معنى أن تكون حـزب أمــة !! بقلم اسماعيل عبد الله

معنى أن تكون حـزب أمــة !! بقلم اسماعيل عبد الله


11-24-2018, 02:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1543067484&rn=0


Post: #1
Title: معنى أن تكون حـزب أمــة !! بقلم اسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 11-24-2018, 02:51 PM

01:51 PM November, 24 2018

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-
مكتبتى
رابط مختصر


إنّ ألتحزب و التنظيم السياسي هو الوسيلة التي يسعى عبرها الطامحون للوصول إلى السلطة , و الحالمون بصناعة غدٍ أفضل لمجتمعاتهم و الإرتقاء بها نحو الرفاه , لذلك تجد التنظيمات و الاحزاب السياسية المؤسسة على مباديء الديموقراطية , تمثل الملاذ الآمن لكل مجتهد وباحث عن السبل المؤدية إلى خدمة وطنه , فيكون التنظيم و الحزب السياسي هو الحاضن الموثوق به , والراعي الأمين لهذا العضو الطموح والهاضم لأفكاره , والذي يعلم أن جهده و مثابرته من أجل تحقيق أهداف و أجندة الحزب التي يؤمن بها لن تضيع هباءً منثورا , بل ستتشكل وتصبح مكسباً تراكمياً يصب في تثمين وإثراء سيرته الذاتية , ويسهم إيجاباً في الترقي التنظيمي للمتحزب أو المنظم داخل أروقة الحزب , حيث تكون الكفاءة هي المعيار في حسم وتحديد عملية تقدم و تطور المنتمي للتنظيم السياسي , وتكون الديموقراطية الحقيقية التي لا تشوبها شائبة هي الوسيلة المثلى لتعاطي الفعل السياسي , فهذا هو الوضع الطبيعي لأي حزب و لكل تنظيم سياسي , ينشأ في ظل بيئة تمارس فيها هذه الديموقراطية , فلا يمكن لبلد يرزح تحت بؤس الرجعية و التخلف الثقافي ويعاني تحت وطأة حكم الطاغوت , أن يحفل بأحزاب وتنظيمات سياسية تؤمن بالديموقراطية و تمارسها , ويستحيل على بلد تستحوذ على مخيلة سكانه التبعية الطائفية والكهنوت , أن ينتج حزباً سياسياً تعي قيادته وعضويته معاني الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان , و تستجيب لدواعي المحاسبة و تخضع لمقاييس النزاهة والشفافية , و تحترم وتقدس اللوائح و القوانين التي يتساوى أمامها الجميع , وترضى بالحكم القضائي الذي تفرزه نصوص هذه القوانين , فمؤسسات الأحزاب التي تنمو نمواً معافىً من الأمراض آنفة الذكر , وحدها التي تستطيع أن تهب الناس حزباً سياسياً , وتنظيماً جماهيرياً حقيقياً يمكنه ان يسير دولاب الحكم بمهنية وكفاءة عاليتين , فمعظم البلدان التي وقعت فريسة لحكم وسيطرة نظام الحزب الواحد , هي في الأصل مجتمعات تهيمن عليها النزعات الدينية و الطائفية و الجهوية و المناطقية , فهذه النزعات بمثابة الوقود الحيوي الداعم و المساند لديمومة الأنظمة المتجبرة و المتسلطة و الباطشة بشعوبها , وكما تكون العقلية الجمعية للشعوب يكون شكل و نوع نظام الحكم الذي تستأهله , فمن السذاجة أن نتأمل خيراً من حزب مر على مكوث رئيسه وأمينه العام على دفة القيادة فيه أربعين عاماً , أن يعمل على ترسيخ قيم الديموقراطية و الرقابة والمحاسبة و المراجعة , أو أن يصدر الأحكام بحق المخالفين لمواد الدستور و القانون واللوائح الداخلية , لأنه إن فعل ذلك فقد حكم على نفسه بالفناء , كونه جسماً أسس على غير مباديء الديموقراطية و لم يجعل من المساواة أساساً للتعامل بين عضويته , ما يعتبر مسلكاً معوجاً ومكرساً لنهج الوراثة والتوريث لرئاسة وزعامة الحزب , الأمر الذي يظلم الأعضاء الذين لا تربطهم وشائج الدم مع زعيم الحزب , و يجعلهم لا يحلمون مجرد الحلم بالترشح لشغل موقع الرأس الكبير , ذلك الوارث الأوحد لعرش مثل هذه الكيانات الحزبية العاشائرية والطائفية.
لقد توالت الصدمات و اللكمات على الشباب والطلاب من عضوية حزب الأمة القومي , الفائز بغالب أصوات الناخبين في آخر انتخابات ديموقراطية حرة و نزيهة قبل أكثر من ثلاثين عاماً , فآخر هذه الصدمات حدثت عندما قدمت إلى بلادها من مهجرها الإختياري , القيادية بحزب الأمة وإبنة زعيم الحزب والمعارضة لنظام حكم البشير , واستقبلها ثم اصطحبها من داخل صالة كبار الزوار , شقيقها مساعد ذات البشير وساعده الأيمن , قاطعاً الأمل على شباب الحزب وكوادره الطلابية والشبابية , في أن يحظوا ويسعدوا بلحظات استقبال (بي نظير بوتو السودان) , كيف لا وهم الذين توافدوا زرافافات ووحدانا , وقضوا الليل بالنهار في انتظار مقدمها الميمون , بعد أن أعلنت عنه في تحدٍ زائف للسلطة التي يشغل شقيقاها فيها الوظائف التنفيذية و الأمنية العليا , مختزلة إسم هذا الحزب الأممي الكبير في هموم واهتمامات عائلة أبيها , هذا الحزب الذي بنى تاريخه ومجده على نضالات وتضحيات شهداء الثورة المهدية , الذين جاء أحفادهم يحملون رايات الحفاوة لاستقبال حفيدة الإمام الأكبر مفجر الثورة الكبرى , ولكن للأسف قد سار أحفاد هذا الإمام الأكبر في ذات الطريق التي سار عليها بنو أُمية , الذين أحالوا الخلافة الراشدة إلى ملك عضود وحصري على سلالة جدهم حرب بن أمية , فخالفوا ديموقراطية رسولنا الكريم وتجاوزوا شوراه , التي أتت بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء بعضهم أعقب بعض , في الوقت الذي لا توجد فيه رابطة للدم تصلهم بالرسول الأكرم , إنّه دستور الحق والقسط الأخلاقي المنصف و العادل الذي جاء به أبو فاطمة الزهراء , ورفع به مقدار أمم لا تدين بدين الإسلام درجات عُلى في عالمنا اليوم , فهو ذات الدستور الأخلاقي الذي أتى بــ (حليمة يعقوب) رئيسة لدولة سنغافورة وهي من أب هندي و أم ميلاوية , في بلد غالبية سكانه ينتمون إلى العرق الصيني , إنّه المنهاج الذي لا يعير أدنى اعتبار للعرق و القبيلة و الجهة و اللون و اللسان , بل يجرم التوريث في شئون الإدارة والحكم و الولاية , ومن سخرية الأقدار أن الإمام الأكبر محمد احمد المهدي , عرّاب الحراك الوطني في ذلك الزمان الغابر , لم يستن سنة التوريث حتى بعد أن دانت له جميع أركان البلاد , وخضعت له رقاب العباد , بعدما انتفض وثار في وجه الغزاة المعتدين من انجليز وتركمان ومصريين , فقد أسس ألوية جيشه و دق أوتاد حكمه ورفرفت أعلامه براياتها الأربع المعروفة , بعيداً عن هوس القبيلة وعصبية العشيرة ومحاباة ذوي القربى , فلا ندري من أين جاء ابنه عبد الرحمن (مؤسس الحزب الحديث) بهذه الصفوية وتلك الأموية الجديدة ؟.
أن تكون عضواً بحزب الأمة في مطلع الألفية الثالثة , وما يزال الحزب يزحف سلحفائياً تحت رهق إدارة السيد الصادق و أولاده الموالين وكريماته المعارضات , فانت بلا شك تعيش في عصر الرومان حينما كانت الديموقراطية نسياً منسيا , وعندما كانت القداسة للملوك والأباطرة , و كان منتهى الإمتاع و الانتشاء الذي يستميت في البحث عنه الأتباع و المريدون , هو أن يطأهم الأمبراطور بحذائه ويزجرهم و يحط من قدرهم , وحتى هذه الوطأة وتلك الزجرة لا يحظى بها إلا المقربون وذووا الحظ العظيم , مثل تلك الهالة الروحية التي يُطوّق بها أحفاد المهدي الأكبر , من قبل (الأنصار) في غرب السودان بعد منتصف القرن الفائت , ومن الحسرة والحزن المؤلمين أن أبناء العامة من (الأنصار) , ما يزالون يؤدون ذات الطقوس من الطاعة العمياء , ألتي كان آباؤهم وأجدادهم يقومون بأدائها , في خنوع واستسلام وإخلاص إرضاءً لجناب أحفاد المهدي , قد يكون الفارق الوحيد بين هذه القداسة المبذولة للسادة المهدويين ما بين دراويش الأمس و حواريي اليوم , هو تبدل طرائق و وسائل الإمتهان و الزجر , وتحول هؤلاء السادة إلى ممارسة التجاهل و اللامبالاة تجاه الأتباع و المريدين , و الاستخفاف بهم وإهمالهم , تماماً مثل الإهمال الذي بدر من حفيدة الإمام الأكبر بحق الحشود التي افترشت تراب مطار الخرطوم , وغبّرت أرجلها بحثاً عن (البركة) من لدن الأميرة المبجلة , فالحشود ما زالت هي الحشود والمتعصبون هم ذاتهم المهوسوون , الذين كانوا يسعون إلى الحصول على البركة بالتمسح بالتراب والغبار , الذي يعلق بسطح الطائرة المروحية التي كان يستغلها رئيس الحزب المؤسس وإبنه , في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي أثناء تجوالهما حول الأقاليم الغربية المكتظة بهؤلاء المريدين , فالآن ونتيجة لاستمرار هذه الممارسات التي عفا عنها زمان العولمة و الثورة الرقمية , أصبح من حكم المؤكد أن حزب الأمة تحت قيادة الصادق المهدي , سوف يصير ويصبح قطعة أثرية من آثار الماضي , و على كل من يريد ان يصبح تمثالاً ونحتاً تذكارياً من الخزف , من طلاب وشباب الحزب الذين تجري في عروقهم الدماء الحيّة , أن لا يستنكر دهشة مرتادي هذا المتحف الأثري , عندما يطلب منه السائحون والجائلون في فنائه أن يكون خلفية لصور (السيلفي) , التي يلتقطونها تخليداً لذكرى هذه التماثيل المعبرة عن حقبة تليدة وقديمة من تاريخ الأمم السودانية السالفة.


اسماعيل عبد الله
[email protected]