إنه من سليمان !! بقلم صلاح الدين عووضة

إنه من سليمان !! بقلم صلاح الدين عووضة


09-25-2018, 02:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1537880593&rn=0


Post: #1
Title: إنه من سليمان !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 09-25-2018, 02:03 PM

02:03 PM September, 25 2018

سودانيز اون لاين
صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



*ثمة وجوهٌ تسقط من الذاكرة... خلال رحلة الحياة..

*فهي لا تحفر فيها أثرا... ولا تترك عندها انطباعا... ولا تدمغ عليها ذكرى..

*مجرد وجوه... مثل أشجار تشاهدها عبر نافذة قطار..

*حتى وإن كان من بين هذه الوجوه ما لازمك حقبةً من حياتك..

*ووجوه أخرى عكس ذلك... تبقى بالذاكرة ما بقي الإنسان سائراً في رحلته الدنيوية..

*ومن الوجوه التي علقت بذاكرتي وجه سليمان الصول..

*كان صول مدرستنا الثانوية العليا... وأحد ركائزها المهمة... في نظري..

*لم أره غاضباً... أو عابساً... أو مكشراً ؛ طوال فترة دراستي..

*وكان أول ما وُوجهنا به - لحظة ولوجنا المدرسة - (الكديت)... وعم سليمان..

*فهُرع الكثيرون منا لتسجيل أسمائهم... وهم فرحون..

*وعجبت أنا لفرحهم... ربما لحساسية من تلقائي سببها الانقلابات العسكرية..

*وتحديداً انقلاب (مايو) الذي تفتح وعيي عليه... صغيرا..

*فمنذ ذياك الزمان المُبكِر وبيني وبين النُظم العسكرية كافة ما صنع الحداد..

*لا لشيء إلا لأنها في حالة عداء دائم مع الحرية... أصل الدين..

*ولم يشذ عن هذه القاعدة نظام عسكري أبداً... في طول بلاد العالم الثالث وعرضها..

*ولكن سليمان (العسكري) كان ديمقراطياً معنا... لأبعد الحدود..

*ومن دلائل ليبراليته إنه كان يمقت الجلد ظلما... إذا ما كُلف به حيال طالب..

*فقد كان يتحرى أسباب تحويل (المذنب) إليه..

*فإن وجد عذراً لم يأخذ به الأستاذ - تعجلاً - لا ينفذ (أوامر) الجلد..

*وهو - للحقيقة - ما كان ينفذها مطلقاً... في كل الأحوال..

*فإن وجد الطالب مخطئاً أخذه إلى غرفة التنفيذ... ونصحه بعدم تكرار جرمه..

*ثم جلد حذاءه العسكري المسكين بالسوط... جلداً له فرقعة..

*ويطلب من الطالب - أثناء ذلك - أن يقول (آه) بصوت عالٍ... ويضحكان معاً..

*وقد كان أصلاً يضحك على الدوام... فيشيع البهجة بيننا..

*ولكنه في يوم ضحك كما لم نره يضحك من قبل... حتى دمعت عيناه الصغيرتان..

*وذلك حين ضحكت المدرسة كلها من عم (حشاش)... وعليه..

*فقد كانت الحصة لغة فرنسية... وطرق عمنا هذا باب الفصل ليعلمنا أمراً ما..

*فما أن رآه الأستاذ حتى سألنا بالفرنساوي (من هذا ؟!)..

*ونسي أن عمنا هذا أخلاقه (جزمة قديمة)... ولا يضحك أبداً... عكس عمنا الآخر..

*فأسمع الأستاذ - وإيانا - ما يُضحك..... ولا يُقال..

*وبلغ الكلام - ذواللكنة النوبية هذا - مسامع سليمان... فكاد يموت ضحكاً..

*وبعد سنوات من تركنا المدرسة أتاني صديق دراسة بجواب..

*وقال (إنه من سليمان)... ويحثنا فيه - من بعد السلام - على ألا (ننسى أياماً مضت)..

*ثم أشار إلى أول فقرة أعلاه وهو يتبسَّم..... بمغزى..

*وأضاف... (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) !!!.




assayha