي على المستوى الرسمي و لم تُجابة بالردع الصارم أو الإشارات الواضحة التي تفيد التحقيق فيها و السعي لمحاسبة مرتكبيها ، تبع ذلك بالضرورة حالة من التوجس و الريبة و الرغبة الفطرية في ركوب ( موجة الفهلوة ) و ( الشطارة ) الخدّاعة داخل المجتمع برمته و خصوصاً في إطار التعاملات التجارية و التعاقدات الخدمية و غيرها من الحِراكات الإجتماعية التي طالما أسستها و نظَّمتها مجموعة من القيِّم و العادات و الأعراف و الأخلاقيات تم الإتفاق حولها ضمنياً منذ أمدٍ بعيد .. إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن ذهبوا أخلاقهم ذهبت.