Post: #1
Title: صدى الصوت !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 06-07-2018, 01:33 PM
01:33 PM June, 07 2018 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
*لدى حنين جارف نحو الأمكنة الحنينة..
*نعم؛ فالأمكنة قد تكون ذات أُلفة نحوك... أو جفوة... أو لا مبالاة..
*أو أنت الذي تكون أليفاً تجاهها... أو مجافياً... أو محايداً..
*وربما يكمن سر هذه الأحاسيس المتبادلة في ذكريات بعينها... حلوها ومرها..
*وذلك بافتراض- يقرب إلى الظن عندي- أن للأمكنة مشاعر..
*ومن هذه الأمكنة- وهي عديدة- بلدة الخندق الأثرية بشمالنا النوبي..
*وأعظم أثر فيها هو قلعة (قيلي قيلي)... وتعني أحمر في أحمر..
*وأعظم ملوكها هو الملك بشير... الذي سُميت البلدة باسمه..
*وهو جد كاتب هذه السطور... وجد الشاعر النوبي المعتق عبد الإله زمراوي..
*وكذلك جد الهرم النوبي محمد وردي... من جهة جدته أمه..
*وقبل أيام كاد أحد أبنائها من ذوي الحنان يبكي أمامي وهو يذكر حنان الخندق..
*ويذكر تحديداً الذي كتبته في كلمة سابقة عن (سر الصوت)..
*وقال إن ذكرياتي الخاصة بتلكم الأيام ذكرته بمكان تسامرهم الشبابي... زمان..
*وهو المكان ذاته الذي يأتي منه الصوت... وصاحبه..
*وإلى الآن لا أحد يدري (من)... أو (ما)... كان صاحب ذاك الصوت المخيف..
*فربما كان بشراً... أو حيواناً... أو ريحاً... أو (روحاً)..
*ومفردة (روح) هذه نختزل بها العديد من تفسيرات الناس الغيبية لمصدر الصوت..
*ولكن محدثي لم يجد الصوت عند زيارته الخندق... حديثاً..
*وهو قريبي أحمد مهدي سلمان... ابن شيخ المنطقة... وأحد سمَّار (المكان)..
*والمكان أسفل الاستراحة الشامخة... حيث يمر الصوت..
*يمر من الطريق الجانبي المحاذي لها... وتطل هي على الطريق الرئيسي..
*وتطل كذلك على البلدة... وجزيرتها... ونيلها... وسحرها..
*قال إن كلمتي تلك جعلته يحرص على زيارة (المكان)... من بين بقية الأمكنة..
*فاستشعر المكان... والزمان... والسمر... والصوت..
*استشعر صدى ذلكم كله؛ فاعتصر الحنين قلبه... وعقله... ودموعه..
*فالمكان الذي كان ذا حنين حاضر... صار ذا ماضٍ حنين..
*وحتى الصوت ما عاد له وجود... وما عاد المكان هو الذي (ما زي بقية الأمكنة)..
*وكأنما الصوت استوحش المكان بعد هجرة الناس... فهاجر..
*وما دفع الناس إلى هجرة بلدتهم أنها فقدت ما كان يميزها... ويمثل مصدر دخلها..
*وهو موقعها كمركز تجاري يربط بين مناطق عدة..
*من مصر شمالاً وحتى كوستي جنوباً والفاشر غرباً... ومن أحياء الخندق (الفاشر)..
*ولكن البعض يسعى جاهداً الآن لإعادة البلدة سيرتها الأولى..
*وذلك باستبدال مركز تميزها السابق إلى مركز جذب سياحي... وآخر زراعي..
*ومنهم أحمد الذي زارها للبحث عن حاضرها..
*فإذا به يقع أسير ماضيها؛ ويفتقد الضحكات... والهمسات... وفرح الصباحات..
*ويفتقد حتى الصوت الذي كان يخشاه الجميع...ليلاً..
*يخشاه الناس... والحيوان... والطير... وأمواج النيل التي تتكسر فرقاً على الشاطئ..
*فربما كان يصلح هو ذاته لأن يكون (أثراً) سياحياً..
*ولكن لم يبق الآن سوى (صداه !!!).
assayha
|
|