حياتك على مفترق طرق بقلم د.أمل الكردفاني

حياتك على مفترق طرق بقلم د.أمل الكردفاني


11-10-2018, 06:14 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1541826888&rn=0


Post: #1
Title: حياتك على مفترق طرق بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 11-10-2018, 06:14 AM

05:14 AM November, 09 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






عندما كنت في الثامنة عشر ربما كنت ذكيا وليس كالآن... لقد كتبت حينها قصة عن شخص يسافر بسيارته بغير هدى... لكنه يقف أمام مفترق طرق.. ويبقى حائرا... يتساءل عن الطريق الذي يجب أن يختاره... يظل يفكر لوقت طويل وهو داخل سيارته. حتى يلاحظ ذلك شرطي شاب صغير السن. فيأتيه ليتأكد إن كان بخير أو أن لديه مشكلة. يجيبه الرجل بأنه أمام مفترق طرق وككل لحظة في حياتنا نمر بمفترقات طرق.. وعندما نختار فنحن نختار ليس بناء على علم شامل بمآلات الطريق الذي سنختاره وإنما بمجرد حدسنا أو احتمالات نتصورها بشكل ظني. لكننا بعد أن نختار لن نتمكن من العودة لتجربة الطريق الآخر. ما فات لا يعود ولن نعرف ان كان خيارنا صائبا أم خاطئا ... هنا يقول له الشرطي بأن مشكلته ليست في الاختيار بل في كونه جبانا ... فعليه ان يقد سيارته الى أي طريق ... متحملا كل النتائج بشجاعة. أما وقوفه على هذا النحو فهو مخالف للقانون. وتنتهي القصة على هذا النحو... وفي نظري أن كلا الرجلين كانا على حق.. فأي طريق سنختاره يعني بلا شك أننا خسرنا معرفة تجربة الطريق الآخر. وأيضا فلن نعرف إن كان سلوكنا للطريق الآخر كان ليفضي بنا إلى نتائج أفضل أم لا. وبالتالي ايضا فنحن لا نعلم إن كان حاضرنا هو أفضل ما كنا سنحصل عليه أم هناك ما هو أفضل منه. نحن كبشر نحرق سفننا خلفنا كلما اخترنا طريقا .. كلما اخترنا عملا او زوجا او مهنة او فكرة أو آيدولوجيا أو حتى أن نأكل وجبة سريعة أم نطبخ بأنفسنا. نحن دائما في مفترق طرق. أنت الآن اخترت أن تقرأ هذا الكلام. وهذا يعني أن الوقت الذي استهلكته في قراءته والذي لن يعود أبدا كان يمكن أن تستهلكه في خيار آخر. لكن هل اختيارك او عدم اختيارك للقراءة هو الأفضل أم لا..كان بإمكانك بدلا عن أن تقرأ هذا الكلام أن تتصفح صحيفة وتجد فيها فرصة تجارية او وظيفية فتنقلب حياتك رأسا على عقب. وربما لا يحدث هذا؟ من يدري. لكن حياتنا لا تمنحنا فرصة القيام بانشطتنا على التوازي بل لابد من التوالي.. ولذلك فنحن لا نملك إلا أن نستهلك قطعة من الزمن في شيء واحد يحرمنا من أشياء أخرى لا نستطيع فعلها في ذات الوقت. وعلى هذا فنحن أبناء الفوضى... وموت وهم الإرادة الحرة. لأن الارادة الحرة تفترض وعيا مؤكدا بنتائج اختياراتنا وهذا مستحيل.
ورغم هذا فالشرطي أيضا كان على صواب. فأيا كان الطريق الذي سلكناه فعلينا قبول نتائجه. وبما أننا لا نعرف نتائج سلوك الطريق الآخر وبالتالي حرمنا من المقارنة التي تعطينا وعيا دقيقا يساعدنا في الاختيار. إذن؛ فتتساوى كل الطرق حينئذ. وليس أمامنا سوى خوض أي منها ولكن بشجاعة...

لكن سأورد لكم بعض خبراتي المتواضعة جدا واكتشافاتي في الحياة بحيث ندرك أن اختياراتنا لا خوف منها في كل الأحوال:
🔹- لا شيء يستمر. الحي يموت والمنعدم يولد..والألم يزول.. والمشاكل تصبح نكتة سمجة في خطنا العمري لتسقط خلف ظهرنا.

🔹- الانطلاق نحو الحياة يبدأ بالتخطيط والتنظيم وقبل كل شيء بوضع هدف...(مشروع وجودي).. لا يهم أن نصل له ولكن الأهم أن نسعد بالعمل من أجل الوصول له... فكما قلت زمان (اشتياق الرجل للأنثى أهم من الأنثى نفسها) وكذلك الغايات الكبرى.
🔹- لا توجد مشكلة بلا حل... ودعوني -لكي يستفيد الجميع- أن أبين لكم كيف يعمل دماغ الإنسان.. فهو يعمل بما يعتقد الكثيرون أن هناك تدخلا من السماء في اللحظة المفصلية التي يتوقف بك الزمن فيها بين حد الحياة والموت. في الواقع لا توجد تدخلات من السماء. لكن الانسان وهو في قمة حالات الشعور بالخطر ينشط دماغه بصورة مضاعفة أكثر من الحالات التي لا يواجه فيها الخطر.
الدماغ يعمل في المواقف المفصلية بأضعاف طاقته في الحالات العادية وهنا ينبثق أمامه ليس حلا واحدا بل عشرات الحلول. رأيت ذلك عمليا عندما يتم حبس المدينين بديون مالية. فهم قد يظلوا سنوات لا يستطيعون رد ولو جزء يسير من الدين. لكن بمجرد حبسهم تعمل ادمغتهم بنشاط عالي وفائق التعقيد والسرعة .. وخلال ساعات يكون مبلغ الدين في خزنة المحكمة.
🔹- لا توجد مشاكل بلا حلول.

🔹- العالم لا يلتفت لنا إن لم نلتفت له... أن نعطيه ليعطينا .. هذه هي المعادلة أيها الأحبة...

🔹- حتى انانيتنا هي في الواقع تعطي العالم أكثر مما يعطيه من يؤثر على نفسه. فالرأسمالي يعطي الاقتصاد القومي للدولة أكثر مما يعطيه من ينفق ماله في الصدقات. إنه ينشيء مصانع وشركات ومزارع وبالتالي يوفر فرص عمل أكثر نفعا من منح مال لشخص ينتهي بعد اسابيع ويوفر دخلا ضريبيا لخزنة الدولة تنفقه في تطوير الخدمات العامة... ويعمر المناطق غير المعمرة فيؤمها الناس وينشؤوا اعمالا وحرفا قربها...الخ.
هل الحياة قصيرة؟⁉

🔹- الحياة ليست قصيرة...نعرف أنها قصيرة فقط حينما نموت وحينما نموت لن نعرف انها قصيرة... الحياة طويلة ما طال بنا الأمل ...

🔹- لا يوجد فشل في هذه الحياة....
يوجد تجربة لم تحقق هدفها تعطينا الفرصة الافضل منها للقيام بتجربة جديدة بنسبة نجاح أعلى...