تعديل دستور الزار بقلم د.أمل الكردفاني

تعديل دستور الزار بقلم د.أمل الكردفاني


12-05-2018, 03:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1544021910&rn=0


Post: #1
Title: تعديل دستور الزار بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-05-2018, 03:58 PM

02:58 PM December, 05 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





طبعا لا شيء أكثر اثارة للضحك من تصرفات الأنظمة القمعية ، فهي تتكرر وتستنسخ تصرفاتها في اي دولة بذات النظام والمنهج والأسلوب. حيث يقوم النظام بكتابة خربشات كثيرة لا معنى لها ويطلق عليها مسميات لطيفة كدساتير وقوانين ومواثيق ....الخ ... المهم .. يتقيأ النظام بحورا من الكلمات والجمل ثم يجري احتفالات ضخمة يدعوا لها الغاشي والماشي وأهمهم طبعا رؤساء الدول الشبيهة ، الذين هم ايضا يسعدون بهذا التهريج السخيف والمسرحيات العبثية المملة التي لا تثير الا ضحك العالم الحر من حولهم. جورج اورويل التقط هذه الثيمة المكرورة بذكاء في روايته مزرعة الحيوان ، حيث تكتشف حيوانات المزرعة كل يوم أن الخنازير الحاكمة تغير الدستور لمصلحتها... حتى تحولت حياة الحيوانات في ظل حكمها الى كائنات بائس تتمنى عودة مالك المزرعة من جديد.
مزرعة الحيوان أقدمها على كافة الروايات بل كافة اجناس الأدب والفن ، لأنها رواية عرت موقف السلطة من الفرد والفرد من السلطة ، وعكست كافة أنواع الدوافع الانسانية الطيبة والخبيثة التي تشكل تفاعلهم المستمر تحت ظلال الشعارات والمثل الطوباوية. وخلافا لما حاول المحور الرأسمالي تغبيش هدف الرواية وتزييف غايتها كاستهداف للنظام الشيوعي لكن نهاية الرواية لم تكن تعين هذه المحاولات الفاشلة ، لقد أخذت وجوه الخنازير تنمسخ الى وجوه بشر ووجوه البشر الى وجوه خنازير ، كان ذلك الاجتماع الأخير بين الشعارات الشيوعية والشعارات الرأسمالية إيذانا بتحالف القوى المسيطرة ضد الانسان.. ضد حريته وضد العدالة التي يحلم بها وضد استغلاله وتجهيله منذ الأزل.
إن نهاية مزرعة الحيوان لم تكن مفتوحة كما يعتقد البعض بل هي نهاية دائرية لأنها تلقي بالانسان المقهور في عجلة التاريخ المكرورة.
تعديل الدستور الذي يدعوا اليه نظام الاسلامويين ليس شيئا مثيرا لدهشتي ، بل المثير للدهشة حقا هو ان لا يتم تعديله ، بل الأكثر اثارة للدهشة أن يكون هناك دستور أساسا ، فلماذا يطبق الشخص بيده على عنقه بالتزامات وهو متأكد من أنه غير قادر على الوفاء بها. إن أول التزام وضعه الله تعالى لم يوجه للبشر ولا للملائكة بل وجهه الله نفسه لنفسه فقال:
(إني حرمت الظلم على نفسي).
لماذا فعل ذلك؟ ولماذا الزم نفسه بهذا القيد الصعب على حريته المطلقة ، ومن كان ليعترض لو أنه ظلم؟ لقد فعل الله تعالى ذلك ليعلن للناس دستورهم تجاهه ، فهو أول دستور وضع للناس قبل ان يعرفوا معنى الدساتير. وهدفه تعالى من ذلك هو أن يؤمن الانسان بأن كل ما يأتيه مما يبدو خيرا او شرا هو رحمة له معتمدا على القاعدة الوحيدة في ذلك الدستور وهو تحريم الله الظلم على نفسه.
ولذلك فالدستور ليس مجرد لغو وصرف عربي وكتابة نصوص نثرية مثيرة للشجن والعواطف. الدستور لا قيمة له الا من خلال احترامه وتفاعل الدولة والشعب مع مبادئه عبر القضاء الدستوري الذي يراقب احترام الجميع له محققا مبدأ المشروعية ؛ أي خضوع الجميع (حكومة وشعبا) لحكم القانون. ولكي يحدث ذلك لا يشترط ان يصاغ القانون في شكل محدد ولا حتى يشترط ان يكتب على ورق ولا أن ينحت على واجهات الصخور والجبال الضخمة العظيمة.. فبريطانيا العظمى ليس لها دستور مكتوب حتى اليوم. إن الدستور قيم ومبادئ ذات انعكاس مباشر على مسيرة الدولة ، دونت أم لم تدون ، وهذه المبادئ لا يمكن أن تنوجد أو تنخلق إلا تحت ظل مناخ معين وهو مناخ إقرار شامل بالحرية الفردية والديموقراطية ، أما ما يقوم بكتابته حزب أو فرد تتمركز جميع سلطات القمع والاكراه في يده فلن يكون دستورا ولو علقوا وثيقته بعرش الرب في السماء.
هذا لن يكون دستورا الا دستور الأسياد من الجن في بيوت الزار.
لقد دعوت من قبل الرئيس ولا زلت ادعوه الى الغاء هذا القيد المسمى زورا وبهتانا بالدستور ، فما حاجته للدستور؟ هل وصل الرئيس الى الحكم بالدستور؟ هل استمر حكم الرئيس قرابة ثلاثين عاما بالدستور؟
ثم ما هي حاجتنا أساسا الى دستور؟
سيدي الرئيس
الغي الدستور تماما.. بل الغي القوانين كلها ، وإن كنت ترغب في مبرر لذلك فالمبررات كثيرة ، أهمها أن الدولة اليوم مهددة في وجودها نفسه جراء الانهيار الاقتصادي ، وجراء عدوان (الطاغية الامريكان ليكم تمكنا) ، وجراء العملاء المأجورين من الطابور الخامس من ستات الشاي والمصابين بالأمراض المستعصية والباعة المتجولين ذوي الاشكال القبيحة كما وصفهم معتمد الخرطوم (أب شنب) والشيوعيين وشذاذ الآفاق والقطط السمان وفئران الكباري والجسور ، والحشرة الشعبية ، والشعب الجاحد للنعم الذي يعض اليد التي امتدت له بالانقاذ.
ما حاجتنا لدستور ، ونحن نرفل في النعيم سيدي الرئيس ، يكفينا أننا نموت نموت ويحيا الوطن ، ومن هو الوطن إن لم تكونوا أنتم سيدي الرئيس ، فأنتم الوطن والوطن أنتم حفظكم الله ورعاكم ونفخنا وافساكم .. وأذلنا وأعلاكم ، فمهجنا اليوم فداكم وسيروا وعين الله ترعاكم.
ولا نامت أعين الجبناء...