ماتت الثورة..!! بقلم عبدالباقي الظافر

ماتت الثورة..!! بقلم عبدالباقي الظافر


06-02-2018, 01:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1527943718&rn=0


Post: #1
Title: ماتت الثورة..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 06-02-2018, 01:48 PM

01:48 PM June, 02 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


مضت تلك الليلة بشكل اعتيادي على العم عوض الله..من المطار مسافرا إلى أهله في السجانة..في طريق العودة إلى المطار استشعر أن هناك حركة غير عادية..خبرته وعمله السابق في سلك الجندية جعلته يشعر أن ثمة شيء في الطريق..تعجل العودة إلى أسرته..في طريق عودته إلى أهله في أم درمان وجد جسر النيل الأبيض قد سد في وجهه..مازح العسكر عن الانقلاب الذي اشتم رائحته قبل ساعات..عاد إلى جوف سيارته.. حرك مؤشر الإذاعة في الصباح الباكر فاستمع إلى مارشات عسكرية..منذ تلك اللحظة اعتبر الحاج عوض الله نفسه شريكاً في الإنقاذ.

في مطار الخرطوم كان يجتمع حوله الزملاء..يحدثهم أن الثورة كانت ضرورة..يخبرهم أنه وطني اتحادي..شاهد الأزهري يرفع العلم..وأن قلبه يكاد يطير من جوفه كلما مر ببيت الأمة في أم درمان..رغم ذلك يؤيد الحكومة العسكرية الجديدة..يقسم لهم لولا الإنقاذ لاحتل قرنق جوبا وملكال وأمست كوستي في خطر.

عندما استشعر أن العالم بدأ يطبق حصاره على حكام الخرطوم الجدد..مارس الحاج عوض الله المؤازرة على طريقته الخاصة..غطى عربته القديمة بمشمع أكثر قدماً..حمل الطورية ومعدات الزراعة واتجه إلى أهله في مروي..كانت عودته إلى الحقل حكاية تتناقلها المجالس.. زرع الأرض قمحاً..عندما هم بحصاد زرعه جاءه ممثل الحكومة طالباً منه التوقف عن تعبئة القمح..لم يفهم الثائر أوامر السلطة..الأفندي شرح له أن القمح سلعة إستراتيجية وبناءً على هذه القاعدة مازرعه يجب أن يذهب للحكومة.. شعر عوض الله بغصة.. رمي المنجل وترك الحقل وعاد إلى الخرطوم وفي نفسه شيء من حتى.

بدأ سائق التاكسي يشعر أن انقلابه ضل الطريق..كلما لمح بناية تسمو في السماء توقف برهة وسأل عن صاحبها..أدرك بحسه أن الثوار الجدد تطاولوا في البنيان.. حاجز عدم الثقة يزيد يوماً بعد يوم..أخيراً وصل الحاج مرحلة فقدان الأمل..مارس الاحتجاج من منازلهم.. يغلق التلفاز ما أن يطلُّ على الشاشة مسؤول رفيع أو غير رفيع.. يترك المسجد المعتاد كلما اعتلى إمام مناصر للحكومة منبر صلاة الجمعة.

الحاج عوض الله كان يجلس ظهر الجمعة في بيته..سمع المارشات العسكرية..تحرك فيه مؤشر الثوري إلى مداه الأقصى..ركب دابته القديمة ومضى إلى الشارع..فتح الراديو وسمع بتحرير هجليج..وقف في أقرب (كنتين) واشترى كمية من الحلوى ووزعها على المارة..بدأ يزرف الدمع بغزارة..اتجه بلا وعي إلى القيادة العامة.. شعر بزهو بالغ..كان يهتف مع الجموع حتى بح صوته.

انسحب من المهرجان عندما رأى ذات الوجوه القديمة تعتلي المسرح..الرجال الذين سببوا الانكسار منحوا وشاحات..عاد الحاج عوض الله إلى عربته..كان يسير في الاتجاه المعاكس وحيداً..لملم العلم الذي نصبه أعلى سيارته ..قال لنفسه "مافيش فايدة الثورة ماتت".


assayha