كلية بلة الغايب للعلوم الطبية-صرح في عالم الطب بقلم د.أمل الكردفاني

كلية بلة الغايب للعلوم الطبية-صرح في عالم الطب بقلم د.أمل الكردفاني


06-14-2018, 00:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1528933991&rn=1


Post: #1
Title: كلية بلة الغايب للعلوم الطبية-صرح في عالم الطب بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 06-14-2018, 00:53 AM
Parent: #0

00:53 AM June, 13 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






كمستنيرين ظللنا ندعو الى توعية المجتمع ليتوجه توجها عقلانيا ؛ يعترف بقانون الطبيعة ؛ باعتبار ان المعتقدات الماورائية ليست سوى بواقي من البنى الاجتماعية البدائية. حين كان الانسان يؤمن بالسحر والعين ودمية الفودو التي يتم غرس الدبابيس فيها فيتألم الشخص المقصود وقد يلقى حتفه.
حقيقة كان الانسان -وربما مازال- لم يتجاوز خياله لأنه لا يقبل بالحقيقة ؛ الانسان الذي اذا شعر بألم اعتقد ان هناك سحر او عمل كتب له. هذه المعتقدات تنتشر حتى على مستوى السياسيين. بل نرى ان رئيس دولة يمكن ان يمتلئ قصره بالدجالين والمشعوذين حتى يقمع المعارضة وحتى يقمع الدول التي تهدد حكمه ، هناك كثير من القواد كانوا يحملون تمائم يعتقدون بأنها تحميهم . هناك فرق كرة قدم تلجأ لساحر لكي تفوز في مباراة. هذا شيء مؤسف حقيقة ، حين يكون عقل الانسان شديد البساطة والسذاجة الى هذه الدرجة ، لكن مع ذلك ؛ لا نستطيع ان ننكر ان كل هذه الخزعبلات لعبت دورا كبيرا في منح المجتمعات شعورا بالطمأنينة والأمن ، فوجود فكي او ساحر او شيخ في القرية اهم من وجود طبيب ، فالساحر (بتاع كلو) ؛ فك العمل ، تزويج المرأة ، تحيير الرجل ؛ زيادة الباه ، طرد الجان المتلبس ، جلب الحبيب ؛ جلب الرزق ، إمراض العدو واسقامه ؛ ....الخ. حقيقة لا يحدث اي شيء من ذلك وان حدث فبالصدفة البحتة... لكن اعتقاد الناس بالوهم اهم من الحقيقة. ولذلك فالشيوخ والفكيا والسحرة وخلافه من المهم جدا ان يظلوا موجودين ومتوفرين في المجتمعات خاصة الفقيرة ؛ لأن وجودهم يحقق السلام الروحي ومن ثم السلام الاجتماعي. لكن يا قوم ؛ لماذا قلت كل ما سبق ؛ حقيقة ما دعاني الى قول ذلك هو تجاربي المستمرة مع الاطباء السودانيين...اعتقد ان هناك اشكالية حقيقية فيما يتعلق بالطبيب السوداني. فانا كمريض عندما اذهب لطبيب فانا اتوقع احد امرين: اما علاج مباشر للمرض او توجيه جيد لطبيب من تخصص اخر... لكنني في الواقع لا احصل على اي من هذا ... وبالتالي اكون انفقت قرابة الف جنيه والمرض لا يزال مستوطنا في جسدي.
ذهبت الى طبيب بسبب صداع استمر معي لاسابيع ، لم يهتم الطبيب بالصداع بل خلق لي مرضا اخر (قاوت) وكتب رشتة وتركني اعود بصداعي الذي استمر اسابيع أخرى قبل ان يزول من تلقاء نفسه وامسكني الطبيب في مرض جديد... ذهبت لطبيب اخر وبعد التحاليل لم اجد المرض القديم رغم ان من المفترض انه مزمن وهو (القاود) ، ولكن الطبيب الجديد خرج لي بمرض السكري ، وخرجت من عنده دون ان اعرف سبب المرض الذي ذهبت من اجله اليه ؛ اليوم ذهبت الى الطبيب باعراض مرضية ؛ وبعد التحاليل لم تهتم الطبيبة بالاعراض التي ذهبت من اجلها وانما اعطتني دواء لالتهابات بالبول. وعدت منها دون ان اعرف اسباب المرض الذي ذهبت من اجله ولكنها امسكتني في مرض جديد وادوية جديدة ، الاطباء السودانيون هم في الواقع يفتقرون لأي مخيلة... حقيقة الواحد منهم حافظ ومش فاهم...
تحاليلي الطبية ..دم..بول ..سكري .. وجدت نسبة التهاب بسيط في البول..واعطتني مضاد حيوي.. سألتها:بالنسبة للاعراض التي جئت من اجلها ، تلجلجت ولم تجب ثم سألتني : هل تأخذ ملت فيتامين... اجبتها : لا ... كتبت لي ملت فيتامين...
ولا زال سؤالي بدون اجابة...
للاسف لم اذهب لطبيب يوما واعطاني (عقاد نافع) ، اين اذهب بعد هذا... هل اسافر الى دولة اخرى ام ماذا افعل...؟
اريد حلا...
انني اتساءل ؛ لماذا لا يقول لك الطبيب انني لم استطع معرفة مرضك ، ثم يوجهك الى طبيب اخر مختص. هل في هذا عيب؟ اليست العلوم تخصصات؟
واذا كنا نذهب الى طبيب والطبيب يترك مرضك الاساسي ويقبض في موضوع اخر ، اذن لماذا ينشؤون كليات طب ؛ وليتركونا نذهب الى الفكيا والسحرة والمشعوذين. لا يمكن ان تذهب لطبيب الا وتقابل بالصمت ؛ في حين لو ذهبت لدجال فسوف يطلق عشرات الابخرة الملونة ويغمغم بعشرات التعاويذ الفارغة ثم يعطيك عشرات الاجابات لأي سؤال واي طلب بالاضافة الى محايات وبخرات ما انزل الله بها من سلطان. اذا كان هذا حال الطب في السودان حيث يموت الانسان في المستشفى دون ان يعرف ذووه سبب وفاته ؛ اذا فلنتحول الى طب السحر والشعوذة ؛ فلننشئ كليات طب بلة الغايب وخميس ود ام مريوم ، واب عشيش المكلوج ؛ وكل سحرة السودان ؛ على الاقل نحصل على اجابات ولو كانت غير منطقية لكنها افضل من الصمت الذي يطلق علينا ونحن نغادر المستشفيات دون ان نفهم شيئا ؛ لا نعرف لماذا مات مريضنا ، ولا التداعيات التي سببت انهياره الجسدي ولا اساسا طبيعة المرض.
حدثت قصة حقيقية طريفة جدا ؛ فأحد المرضى قام بعمل اشعة لصدره ؛ وحين ذهب بها الى الطبيب نظر الطبيب الى صورة الاشعة ثم اتسعت عيناه بجزع ؛ بعدها حاول تمهيد الخبر للمريض الذي شعر بخوف الطبيب وجهز نفسه للخبر القاتل ؛ اخبره الطبيب بأن هناك حشرة في رئته. اندهش الرجل ونظر الى صورة الاشعة فأشار له الطبيب الى بقعة سوداء ؛ مؤكدا وجود الحشرة. اضطر الرجل الى السفر خارج السودان ، وهناك قاموا بعمل اشعة جديدة وكانت النتيجة نظيفة ؛ اندهش الرجل وقال لهم: والحشرة ؛ اجابه الطبيب الخواجة: هذه الحشرة في جهاز الاشعة اخبرهم ان ينظفوا الجهاز.
ربما تكون هذه القصة حقيقية لأن من قصها لي لم يكن يبدو عليه الكذب لكن حتى وان لم تكن حقيقية ؛ فهناك ما هو اسوأ منها ؛ اعرف اشخاصا تم نسيان مقصات داخل امعائهم ، واشخاص شخصوا خطأ بالسرطان فانهاروا من الخبر ، وغير ذلك من بلاوي في هذا البلد .
انني اطالب الحكومة باغلاق كافة كليات الطب ، وانشاء كليات متخصصة في الطب السحري والتمائم والتعاويذ والطلاسم ، وان يدعموها بما يلزم من كل انواع البخور ؛ دم الاخوين ؛ العود ، اللبان الضكر ، الجاوة ، ...الخ . فأن نموت ونحن نتوهم معرفة ما اصابنا افضل من ان نموت بجهلنا بأمراضنا.
والله من وراء القصد.