شاهبندر الفُجَّار .. !! بقلم هيثم الفضل

شاهبندر الفُجَّار .. !! بقلم هيثم الفضل


09-12-2018, 05:46 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1536727564&rn=0


Post: #1
Title: شاهبندر الفُجَّار .. !! بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 09-12-2018, 05:46 AM

05:46 AM September, 11 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

صحيفة الجريدة
سفينة بَـــوْح –

قديماً كان لكل سوق ً كبيراً أو زعيماً و عمده ، يلقِبونه بشاه بندر التجار ، في ذلك الزمان كانت القيِّم والأخلاق النبيلة سائدة و في مقدمتها الأمانة و الصدق و التقوى في ممارسة البيع و الشراء ، أما الآن و قد أصاب الهلع أصقاع البلاد و أرواح العباد ، أصبح الناس تجاراً و مُشترين ، لا يأبهون بحلالٍ و لا حرام ، و لا يتوانى الفرد منا إلا من رحم ربي أن يمتطي ظهر أخيه في غفلة ٍ منه و يُلبسه ( الطاقيه ) ، فتنقلب حياة الضحية إلى جحيم و تتعقد حساباتها ، بعض الضحايا كان نصيبهم السجن بعد أن أصبحوا في عداد الغارمين بعدما خسروا رؤوس أموالهم عبر عمليات طالتها يد الغش و الغدر من مقربين تمثَّلوا صفة الأصدقاء و الحادبين ، و بعض الضحايا عادوا مرةً أخرى يبحثون عن إقامة في السعودية أو إحدى دول الخليج و التي كانوا قد قضوا فيها أكثر من ثُلثي أعمارهم فخسروا ما جمعوا من مال في سنين الغربة المظلمة بالفراق و الشدائد ، و الشاهد على ما أقول أن ظاهرة الفجور في كل مناحي المعاملات الإنسانية و المهنية و السياسية و الإقتصادية ، تابعة أصلاً لدخول معظم الناس في سودان الإنقاذ إلى دائرة الفقر المدقع ، فالعيش أصبح جحيماً لا يُطاق مما أضر بالكثير من القيِّم التي كانت في زمان مضى محط أنظار الجميع ، فأصبح الإخوة الأشقاء بلا حياء و لا خجل يحسمون أمور مواريثهم المُختلف عليها في المحاكم و كان ذلك قديماً يُعتبر فضيحة يُندِّد بها المجتمع ، و أصبح الناس يتهربون من مسئولياتهم اللصيقة على مستوى الأسرة الممتدة ، فلا يستطيع أحد الآن في خرطوم اليوم و ما يعانيه الفرد فيها من شظف عيش و قلة حيلة أن يستقبل أقربائه من الطلاب و الطالبات الوافدين من قريته و ذلك لضيق ذات اليد في ما يحوز من مساحات سكنية أو نقديات يدفع بها إليهم حال ما إحتاجوا دعمه ، فإمتلأت الداخليات بالطلاب و الطالبات ، و ما أدراك بمآلات مكوث الطالبات في الداخليات حينما تكون الإمكانيات المادية لولي الأمر متواضعة و ما يعكسه ذلك من سلبيات أخلاقية أصبحت مثاراً لحكاوي المدينة و مبعثاً لأسرارها الخفية ، شاهبندر الفُجَّار هو كل من أخذه تيار الفقر و العوز و الحاجة بما إقترفته يد الدولة من سوء في الإدارة و إنتشار عنكبوتي للفساد بشتى أنماطه ، فأصبح لا يتردد في فعل أيي شيء من أجل البقاء حياً ، غش و سرقة و تزوير و شهادة باليمين الغموس لمن يدفع ، و إرتفاع في أعداد الأطفال مجهولي الهوية ، و عجزة تائهون في الشوارع بعد أن عجز أهاليهم عن إعالتهم ، متسولون من كل الأقاليم التي تعاني صراعاً عسكرياً ، مرضى يعجزون عن تسديد فواتيرهم فيتركون ما تبقى من علاج و يهربون من الأسرة البيضاء بالمستشفيات ، ملايين الشباب من الخريجين يجوبون الشوارع و يتجالسون تحت ظلال الشجر يهيمون مستوحشين من مستقبل مظلم ، و بين طيات مصائبهم تتربص المُخدرات و الإستلاب الثقافي و فتور الشعور الإنتمائي للوطن و تحدياته و آماله ، شاهبندر الفُجَّار هو ذاك السوداني الذي لا يعتد و لا يلتفت إلا لمصالحه الذاتيه و نزواته الشخصيه في إسترخاص و إحتقار دائم للمصلحة العامة و إستعماء عن رؤية مواجع الآخرين و تحسُس آلامهم و قضاياهم و ما يأملون .