الرابح والخاسر في الأزمة السعودية الكندية بقلم د. ياسر محجوب الحسين

الرابح والخاسر في الأزمة السعودية الكندية بقلم د. ياسر محجوب الحسين


08-11-2018, 05:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1533961400&rn=0


Post: #1
Title: الرابح والخاسر في الأزمة السعودية الكندية بقلم د. ياسر محجوب الحسين
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 08-11-2018, 05:23 AM

05:23 AM August, 10 2018

سودانيز اون لاين
د. ياسر محجوب الحسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر

أمواج ناعمة





وقف العالم أجمع مشدوها منعقد اللسان أمام الإجراءات السعودية العنيفة ضد كندا والتي ترقى لإجراءات إعلان حرب، بعد ما اعتبرته الرياض تدخلا في شؤونها، وإن صح الزعم السعودي فإن تلك الإجراءات لا تتناسب البتة مع الفعل الكندي. خلال ساعات قليلة تصاعدت الإجراءات وطالت كافة المستويات الدبلوماسية والاقتصادية، وأوعز البنك المركزي السعودي وصناديق التقاعد الحكومية لمديري الأصول في الخارج بالتخلص من الأسهم والسندات والنقد الكندي، بغض النظر عن التكلفة.
كما أعلنت شركة الخطوط الجوية السعودية وقف رحلاتها الجوية من وإلى كندا فورا، كما قررت ‏وزارة التعليم السعودية، إيقاف برامج البعثات والتدريب والزمالة إلى كندا، التي يستفيد منها نحو 17 ألف سعودي. ويأتي ذلك رغم أن للسعودية روابط تجارية واقتصادية قوية مع كندا، ويقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين، خلال السنوات العشر الأخيرة، بنحو 35.7 مليار دولار أمريكي.
وكانت كندا قد طالبت السعودية بالإفراج عن حقوقيين سعوديين اعتقلتهم وإن اتفق البعض مع الرياض بأن ذلك تدخل في شؤونها، لكنه في ذات الوقت يلح تساؤل عن ذلك البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية قبل أشهر ووجهت فيه انتقادات عنيفة لحملة الاعتقالات التي شنتها السعودية ضد ناشطين ومفكرين وأئمة ودعاة. بيد أن الرياض لم تقم بأي احتجاج ولاذت بالصمت البهيم. وحتى في هذه الأزمة قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، إن بلاده طلبت من الرياض معلومات مفصلة عن النشطاء المحتجزين. وأن بلاده تواصل تشجيع الحكومة السعودية على احترام الإجراءات القانونية وإتاحة المعلومات الخاصة بوضع القضايا القانونية.
أما الأكثر استغرابا التوجيه الصادر لوسائل الإعلام السعودية بمهاجمة السجل الحقوقي في كندا. وتحدثت وسائل الإعلام السعودية عن ما وصفته بالممارسات والانتهاكات الفاضحة التي تقوم بها الدولة الكندية ضد مواطنيها. ولعل ما جعل التقارير الإعلامية السعودية أقرب إلى التهريج أنها لم تكن معززة بأي مصادر أو أدلة، وتصوير كندا باعتبارها دولة موغلة في ظلام الديكتاتورية والقهر أمر يستحيل تسويقة بأي حال من الأحوال.
لكن لاحقا أبدت السعودية نوعا من التراجع مع إصرار كندا على عدم الرضوخ للتهديدات السعودية؛ فقد قال وزير الطاقة السعودي إن الأزمة التي تمر بها العلاقات بين الرياض وأوتاوا لن تؤثر على علاقات شركة أرامكو السعودية مع عملائها في كندا. وهنا بدا التناقض وربما الارتباك، إذ كيف في ذات الوقت الذي يسمح فيه لاستمرار العلاقات النفطية، ينقل المرضى والطلاب السعوديون على عجل وتلغى الرحلات الجوية بسبب طارئ سياسي قابل للتغيير في أي وقت؟. ومعلوم أن احتياطي كندا النفطي يقدر بنحو 175 مليار برميل. إذ يبلغ إنتاجها 3.5 مليون برميل يومياً، ومرشح للارتفاع بأكثر من 80% في السنوات الخمس عشرة المقبلة. ورغم الإجراءات السعودية العنيفة لم يبد رئيس الوزراء الكندي، اهتماما بها وقال إنه سيواصل الضغط على الدول بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان، حتى مع استمرار تصاعد الأزمة مع السعودية.
رد الفعل السعودي غير المتوازن يبدو وكأنه محاولة لإخفاء ما هو أعظم من الانتقادات الكندية التي تعتبر عادة غربية تتكرر تجاه الدول الأخرى التي تعتبر خارج المظلة الحضارية الغربية. وتقول الصحافة الغربية إن رد الفعل السعودي على كندا يدهش العالم ويرعب المستثمرين. وأن ذلك مدمر لسمعة السعودية الاقتصادية، في وقت تحتاج فيه السعودية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية حتى تتمكن من تنفيذ خطة التحول الاقتصادي من الاعتماد على النفط إلى القطاع غير البترولي التي أطلق عليها ولي العهد السعودي "رؤية 2030".
إن الرياض تخطئ كثيرا إن كانت تظن أن ردة فعلها تجاه كندا ربما تمثل رسالة تحذير توجهها للعالم، بأنها ستستخدم كامل عضلاتها المالية والنفطية ضد أي دولة تنتقده. بل تبدو في حقيقة الأمر وكأنها نمر من ورق.