ليلة هجوم داعش على قاعة امتحانات جامعة الخرطوم! بقلم عثمان محمد حسن

ليلة هجوم داعش على قاعة امتحانات جامعة الخرطوم! بقلم عثمان محمد حسن


07-29-2018, 08:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1532892063&rn=1


Post: #1
Title: ليلة هجوم داعش على قاعة امتحانات جامعة الخرطوم! بقلم عثمان محمد حسن
Author: عثمان محمد حسن
Date: 07-29-2018, 08:21 PM
Parent: #0

08:21 PM July, 29 2018

سودانيز اون لاين
عثمان محمد حسن-
مكتبتى
رابط مختصر





تحدثت صحيفة الراكوبة قبل يومين عن نية شباب حزب المؤتمر الوطني تبني مواهب في مجال الرقص.. بل و عن قيام أولئك الشباب بتقديم دعوات لرصفائهم المهتمين ( بالرقص) والمبدعين فيه، زاعمين أنهم بصدد التوثيق للتراث السوداني..

و عدت إلى ( ليلة العجكو..) الراقصة.. عدت بعد خمسين سنة من ليلة احتلال الدواعش تلك القاعة المهيبة.. و السيطرة عليها!

في أواخر ستينيات القرن المنصرم.. شاءت ( الجبهة الديمقراطية) لطلاب الجامعة أن تقدم نماذج من تراث الغناء و الرقص السوداني من مختلف بقاع السودان في قاعة الامتحانات بجامعة الخرطوم بغرض الاحتفاء و التعريف بالفنون الشعبية في مناسبات الأعراس و الحصاد و الخ...

اكتظت قاعة الامتحانات بالطلبة و الطالبات و ضيوف من مختلف أنحاء العاصمة المثلثة.. و كانت المتعة تغمر الجميع.. أغاني و أهازيج و عبق العطور و البخور.. و الرقصات و الايقاعات التي تعكس التنوع الفلكلوري السوداني..

و حين بدأت كردفان تتقدم برقصة ( العجكو).. أخذت القلوب تحلق في سماء الابداع إلى أعلى، فأعلى..

كانت شموس كردفان تبهر الحضور بإيقاع مذهل.. في تلك الليلة التي اشتهرت باسم ( ليلة العجكو).. ( و الحلو ما يكملش!).. إذ
فجأة صرخ الداعشي (حاج نور)، ملَك الموت، من اللا مكان.. صرخ صرخة داوية :- " أوقفوا هذا العبث!"
كان مختبئا في جحر ما.. و من جحره خرج ليصدر إشارة الهجوم المتفق عليها: " أوقفوا هذا العبث!"
أوامر صدرت من أحد مؤسسي الداعشية لبدء الهجوم على المسرح.. و ضرب الراقصين و الراقصات و كل من يعترض طريقهم من الطلبة و الطالبات و الضيوف.. فتطايرت الكراسي و الطاولات في شكل قذائف.. قذائف موجهة نحو المسرح.. و تقدمت تشكيلات عسكرية داعشية منظمة .. و في تقدمها تكتيكات للهجوم على المسرح و تخريبه.. و الهجوم على المتفرجين و المتفرجات.. و هجوم.. و هجوم متواصل..
إرهاب متقن!

ساد القاعة الهرج و المرج.. و صراخ و عويل.. و تدافع مخيف stampeding و سقوط عند البوابة الرئيسية للقاعة، أجساد طالبات فوق أجساد طالبات أخريات.. و كنا، نحن الطلاب، نحاول مساعدتهن على الخروج من هجمات مؤسسي الداعشية..

و انجلت المعركة عن سقوط جرحى كُثر، و موت طالب واحد، ليس في قاعة الامتحانات ( ميدان المعركة)، بل أمام بوابة البركس.. و بيد أحد الداعشيين المسلحين بالأسياخ و السكاكين..

كانت ليلة ليلاء!
و في مساء اليوم التالي، أتى الدواعش إلى داخليات البراكس .. و تدفقت جموعهم من جامعات أخرى.. و وصلت سيارة تحمل كمية من السيخ تحت إمرة الطيب محمد خير الذي التصقت السيخة باسمه إلى يوم يبعثون...

أتوا للهجوم على اليساريين في الداخليات.. و لسوء حظهم، انتشر خبر الغزو بسرعة بين طلاب البركس، فأقبلوا جميعهم، تقريبا، و وقفوا في صف اليساريين في مواجهة مؤسسي الداعشية الأمر الذي فاجأ الداعشيين، و أخر هجومهم إلى أن بلغ الأمر البروفيسير المرحوم عمر محمد عثمان، مدير الجامعة وقتها، فتصدى للأمر بحكمة.. فانفض جمعهم و بعده انفض جمعنا..!

و الآن، و بعد خمسين سنة من حربهم على التراث القومي في ليلة العجكو، أتوا يبحثون عن التراث الذي أصروا على تغييبه.. بل عملوا على إزالته من ذاكرة الشعب السوداني.. و نجحوا في تشويه ذاكرة جيل شب في زمن غربة التراث السوداني عن السودان.. فصار جيلا ذا ثقافة منبتة مبتورة.. تراها فتحسبها خليجية طورا و مصرية طورا و غربية في طور ما..

إنه جيل تائه يبحث عن بعض تراثه عند حلول شهر رمضان كل عام في برنامج (أغاني وأغاني)..

أيها الشباب، " ضيعوك..! ودروك!.... الله ياخد ليك حقوقك و يجازي الظلموك!"