لست ضد النظام... بل ضد التاريخ كله بقلم د.أمل الكردفاني

لست ضد النظام... بل ضد التاريخ كله بقلم د.أمل الكردفاني


10-12-2018, 11:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1539383508&rn=0


Post: #1
Title: لست ضد النظام... بل ضد التاريخ كله بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 10-12-2018, 11:31 PM

11:31 PM October, 12 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






اطلعت على مقالات عبد الخالق محجوب ، اسماها الشيوعيون كتبا وهي ليست بكتب...واستمعت الى خطبته ... وحمدت السماء على فشل الشيوعيين في الوصول الى السلطة في ذلك الوقت. لعبد الخالق الرحمة ولكن لثوريته في تبني الماركسية على نحو ما طرحه كان شيئا مخيفا جدا لو تم وضعه على أرض الواقع.
ربما لم يكن الدمار ليلحق بالدولة بل بفنائها على نحو كامل. الخطاب المهول برقع الفكر وأطناب الفهم الذي لا يراعي خصائص الدولة في زمن كتابته ناهيك عن استمرار تطبيقه الى زماننا الراهن كان ليكون كارثة الكوارث. ولم اجد في خطابه الذي مجده رفقاء الآيدولوجيا شيئا يستحق التمجيد سوى أنه خطاب لم يجد لشأفته سبيلا رحمة بالناس. خطاب يلبس الدكتاتورية بالديموقراطية والقمع بالمهادنة ، والبغي على الحقوق بالعدالة الاجتماعية ، والشمولية بالقداسة ، والتمكين بالوطنية. ولما قرأت بيانه عن انقلاب مايو ، لم أجد فيه الا براغماتية فجة ، وتجارة بخسة بقيم الدموقراطية والحرية التي كان يستخدمها كالعلكة فينقلها من فك لآخر عبر جمل مطاطة مداهنة ومستعدة ومترقبة للانقضاض على السلطة بنهم ليبيع معه ما ضن به خطابه من تثمين للقيم الحرة. فالغاية تبرر الوسيلة كان منتهى الخطاب ، ونكتة الفحوى.
ورغم كل ما سبق ؛ فليس ما جاء على لسان الاستاذ عبد الخالق بأسوأ مما كان ولا مما جاء بعده ، ليس اسوأ من مهدية زائفة ولا بيوتات اقطاعية ولا اسلاموية فاسدة. فهذا تاريخنا ، وهو تاريخ وثني العبادة ، تقلبت فيه اوضاع الآدميين بين العبودية والسيادة ، وبين الاتجار والافقار ، وبين القتل والهتك والبغي والعدوان. فليس فيه من مشكاة تفييء اليها أفئدة الناس ولا استنارة تجلو ظلمة تتقلب بين الاستغلال والاستلاب. نظام الاسلامويين كان حجة على الجميع وليس لهم ، تعرت فيه الجهالات وسالت فيها دماء وقطعت فيها رؤوس وازهقت بها ارواح ويتم فيها اطفال وثكلت بهاء نساء وفجع منها من فجع فكانت الدماء هدر... والموت سائمة الكهنة والحماقات قرابين الأوثان من اليسار واليمين.
لست ضد النظام بل ضد تاريخ بأكمله ، كان هو النظام يتجدد انبعاثه في عود أبدي مقيت ، وكأنما هو انتقام السماء بقوم إن بطشوا - عن جبن- بطشوا جبارين وما البطش إلا خصلة الجبناء. تاريخ تبادل فيه الجميع الخيانة والعمالة والارتزاق وتعمد تجهيل الشعوب وتحميلها بخفة العقل وضحالة الغايات ، وجبن الافئدة ، حتى كان سوء المنقلب خاتما وختامه رجس ومن ذلك فلينفر النافرون.
لست ضد النظام بل ضد تاريخ يزور بتسطيح ساذج وأدلة فاسدة ، وبطولات كاذبة ، ودكتاتورية مقنعة ، واقطاعية منشودة ، ونرجسية مريضة ، وافكار هدامة وعقول مريصة تكبر فيها الخسة وتتضع فيها المروءة ، تدق فيها الطبول الجوفاء لتخفي فزع الأنفس وزيغ الأبصار بأصوات نصر الهزيمة.
لست ضد النظام وانما ضد تاريخ بأكمله ، ذؤابات دخان جثامينه تتمدد لتشمل الحاضر والقادم ، بذات المنهج الوضيع مطلقة ذات الرائحة العفنة.
ألا رحمة بنا .. ألا رحمة بنا .. ألا رحمة بنا...