سقوط منظمة التجارة العالمية أحدى آليات الامبريالية الجديدة بقلم د.أمل الكردفاني

سقوط منظمة التجارة العالمية أحدى آليات الامبريالية الجديدة بقلم د.أمل الكردفاني


06-16-2018, 12:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1529148199&rn=0


Post: #1
Title: سقوط منظمة التجارة العالمية أحدى آليات الامبريالية الجديدة بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 06-16-2018, 12:23 PM

12:23 PM June, 16 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر








▪حرب باردة ساخنة يقودها ترامب ، بوطنية خالصة ؛ وبرؤية رأسمالي محنك ، ضد حرية التجارة التي تم تبنيها منذ عام 1947 عبر اتفاقية قات GENERAL AGREEMENT ON TARIFFS AND TRADE
الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة.
منظمة التجارة العالمية ووجهت بمعارضة شديدة من الولايات المتحدة الامريكية باعتبارها تؤثر في اقتصاد السوق الحر. واستمرت مفاوضات دؤوبة بين الدول الاقتصادية الكبرى استمر لعشرات السنين ؛ بدأت بجنيف ثم فرنسا ، توركاي بانجلترا ، وانتهت بجولة اورجوي عام 1994 .
منظمة التجارة الدولية في ديباجة اتفاقية انشائها اشارت الى الدول النامية ؛ ومع ذلك فهذه الاتفاقية لم تكفل للدول النامية اي حماية ذات أثر من اقتصاديات الدول الكبرى اذا قامت بنزع الحماية عن قطاعاتها الاقتصادية الاستراتيجية ، ان دولة كالسودان ليس بامكانها ان تنافس الصين صناعيا ولا الهند تكنولوجيا ولا أمريكا زراعيا ، وتحرير التجارة مع هذه القوى يعني بدون ادنى شك انهيار الاقتصاد السوداني. ورغم ذلك تسعى الدول النامية للانضمام الى منظمة التجارة العالمية ؛ حتى لا يتم عزلها سياسيا من ناحية ، وحتى لا تفقد المعونات الاقتصادية ؛ وتتكامل منظمة التجارة العالمية مع مؤسسات امبريالية أخرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ولنلاحظ مثلا انه في الوقت الذي لا زالت منظمة التجارة العالمية ترفض انضمام دول افريقية ذات ثقل كالجزائر مثلا ؛ نجدها قد ضمت دولة كافغانستان ، رغم الفارق الشاسع بين دولة تفتقد لأدنى متطلبات الدولة وهي السلطة ذات السيادة ودولة لها مؤسساتها الاقتصادية القديمة كالجزائر.
تعمل منظمة التجارة العالمية على تخفيف حماية الحكومات لمنتجاتهم السلعية والخدمية وذلك اما برفع الدعم كاملا عن هذه السلع والخدمات بشكل مباشر او تخفيض الرسوم الجمركية التي يمكن ان تستخدم لحماية الناتج الوطني.
نعم قد تقبل دول نامية كالسودان بهذا التدمير الممنهج ، لأن الحكومة تحقق بذلك رضى خارجيا وتتلقى بعض المعونات ، ولكن ما الذي يجبر دولة عظمى كأمريكا اخضاع نفسها لشروط منظمة التجارة العالمية.
منذ سنوات اشتكت شركات صناعة السيارات في امريكا من المنافسة اليابانية والكورية لها وميل الشعب الامريكي الى شراء السيارات غير الامريكية ، مما مثل خسارة كبيرة للشركات الأمريكية ؛ ووفقا لاتفاقية التجارة العالمية لا تستطيع امريكا حماية صناعة السيارات ، لقد تجاهل اوباما في عهده احتجاجات كثيرة من قبل الرأسمالية الامريكية على الاغراق الصيني ، لكن الاغراق الصيني يتم بشكل مدروس بحيث لا يصل لدرجة الاغراق الذي يمكن ان يعطي امريكا الحق في اتخاذ تدابير ضده.
ترامب يحمي اقتصاد بلده ، جاء بدون تردد وفرض رسوما جمركية باهظة بلغت 25% من بعض السلع الصينية والاوروبية ، هكذا خلال ساعات فقط ، وجدت الصين نفسها في مأزق أما الاتحاد الاوروبي فقد جن جنونه ، واتخذت الصين والاتحاد الاوروبي سياسية انتقامية ؛ مع ذلك فامريكا غالبا ما لن تتأثر بتلك السياسات كثيرا ، بالقدر الذي ستتأثر به الصين واوروبا.
تقدم الاتحاد الاوروبي والصين بشكوى لمنظمة التجارة العالمية ، ووفقا لميثاق انشائها فإن للمنظمة ان تقوم بعمل تسويات وتوفيق او تحكيم بين الاطراف المتنازعة ؛ ولكن يشترط قبول الاطراف بالدخول في هذه الدعاوى ، ولا اعتقد أن هناك شيء يجبر ترامب على مجرد الرد على دعاوى الصين واوروبا ناهيك عن القبول بالدعوة.
ان ترامب اضاع جهود اكثر من ستين عاما من المفاوضات المستمرة بين دول العالم الكبرى بجرة قلم ، وهذا في رأيي المتواضع اعلان انسحاب ضمني لأمريكا من منظمة التجارة العالمية ، وانسحاب امريكا (القوة الاعظم اقتصاديا في العالم) يعني نهاية حتمية لمنظمة التجارة العالمية.
لكن اوروبا نفسها لا تستطيع ان تجادل امريكا في موقفها هذا ؛ فطوال فترة المفاوضات كانت الدول الاوروبية ترفض رفع الدعم عن بعض سلعها ، وتحفظت فرنسا على رفع الدعم عن الزراعة على وجه الخصوص ، بعد ان احتج المزارعون الفرنسيون ضد اي قرار على هذا النحو.
منظمة التجارة العالمية والتي حاولت ان تخلق مسارات حرة للتجارة تعتبر في نظري اكثر مثالية من الماركسية ، إن دولة كالصين مثلا تكلف فيها حياكة قميص سنت او سنتين لا يمكن ان تتركها لتجتاح صناعة القمصان الوطنية والتي تكلف في بلدك دولار او أكثر وتقف مكتوف الايدي وانت تشاهد مصانعك تغلق ابوابها . فرض ترامب رسوم جمركية على سلع كثيرة كالحديد الصلب والالمونيوم وغير ذلك واعتقد انه سيستمر في فرض جمارك على استيراد السيارات ، ثم يستمر في فرض حماية للصناعات التكنولوجية الامريكية ، ليحميها من الهجمة الهندية والصينية. وهذا يعني أن امريكا تفضل الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية والتي تراعي المصلحة الامريكية على وجه الخصوص. وبهذا الانسحاب الامريكي الضمني تكون منظمة التجارة العالمية قد لفظت أنفاسها الأخيرة .