على التلاميذ إحضار الطباشير أيضاً..!! بقلم عبدالباقي الظافر

على التلاميذ إحضار الطباشير أيضاً..!! بقلم عبدالباقي الظافر


07-01-2018, 03:09 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1530454199&rn=0


Post: #1
Title: على التلاميذ إحضار الطباشير أيضاً..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 07-01-2018, 03:09 PM

03:09 PM July, 01 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


توقَّفت العربة الفارهة أمام بوابة المدرسة المتواضعة.. كان عطر الوزير يُعلن عن قدوم زائر مهم لمدرسة كوبر الأساسية.. بعد أن تفقد الوزير المدرسة التي أسست في العام ١٩٥٣ أعلن عن حزمة تعهّدات بسيطة من بينها تبليط فصل دراسي.. مرت الأعوام ومجلس الآباء ومدير المدرسة في انتظار تبرع وزير التربية.

زرتُ بالأمس ذات المدرسة التي كنتُ قد زرتها قبل سنوات حينما حاولت الحكومة تجفيفها بغرض التنازل عنها لمؤسسة ذات نفوذ عظيم..عندها كانت المدرسة في ظروف بائسة.. هجرها التلاميذ واحتل تربوي جزءًا منها مقراً لإقامته الخاصة.. تدخل الأهالي على وقع الاستفزاز وبذلوا مجهودات كبيرة في إصلاح البيئة.. على مدار الأعوام الثلاثة السابقة ارتفعت نسبة النجاح إلى ١٠٠%.. حسب إفادة عضو مجلس آباء فإنهم يشترون حتى الطباشير .. يخصصون وجبة إفطار للتلاميذ الفقراء.. ووجبة عشاء أخرى لطلاب الفصول النهائية الذين يستذكرون دروسهم ليلاً بالمدرسة.

ما يبذله المواطنون من جهد خارق ملحوظ في كل المدارس.. قابلتُ قبل أيام عاملاً بسيطاً طلبت منه إدارة المدرسة تبرعاً إجبارياً بمبلغ ألف جنيه لتسجيل ابنه الصغير.. صحيح أن مسمى المساهمة الإجبارية يتخذ اسماً ناعماً.. لكن ملخص القول إن لم تدفع لن يتم تسجيل ابنك في المدرسة التي تريد.. في مدرسة نموذجية أخرى فاق عدد التلاميذ في الفصل الواحد الثمانين.. في معظم المدارس يتولى أولياء الأمور توفير معظم الكتب وكل الكراسات.

لكن ما حدث في ولاية الجزيرة يشكل أمراً فوق حدود الإدهاش.. الحكومة هنالك لم تكتفِ بالانسحاب من أداء الواجبات الأساسية.. لكنها شرعت في إغلاق مئات المدارس التي بُنيت بجهود الأهالي.. ثم امتدت الحملة المعادية للتعليم حتى شملت المدارس الخاصة، حيث أغلقت نحو خمسين مدرسة قبل أن تتراجع الولاية لاحقاً عن خطواتها.. فكرة الوالي إيلا تقوم فقط على دراسة جدوى اقتصادية تعتمد على عد الرؤوس.. لكنها تتجاوز عوامل اجتماعية أخرى ذات أهمية.. بل إنها تتجاهل إمكانية حدوث تسرّب كبير خاصة على مستوى التلميذات.

في تقديري.. أن حُكّامنا الجدد أصيبت ذاكرتهم بخراب.. لم يكُن بوسع كثير من أبناء السودان بمن فيهم منسوبو النخبة الحاكمة أن يكملوا دراستهم لو لا تمويل الحكومة للتعليم.. فعلى أيامنا كانت الحكومة توفّر حتى الحبر السائل.. بل بعض من رصفائنا تلقوا العون الكامل في الداخليات المُلحقة بمعظم المدارس.. الآن الحكومة تتهرّب من القيام بمسؤولياتها وتُلاحق المدارس الخاصة بالجبايات .. ثم نصل لمرحلة تجفيف المدارس وإغلاقها بالضبة والمفتاح.

بصراحة.. تكاد الحكومة أن تجهز بسياسات خرقاء على مستقبل التعليم في السودان.. بل الغريب أن جزءاً من أساطير نجاح الإنقاذ كان في توسعة مدارج التعليم بالذات الجامعي.. هنالك جبهة معادية للتعليم تُموّلها الحكومة من حيث لا تدري.

assayha