قانون النظام العام أم عسف المهاويس اللئام؟! بقلم البراق النذير الوراق

قانون النظام العام أم عسف المهاويس اللئام؟! بقلم البراق النذير الوراق


11-12-2018, 03:04 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1541988272&rn=0


Post: #1
Title: قانون النظام العام أم عسف المهاويس اللئام؟! بقلم البراق النذير الوراق
Author: البراق النذير الوراق
Date: 11-12-2018, 03:04 AM

02:04 AM November, 11 2018

سودانيز اون لاين
البراق النذير الوراق-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





قانون النظام العام الذي صدر عام 1996 حمل 26 مادة من المواد الخاصة بالنواحي التنظيمية في ولاية الخرطوم، هذا بحسب تصريحات لقيادات تشريعية ومنها قيادات نسوية في النظام، وهذا الشرح المبتسر إذا حملناه على الوجه الحسن فإنه معني بتغليب (مصلحة العامة) في الطرقات أو أماكن البيع والشراء والتسول وخلافه، ولكن الواقع- بالرغم من تحفظنا على عدد من مواد القانون وصياغتها- هو إن قانون النظام العام تمدد أكثر من ذلك ليتدخل في الحياة الاجتماعية والممارسات الفردية ذات الطابع شديد الخصوصية، مما يترتب معها ضرورة توفير مجال من الحرية في فعل الفعل، أو الامتناع عنه بما لا يتعارض والمصلحة العامة وتقعيدها في التشريع، بحيث يفسِّر ويشرِّح ركائز هذه المصلحة وتعريفها ومدى مشروعية وماهية وكيفية فهم هذه المصلحة! لذلك هناك أمران لابد من فهمهما بشكل جلي، وهو ما سنحاول فعله من خلال هذا المقال، بحيث يتضح من خلالهما أن هذا القانون لم يقتصر على النواحي التنظيمية كما تشير دائماً تعليقات المدافعين والمدافعات عنه من قيادات الدولة السودانية في عدد من المنابر والمحافل، هذان الأمران هما:

إن قانون النظام العام لم يكن إلا خلاصة لممارسات سادت منذ انقلاب الإنقاذ 1989، هدفها صياغة الشخصية السودانية بما يتوافق والأفكار الإسلاموية القمعية كمشروع لهندسة اجتماعية شكلية تكتفي بالظواهر ولا تنشغل بالجواهر، وهذا استبان في تفشي كثير من الأمراض الاجتماعية التي لم تكن موجودة فيما سبق، مثل تتبع العورات وتنصيب الفرد لنفسه كقاضي تجاه تصرفات الآخرين، أو أمراض اجتماعية أخرى كان يمكن إدارتها بسهولة وتقليص الأذى الذي تخلفه، عبر تدافع اجتماعي طبيعي في مجتمع راسخ ومجرب كالمجتمع السوداني، وذلك مثل طريقة اللبس أو الغش في التجارة أو التربية في الأسرة، أو الاختلاف على مفهوم الأخلاق وتحديد ما هو خير مما هو شر.
إن النظام العام لم يعد مجرد مواد تتعلق بالنواحي التنظيمية مثل محاربة التشرد أو تخصيص مقاعد معينة للنساء في المركبات العامة أو تحديد كيفية إدارة الكوافيرات ومحلات تصفيف الشعر، بل أصبحت شرطة ومحاكم النظام العام تقوم فعلياً بتطبيق مواد القانون الجنائي وتضعها تحت إبطها، وأصبح لب أعمال شرطة النظام العام متعلقة بالمواد من 145 وحتى المادة 155 من القانون الجنائي والتي سماها القانون (جرائم العرض والآداب العامة والسمعة) إضافة لإمكانية تدخله في مواد مثل الرِّدة، والمواد الخاصة بالأطعمة والأشربة، كما لم تسلم قوانين مثل جرائم المعلوماتية وقوانين الأحوال الشخصية من تدخلات شرطة النظام العام؛ شرطة النظام العام بإمكانها تسلق حوائط البيوت وتفتيش ضمائر الناس قبل غرفهم، يحدث ذلك دون مسوِّغ قانوني، ومع التسليم بأن ذلك خطأ إلا أنه يجد حماية في القانون باعتباره يخضع لتقديرات القضاة، دعك من الحصانة القانونية التي يجدها الشرطي بسبب شارته!
بهذا المدخل فإن قانون النظام العام لا يتدخل في ملابس الناس فقط ولكن في منازل الناس رجال ونساء وفي سياراتهم وطريقة تربيتهم لبناتهم وأبناءهم، وجاء وقت كان على الفرد أن يثبت إن من تجلس معه في المنزل هي زوجته أو أخته أو أمه، علاوة على أن رجل الشرطة من النظام العام يمكن أن يحدد حتى طريقة مشيك ومرورك في الشارع ومكان وقوفك أو جلوسك أو مع من تتحدث؛ والمشكلة الكبرى أن النظام العام دخل أدمغة الكثيرين وراح يجوس في تفكيرهم السليم فاحاله لتفكير عقيم، فأصبح المجتمع عبارة عن قسم كبير للشرطة وبه محكمة وربما يحدد عقوبات. يحدث هذا في الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي، كم يحدث على الأرض وبصورة مهينة ولا عقلانية وتحت سمع وبصر الدولة وكأنها تشجع هذا النوع من التدخلات، فكم مرة سمعنا ورأينا مواطنين يحملون السياط في الشوارع ويجلدون الفتيات، وكم مرة سمعنا برجل لطم فتاة لأنه يرى أن هيئتها ولبسها ليستا على ما يرام حسبما يظن ويرى بالطبع، وربما يلعن سنسفيل والدها الذي تركها تخرج بهذه الهيئة، في افتراء وتجني فاضح على الخصوصية والأفراد والأسر!!

إضافة إلى ذلك فإن هناك مصلحة مباشرة لكثيرين ارتدوا ملابس شرطة النظام العام وجابوا الشوارع بحثاً عن "رزق"، بناء على موقعهم وصلاحياتهم غير المضبوطة، فالمعروف أن شرطة النظام العام تصادر معدات الشاي من البائعات ثم تعيدها لهن فيما بعد عند دفع غرامات معينة، كما أنني سمعت من عدد من أصحاب محلات (الشيشة) أنهم يؤجرون أحد رجال الشرطة كي يبلغهم بأوقات الحملات ويتقاضى مقابل ذلك مرتباً شهرياً، هذا خلاف أنهم يعيدون بيع المواد المصادرة ولا نعرف لمن يكون العائد!! وليست قضية (سلفيا كاشف- نوفمبر 2010) إلا جزءً من تلك الحلقة، حلقة المصالح المباشرة؛ سلفيا قالت في إفادتها للقاضي إن شرطي غازلها عندما كانت تسير- لسوء حظها- بجانب مكتب للشرطة بضاحية الكلاكلة، ولما لم تستجب قادها للمحاكمة باسم النظام العام!

تعديات شرطة النظام العام كما بيّنا أعلاه ليست مرتبطة بالقانون الذي صدر في 1996، هذه فرية إن صدقناها ستضيع تفاصيل مهمة في سلسلة التعديات التي رسّخ لها النظام الإسلاموي في السودان، وسننسى في خضم التجاذب حول القانون ومشروعيته، أن طبيعة النظام القائم في السودان تكرِّس في جوهرها لإصدار مثل هذا القانون وأي قوانين أخرى تشبهه، ففي بداية التسعينيات، أي قبل صدور القانون، كان جلوس شاب وفتاة في الأماكن العامة يعرضهما للمسائلة وربما يتم اقتيادهما لمركز الشرطة والتحقيق معهما حول العلاقة التي تجمعهما، هذا الأسلوب في التعدي لم يكن حكراً على الهوس الجنسي الذي يسيطر على عقلية قيادات النظام وعساكره، بل هو هوس امتد ليحاول الإمساك بتلابيب الحياة، فالمغنين مثلاً كانوا هدفاً للحملات، وكثير من الحوادث تمت بدعوى أن الغناء نفسه يجب أن يكون على طريقة (قيقم وشنان)، والأخيران نموذج ممض للابتذال الذي ساد في الفنون والغناء باسم الجهاد والأغنيات الجهادية، ونذكر في هذا السياق أن هناك حادثة رواها صاحبها نفسه الذي غادر السودان بسبب تلك الممارسات، فالفنان الشاب عماد عويس يقول: كان رجال الشرطة يطلبون تصديق عبور للسيارات بعد الساعة الحادية عشر، ويسألون عن سبب التجول ليلاً في شوارع الخرطوم، وكنا كفنانين نقيم حفلاتنا بعد التأكد من منحنا هذا التصديق، والتصديق يجب أن يحتوي على اسم الفنان وأسماء عضوية الفرقة الموسيقية ووجهة المركبة من وإلى مكان الحفل، وفي يوم أقمنا حفلاً في مدينة بحري وكان بين الفرقة ثلاثة أشخاص يسكنون مدينة بحري والبقية بمن فيهم أنا نسكن مدينة الخرطوم، والمدينتين كما هو معروف يفصلهما جسر نهري، لذلك تخلف هؤلاء عن العودة إلى مدينة الخرطوم، وعند عودتنا أوقفتنا مجموعة من (العسكر) وطلبوا التصديق وبدأوا في عد العازفين، وسألوا عن الأشخاص الذين تخلفوا، وعندما أخبرناهم بأنهم يسكنون بحري عاقبونا بالزجر والتقريع والشتم، كوننا نغني ولا نذهب للجهاد، وهذا النوع من المعايرة والتقريع كان يحدث بشكل راتب وكأن ما نقوم به جريمة وفضيحة! الحادثة الثانية أنهم هؤلاء أجبروا عازفين على عزف مقطوعات موسيقية، كل واحد منهم على آلته، بعد أن اعتقلوهم من حفل بذريعة أنهم تجاوزوا الزمن المسموح، وذهبوا بهم إلى الخلاء، وببساطة طالبوهم أن يعزفوا" لحن حزائني"!

هذه الروايات وغيرها الكثير لم يوثق في الكتب والمقالات، ولكن يذكره الفنانون والعازفون الموسيقيون، ما يجعلنا نستلهم منها بجلاء أن منظومة النظام العام هي وليدة العقلية التحريمية التجريمية للنظام الإسلاموي الانقلابي، وأن النظام العام هو سياسة دولة وأيدلوجيا تقوم على القمع وتقييد الحريات وصياغة حياة الناس بالطريقة التي تتفق ورؤية أهل النظام، فحتى الأغنيات حاول النظام أن يؤطر لها ويشكمها بالأغنيات الجهادية والأناشيد الدعوية، فكان تلفزيون السودان في عهد مضى يقتصر على نوع معين من الغناء، وقد سمعنا أن بعض الأسطوانات والأغاني المسجلة لفنانين ومغنين رفدوا وجدان الشعب السوداني بالكلمات الراقية والألحان الطروب والمحفوظة في الإذاعة والتلفزيون، تمَّ إبادتها والتخلص منها تحت هذه الذرائع، وهيهات، فالدنيا لم تتوقف، والتكنولوجيا والتطور التقني وإصرار أصحاب المهنة على المحافظة على هذا الميراث أنقذ كثيراً من الإرث الذي كان يمكن أن يضيع بسبب لوثة أيدلوجية وتزمُّت ديني ضار. والذي يسعد في واقع الأمر، أن هذه الممارسات من الشرطة أو من أهل المجتمع"الرسالي"، كان يقابلها من الجانب الآخر التدافع المجتمعي المطلوب، فبالإضافة لإصرار المغنين الكبار وأصحاب التاريخ الفني المجيد على المواصلة رغم العنت، ظهر مغنون أصروا على مواصلة المشوار مثل المرحوم نادر خضر والمرحوم محمود عبدالعزيز وعصام محمد نور وغيرهم.

ومن جانب آخر اجترحت فئات أخرى في المجتمع طرقاً مختلفة للحماية، ومن بين هذه الفئات فئة النساء اللاتي ناضلن ضد التعدي والتحرش في محطات المواصلات والمركبات العامة والطرقات، فقد عانين حتى من النظرة التي تجرمهن حال صدعهن بحالة تحرش أو تعدي وقع عليهن ومحاولة فضح المجرمين، فكم من الفتيات رددن اللطم باللطم والشتم بالشتم، وكثيرات منهن وقفن في وجه من ينهروهن ويأمروهن بالصمت وتجاهل الظلم الذي وقع عليهن بدعوى الحفاظ على مجتمع فضيلة متوهم!

في جلسة عامرة بالشباب من الجنسين في منزل الصديق دسوقي الوقيع بالمنشية، وفي مقابلة مع الأستاذ المحبوب عبدالسلام، أحد قيادات الإنقاذ في سنواتها الأولى، وبعد محاصرته بالأسئلة عن قانون النظام العام، قال إن النظام العام، وكذلك قرار منع النساء من العمل في الأماكن العامة، وغيرها من القرارات التي تحد من عمل المرأة، وتقيد الحريات الشخصية، هي مشاريع خالصة من بنات أفكار الدكتور مجذوب الخليفة في إطار ما سماها الأستاذ المحبوب (الهندسة الاجتماعية في السودان). كانت هذه الإجابة من وجهة نظر الحضور ذات مغزيين، الأول تشتيت الإنتباه عن الفاعل الحقيقي لعملية الهندسة الاجتماعية هذه، والمغزى الثاني هو جعل العقل البسيط يربط ما بين وظيفة الدكتور مجذوب الخليفة كوالي لولاية الخرطوم والفترة الزمنية التي شهدت صدور قانون النظام العام(1996)، وصدور قرار الوالي الخاص بمنع عمل النساء في الأماكن العامة(2000). على أن المتتبع لمشهد السلطة وهي تستعرض برامجها على السودانيين منذ الإنقلاب صبيحة الجمعة 30 يونيو 1989، يدرك أن للحقيقة وجه واحد؛ أتذكرون ما كان يفعله الطيب مصطفى بسيقان الممثلات في المسلسلات التلفزيونية؟ الطيب مصطفى نفسه الذي ذبح الذبائح فرحاً بذهاب الجنوب، كان يأمر موظفي المونتاج بوضع شبكة على الشاشة عند ظهور ممثلة ترتدي تنورة قصيرة! هذه الشبكة تحوم مع الممثلة في غدوها ورواحها أثناء المشهد الذي تظهر فيه كي تغطي ما يظهر من سيقانها.. جيل كامل كان يبحث عن هذه السيقان، وبعضهم كان يحاول أن ينحني لما تحت الشاشة تحايلاً على الشبكة الإلكترونية! والبعض الآخر كان ينتظر كل الحلقة ليغفل المونتاج ولو للحظة، كي يحظى بمشاهدة ساق ليلى علوى أو معالي زايد؛ هذا الجيل خرج منه الذي ينتظر اليوم أن تجلس بجانبه فتاة على الحافلة ليحتك كتفه بكتفها، أو يتحرق شوقاً كي تعطيه فتاة ظهرها، هذا الجيل خرج من بينه من يشاهد منى مجدي ويدقق في بنطالها مرات ومرات، ثم يتسابق على لوحة المفاتيح ليشتمها ويلعن أهلها، هذا الجيل خرج من بينه من يقيم علاقة عابرة ويلقي هو وشريكته بالطفل في العراء، فتنهش الكلاب يده أو تقضم رقبته! هذا الجيل نفسه هو الجيل الذي كان الطيب مصطفى يظن أنه سيرغمه على العفة! ألن يندم الطيب مصطفى على فعائله هذه؟! لقد قرأت مرة للكاتب الإنجليزي المرحوم كولن ولسن عبارة قال فيها: إن (الملحد) يساوره الشك طوال حياته، حتى وهو على فراش الموت، يساوره الشك في سلامة موقفه من عدمها، ويحاول حتى في لحظات حياته الأخيرة أن يجد إجابة لسؤال الإله! الطيب مصطفى إن كان بشراً من لحم ودم، فليس أقل من أن يسأل نفسه عن صحة وسلامة ووجاهة ما كان وظل يفعله في حياته، وليس أقل من أن يتفكر في الإثم الذي حاك في نفسه كثيراً وكره أن يطلع عليه الناس ناصعاً مجلجلاً داوياً، فحاول مداراته بالنكران، وبإدعاء مساندة الحق ولوم السلطان الجائر؛ إثم سيظل بثرة في حق نفسه والبلد والتاريخ!! أما العراب الأكبر فقد روت لي السيدة فهيمة هاشم مديرة مركز سالمة لمصادر ودراسات المرأة(1997-2013)، وهو أحد المراكز التي قبرتها السلطة ضمن مراكز ومنظمات أخرى، وُئدت بدعوى أنها تشوِّه وجه السلطة بالتجسس والتخابر وغيرها من المحفوظات، قالت لي فهيمة أنها بمعية نساء (نجيضات) ألححن على الترابي بعد مقابلته في جوبا أثناء فترة نيفاشا، كي يفسر لهن سبب كتابته للقانون أو موافقته على ما ورد فيه- وقد كان صاحب القول الفصل في ذلك الزمان- وذلك بسبب العدد المهول من المواد المهينة للمرأة في ثنايا القانون الجنائي(1991) هذا على الرغم من فتاواه المؤيدة لحقوق النساء، قالت فهيمة إن الشيخ الدكتور لم يجب ولا على سؤال واحد من الأسئلة التي طرحنها عليه حينها، الحقيقة إنه لم يجب حتى مات! وبعد كل هذا نجد أن هناك من يسأل عن علاقة قانون النظام العام بالقانون الجنائي! ولن نستغرب إن جاء سؤال بعد سنوات عن علاقة القانون الجنائي بالمشروع الإسلامي، كما لن نستغرب نفي البعض بحزم العلاقة بين انتشار الاغتصاب بأشكال غريبة عن الإنسانية- كمثل مغتصب جدته- وبين المشروع الحضاري؛ إنها حلقات متصلة سيداتي سادتي، حلقات بدأت من أفكار في أذهان بعض الشيوخ عن تديين المجتمع و"تزكيته" مرة ببناء مساجد بعدد من بيوت الأحياء، وداخل المؤسسات الحكومية والخدمية، وإدخال موظفي الدولة في زمرة المصلين مرغمين أو متحايلين، ومرة بتجييش الشباب والشيوخ ليجاهدوا "الكفار" في الجنوب عبر الدفاع الشعبي و(كشّات) الخدمة الإلزامية، ومرة أخرى بعرقلة مسيرة الفنون في البلاد أو على الأقل محاولة أسلمتها!! لم تغن المساجد الراسخة في قلب المؤسسات الحكومية، ولم تثن الموظفين عن الرشوة وأكل المال العام وانتشار الفساد وبيع الذمم، ولم يغن تجييش الطلاب والشباب عن انفصال الجنوب أو أطفاء أوار الحروب والنزاعات في الغرب والنيل الأزرق وجبال النوبة، ولكن من حسن الحظ، لم يحفظ كثيرون من فخر هذا الجيل، القصائد المستوردة كقصيدة (إراقة الدماء) و (أنا حسن البنا) أو الأناشيد العنصرية المتدثرة بثوب الحمية الوطنية كقصيدة (قهوة المتمة) أو (باقي أيامك انتهن)، بل حفظوا أغنيات مثل ( محبوبي لاقاني) و(محيك البدري) و(يوم الزيارة) و(دروب محبة)، أغنيات وكلمات تدعو للحياة، بعيداً عن الهوس والمهووسين أهل الفساد واللصوصية.