الوطن البديل ! بقلم أيمن الصادق

الوطن البديل ! بقلم أيمن الصادق


06-01-2018, 03:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1527862289&rn=0


Post: #1
Title: الوطن البديل ! بقلم أيمن الصادق
Author: أيمن الصادق
Date: 06-01-2018, 03:11 PM

03:11 PM June, 01 2018

سودانيز اون لاين
أيمن الصادق-sudan
مكتبتى
رابط مختصر

نصف الكوب

[email protected]



مامادو غاساما المهاجر غير الشرعي - بفرنسا - و الذي يبلغ من العمر 22 عامآ ، وصل باريس بعد أن ترك موطنه ( جمهورية مالي ) حاله كالكثيرمن المهاجرين غير الشرعيين ، لم يكن يحلم بأكثر من وطن ( بديل ) ويبحث عن معنىً للحياة ، إلى أن قاده حظه لذلك الشارع الباريسي الذي وجد فيه جماعة من الناس يصرخون ، والبعض كان يطلق أبواق السيارات لوجود طفل يتدلى من الطابق الرابع بإحدى البنايات وبكل شجاعة ( ومروءة أفريقية ) تسلق مامادو واجهة المبني وسحب الطفل لأعلى ... وهذا موقف أراح الشعب الفرنسي من خلال مشاهدته العالية لفيديو إنقاذ الطفل ، والذي شاهده الملايين حول العالم بعد مرور ساعات فقط .
في دولته مالي وعموم أفريقيا - وخاصة الفرانكفونية - كان للحادثة أثر إيجابي عميق في نفوس الشباب هناك وتحدثوا عنها بكثافة سيما الشباب الذي يحلم بالوصول للقارة العجوز والبحث عن مستقبل أفضل ؛ لضيق الفرص وضياع أحلامهم في بلدانهم ( بلدان القهر والكبت ، والفساد المستشري !) .. بإعتبار أن مامادو سيجعهلم ينظرون للمهاجر غير الشرعي بنظرة إيجابية ، فالكل متخوف من مغبة تعامل الغرب من المهاجرين وللاجئين بسبب العديد من المواقف والأحداث السلبية والتي تتعلق بالمهاجرين كالإرهاب وموضوع الإندماج والعادات السيئة .
ومن جهة أخرى ما قام به مامادو يدعم أهم نقطة في حوار المؤيدين مع الرافضين للهجرة وهي أن يكون المهاجر محبآ لمجتمعه الجديد ، ويكون سلوكه منسجم والقوانين ؛ وهذا يؤسس لبناء الثقة في المهاجر غير الشرعي – فهو إنسان - خاصة وأن الأحداث الإرهابية التي شهدتها فرنسا في السنتين الماضيتين كانت الأقوى ، وجميعها أثارت موضوع الهجرة والمهاجرين ، ، وكذلك في الإعتبار مشروع القانون الخاص بتنظيم الهجرة وتسهيل الإندماج مع أن مشروع القانون يجد معارضة حتي داخل حزب ماكرون ( حزب الجمهورية إلى الأمام ) وبالرغم من أنه حزب سياسي وسطي ليبرالي إجتماعي ! .
قبل التكريم الرئاسي الذي حُظى به مامادو والمتمثل في توفيق الأوضاع ومنح الجنسية مع وظيفة في الدفاع المدني تلقى شكر وعبارات إمتنان من عمدة باريس ، ومن جماهير الشعب الفرنسي الذي يُقدس الشجاعة والوفاء والتضامن بإعتبارها أهم قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية وظهر ذلك من خلال أحداث عديدة .
ومن بين الملايين الذين تركوا أوطانهم بسبب الأوضاع السيئة حصل مامادو على ما كان يحلم به في ظرف ثلاثين ثانية وهو الزمن الذي تسلق فيه المبنى ، وبرأيي أن مامادو عندما كان في طريق هجرته ( غير الشرعية ) الى فرنسا واجه العديد من المصاعب ، وربما خاطر بحياته في سبيل الوصول لعاصمة الأنوار ؛ وهو أمر يجعله مدرك تمامآ لمعنى الحياة ، ويقدرها ، ويقدسها ، لدرجة أنه يستوعب بسرعة موقف أن يكون الإنسان على وشك أن يفقد حياته ( كالطفل الذي أنقذه ) .
أخيرآ ما حصل عليه مامادو يستحقه تمامآ ، ولن أثني – هنا- على ماكرون بإعتبار أنه أوفى مامادو حقه نظير شجاعته وإنسانيته العالية ؛ ولأن الوفاء من قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية .
تساءلت إن كان ما قام به المهاجر المالي كان بإحدى دول الخليج البترولية المتطاولة في البنيان ، وكيف سيتم التعامل مع مامادو ... وهم لا يعرفون غير لغة الدراهم والريالات ؟! ( لغياب القيم التي من بينها الوفاء ! ) .
تهانينا لمامادو بحصوله على وطن بديل ، فهو كالقلب البديل يكون بعد عملية جراحية معقدة ( كضيق الأوطان وركوب قوارب الموت ) ولكنه ضروري في الوقت نفسه ! .