الصف الأول ..هكذا نصنع الطواغيت..!! بقلم عبدالباقي الظافر

الصف الأول ..هكذا نصنع الطواغيت..!! بقلم عبدالباقي الظافر


05-30-2018, 02:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1527686478&rn=0


Post: #1
Title: الصف الأول ..هكذا نصنع الطواغيت..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 05-30-2018, 02:21 PM

02:21 PM May, 30 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


في ذات يوم وصل الرئيس إلى المسجد متأخراً لأداء صلاة الجمعة على غير العادة.. أفسح له الناس الطريق وأجبروه على الوقوف في الصف الأول.. لكن المعلم علي عزت بيغوفيتش التفت نحو المصلين قائلا" هكذا تصنعون طواغيتكم".. في بلدنا هذا موظف رسمي بعض من مهامه الرسمية حمل حذاء المسؤول الرفيع حين يدخل المسجد.. وآخر مهمته أن يحفظ خانة في الصف لذات المسؤول لحين وصوله.. ومؤخراً باتت هناك مساجد مخصصة للناس الكبار بها غرف (VIP).. في هذه الغرف ما لذ وطاب من الطيبات.. يهرع لها الكبار بعد الفراغ من الصلاة المكتوبة حتى لا يختلطوا بعامة الناس.

أمس الأول تناقلت وسائل التواصل خبر مشادة بين مواطن وبعض مرافقي الشيخ إبراهيم السنوسي مساعد رئيس الجمهورية.. حسب الإفادات أن شاباً جاء مبكراً وجلس في المكان الذي اعتاد أن يقف شيخ السنوسي بمسجد سيدة سنهوري.. ثم حدثت المشادة حتى تدخل إمام المسجد وسيطاً.. بيان لاحق صدر من مكتب مساعد الرئيس لم ينف الواقعة بل قدّم تبريرات بائسة من بينها أن الشيخ ظلّ يصلي في ذات المسجد لعشرات السنوات ولم تفته تكبيرة الإحرام.. وعلل البيان مكانة الشيخ في الصف الأول لتصحيح الإمام إن أخطأ باعتبار أن السنوسي من حفظة القرآن الكريم والمفسرين والمجودين له.. قبل بيان التوضيح استبعدت أن يكون الشيخ السنوسي بطلاً لمثل هذه الحادثة خاصة وأنها حدثت في مكان لا يليق أن ترتفع فيه الأصوات .

من سوء حظ الشيخ السنوسي أن ارتبطت به هذه الحادثة والتي ستلقي بآثار سالبة على صورته في أذهان أهل السودان.. لكن حكاية الصف الأول هذه متمددة في التنظيمات السياسية وأكثر وضوحاً في الحزب الحاكم.. في إحدى صورها أطلق عليها الدكتور الأفندي الـ (سوبر تنظيم).. هذا التنظيم خفي وأخذ أشكالاً متفرقة حيث كان يسمى بالمجلس الأربعيني عقب انقلاب الإنقاذ .. في الحقيقة لم يكن هناك مجلساً بذاك العدد.. لكن كانت هناك مجموعة تجتمع ليلاً ومن كان رئيساً بالنهار يتحول إلى مرؤوس.. ومن كان حبيساً يتولى إمارة العصبة الحاكمة حتى تنتهي ولايته مع شروق الشمس.

مشكلة الصف الأول أو التنظيم الخفي أنه يتمدد أحياناً ليشمل شخصيات معينة ثم يتقلص في أحيان أخرى حتى يقل عدد أعضائه عن أصابع اليد.. هذا الصف الأول يمارس وصاية على كل المواطنين.. بل يتوهم أن البلد ستصبح في خبر كان إن غاب أحدهم عن المشهد.. كلما حدثت مصيبة كان هناك تبرير يحمِّل المسؤولية للإمبريالية الدولية أو في أسوأ التقديرات يُتهم الشعب المسكين بالجحود وعدم التدبر .. هنا لاتوجد محاضر اجتماعات وإنما جلسات أنس تزينها القهوة والشاي وربما اللقيمات.. في هذه المجالس تتخذ أخطر القرارات .

في تقديري لن يحدث إصلاح إن لم يتمكن الشعب من تحطيم أسطورة الصف الأول.. ليس في مسجد سيدة سنهوري بل في كل مكان..على الناس أن تستوي في الصفوف وأن يتقدم للأمام من يختاره الناس من غير إكراه .. معظم علل الحياة السياسية السودانية أن هناك من يفترض قوامة على الناس..عبر هذا الإحساس يفتح باب الإقامة الدائمة في السلطة.. ومن هذا المنهج غير القويم نصنع الطواغيت أو كما قال الرئيس بيجوفيتش.

بصراحة.. لو كنت مكان الشيخ السنوسي لما أصدرت بياناً توضيحياً.. حتى يسمع بالحادثة من لم يسمع.. بل لذهبت لمنزل ذاك الشاب حين موعد الإفطار وصليت من ورائه.. لكن مشكلة شيخنا أنه دائماً من رجال الصف الأول.



assayha