شباب السجانة و داروينية الثورة بقلم محمد كمال الدين (أبو كمال)

شباب السجانة و داروينية الثورة بقلم محمد كمال الدين (أبو كمال)


08-27-2018, 09:22 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1535401361&rn=0


Post: #1
Title: شباب السجانة و داروينية الثورة بقلم محمد كمال الدين (أبو كمال)
Author: محمد كمال الدين
Date: 08-27-2018, 09:22 PM

09:22 PM August, 27 2018

سودانيز اون لاين
محمد كمال الدين-UK-لندن
مكتبتى
رابط مختصر




قال له أبوه : "أنت ستجلب العار على أسرتنا!"
قال له أستاذه : "أنت طفل ذو إهتمامات سطحية!"
نظرت إليه أسرته الأرستقراطية والعالية المقام العلمي على أنه ولد فاشل لا يرجى منه خيرٌ البتة.. فبعد فشله في كلية الطب أرسلوه لدراسة علم اللاهوت في جامعة كيمبردج لكنه ما أفلح لا في هذا ولا في ذاك...
فهل كانت خطوات هذا الصغير التي ترجمها الكل على أنها بوادر فشلٍ محتم فعلاً كذلك؟
لا...
شالز داروين الذي أمضى طفولته في مصاحبة الكلاب و جمع العينات الغريبة من النباتات والحشرات الميتة هو ذات الشخص الذي أشعل ثورة علمية زُلزلت لها المؤسستان العلمية و الدينية على حد سواء...
لا تَحقِرَنَّ صَغيراً في مُخاصَمَةٍ ... إنَّ البَعوضَةَ تُدمي مُقلةَ الأسدِ....
البقاء للأصلح ...
هكذا تُلخَّص نظرية الانتخاب (أو الإنتقاء) الطبيعي التي إبتدعها داروين من خلال ملاحظات دوَّنها أثناء رحلة البيقُل الشهيرة...
يقول داروين أن التحول (evolution) يطرأ كنتيجة لعملية صراع على البقاء...
الفراشة ذات اللون الداكن فُرصتها في البقاء أعلى من الفراشة البيضاء. فالفراشة الداكنة اللون تحط على الأشجار فلا تراها المفترسات وهكذا تنجو بنفسها و تواصل في إنتاج نسلها. أما فراشة الهِل البيضاء المسكينة فبياضُها على الشجر يكشفها للعِيان وتروح رغم بهائها لقمةً سائغةً بين أنيابِ المُفترسِ... و هكذا ينقرض نسلُها تدريجياً...

***
ألا يذكركم هذا بحالنا في السودان اليوم؟
كم من مناضل قتله نضاله؟
كم من شريف راح ضحية الدفاع عن شرفه ؟
وكم من لافتة تطالب بالحرية مزقت مخالب المفترس حاملها في بيوت الأشباح و مكاتب أمن الدولة.
جميعهم إنقرضوا كفراشة الهل البيضاء...
فلن يكرر الزمان نسلهم ولن تعرف الأجيال القادمة نظيراً لهم...
أما البقاء فهو لهم : أولئك الذين فهموا أسباب موت فراشة الهِل البيضاء فإختاروا اللون الداكن غِشاءاً... تشبّتوا بشجرة الظلم الداكنة وإختاروا لأنفسهم الأردية المناسبة : فساد أسود...محارق بشرية سوداء... تجهيل أسود.. تضليل (ديني) أسود.... و هكذا طال عهدهم و كثُر نسلهم و عظُمت لياقتهم في مجابهة الخصوم. إنما البقاء للأصلح و للأسف هم الأصلح* بقاءاً و الأشرس أنياباً في وقتنا الراهن.

***
شباك الأمل:
كان داروين كريماً جداً. فهو لم يكتف بتوصيف الداء فقط بل تعداه و ملّكَنا مكونات الدواء. و ما علينا إلا أن نُركِّبه فقط.
يقول داروين أن الإنتقال من جيل من الكائنات إلى جيل آخر يستلزم تغييراً تدريجياً في الحوض الجيني بأسره. و بأن الخطوة الأولى نحو هذا الإنتقال هي تطوير البنى الإنتقالية عبر آلية الإنتخاب الطبيعي. فمثلاً قد تظهر على ظهور بعض الحشرات زوائد بسيطة تبدو و كأنها غير ذات وظيفة معينة و لكن الحقيقة أن هذه الزوائد العشوائية يمكنها أن تنمو بفضل آلية الإنتخاب الطبيعي لتصبح أجنحة عريضة جداً في المستقبل.
من جانب آخر، لا يستبعد داروين إطلاقاً إمكانية حدوث تغير فجائي في وظيفة هذه البنى الإنتقالية . مثلا، كأن تتحول طيّات كائن "البرنقيل" التي وظيفتها الطبيعية هي حفظ البيوض إلى أداء وظيفة تنفسية. و شتان بين حفظ البيض و التنفس!
كلنا يعلم بأن الكائن الذي يستحق الإنقراض هو الإنقاذ و بأن المجتمع المدني الحر هو الكائن المنشود إحياؤه. و لكن ما نجهله هو أن البنى الإنتقالية موجودة بين ظهراني مجتمعنا المدني الراهن؛ و بأنها قادرة على تفغيل آلية الإنتخاب الطبيعي و توظيف نفسها في مواضع تدهش الكثيرين. نعم، شباب السجانة و الحلة الجديدة مدهشون جداً!

***
في سابقة شجاعة جداً، أمهل شباب السجانة و الحلة الجديدة حكومة الإنقاذ 48 ساعة لإنهاء أزمتي الخبز والسيولة في مصارف و صرافات المنطقة. هذا و إلا سيقودون إحتجاجات سلمية عريضة من شأنها إيقاف حركة المرور في الشوارع الرئيسية بشكل يومي (بإستثناء الإسعاف و الدفاع المدني طبعاً).
يا أهلاً وسهلاً ببروز البنى الإنتقالية!
إن في هذا الحراك الشبابي الذي قد يستتفه البعض حجمه لَوَعْدٌ صادقٌ بالتقدم نحو بوابة الخلاص. و مثله مثل أجنحة الحشرات العريضة التي ظنّها الكثيرون زوائداً لا تحقق وظيفة بعينها و أقسم داروين بأنها بدايات لمشروع الطيران. و قد طارت الحشرات.
إن دور شباب السجانة الذي حصره الإنقاذ عنوة في اللهث وراء لقمة العيش و جلسات "العمدان و اللساتك" و "ستات الشاي" قد تغير اليوم. لقد إنتهى زمان "حضن البيض" و أصبح الشباب أوكسجين الثورة.
إن دور شباب السودان قاطبة هو تحفيز آلية الإنتخاب الطبيعي و ذلك بالحذْوِ حذوَ هؤلاء الشجعان. فحينها سيعجز النظام الشمولي عن صيانة آليات البقاء و حينها سنصبح -نحن الشعب- الأصلح للبقاء.
يا جيلي الرائع، إن تجمعاتنا الهادفة و الرامية لإحداث التغيير هي صميم العمل لتطوير البنى الإنتقالية.
نعم، نحن الأمل... نحن الإنتقال...
و هذا قول لا يخالفه إلا مُسترزِقٌ من دكتاتور أو مُستكَين لذُل. و حاشانا من هذه الصنوف! فدعونا منهم لأن طريق الثورة محفوف بهذه الأشواك.

***
شكراً يا داروين، فقد رسمت مخططاً كروكياً للثورة السودانية؛ و علمتنا من لدنك الكثير:
علمتنا أن نُسيِّس آلية الإنتخاب الطبيعي كي نُنقي حوض الدولة السودانية من جيناتها المُتسخة.
علمتنا أن نُقزِّم البطش الدولتي؛ إنقاذياً كان أم غير ذلك.
علمتنا أن نُعملِق المجتمع المدني و دوره في إحداث التغيير.
علمتنا أن البقاء للأصلح؛ أي أن البقاء للشعب السوداني العظيم.

***
إلى الأمام شباب السجانة و الحلة الجديدة!
أنتم أساس بنى الإنتقال و تغيير الحال. و نسأل الله أن يدعمكم بإنتخاب طبيعي يُعلي شأن الحق الذي تريدون إعلاءه و يُزهق باطل الإنقاذ على أياديكم. إن الباطل كان زهوقاً.

و الله أعلم

*الصلاح في المقال بمعنى اللياقة و الأصلح تعني الأكثر لياقة.

محمد كمال الدين (أبوكمال)
Email : [email protected]
Facebook: https://www.facebook.com/profile.php؟id=636975138https://www.facebook.com/profile.php؟id=636975138


Post: #2
Title: Re: شباب السجانة و داروينية الثورة بقلم محمد �
Author: شطة خضراء
Date: 08-27-2018, 09:34 PM
Parent: #1

كلام علمي و جميل و منسق و إن غدا لناظره قريب!