محاكم الفساد ... وهم الوهم بقلم د.أمل الكردفاني

محاكم الفساد ... وهم الوهم بقلم د.أمل الكردفاني


05-22-2018, 06:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1527008576&rn=0


Post: #1
Title: محاكم الفساد ... وهم الوهم بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 05-22-2018, 06:02 PM

06:02 PM May, 22 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






تم اعلان انشاء عدة محاكم للفساد... ولكن الغريب انه لم يصدر حتى الآن قانون موضوعي يعاقب على الصور المختلفة التي يمكن ان يتحقق بها الفساد في المال العام. صدر قانون اجرائي من ثلاثين مادة تقريبا وهو .. قانون الشفافية و الاستقامة و مكافحة الفساد لسنة 2016 ولم يتضمن عقوبات. وهناك القانون الجنائي بتعديلاته الاخيرة وقانون الثراء الحرام بمادتين.
اذن ما الداعي الى انفاق ملايين الجنيهات في انشاء محاكم فساد ؛ والم تكن دعاوى الفساد يتم النظر فيها بدون حاجة لمحاكم متخصصة من قبل ؛ خاصة انه حتى بالنسبة لمحاكم الفساد هذه لم تتطلب في تشكيل هيئة المحكمة خبراء اقتصاديين. اي ان كل ما سيحدث هو ان يخرج القاضي من محكمة الى بناية محكمة أخرى فما السبب في ذلك؟ اذا كانت السلطة القضائية ترغب في انشاء محاكم فساد متخصصة فلا يكفي منشور انشائها الصادر من السلطة القضائية بل لابد من سن تشريع برلماني موضوعي يواكب هذه التخصصية ، كما يجب تغيير الشكل التقليدي لهيئة المحكمة لتتضمن فنيين وخبراء. ومع ذلك فحتى لو حدث هذا فلا معنى له. لأن المحاكم عموما تستعين بالخبراء عندما يتعلق موضوع الدعوى بمسائل فنية شديدة التعقيد. وبالتالي فما هي الحاجة الى انفاق الملايين لانشاء محاكم فساد سوى احداث ضجة اعلامية لا معنى لها في موضوع لا يضيف شيئا من الناحية القانونية ولا من ناحية العدالة الجنائية. فهناك بالفعل عشرات الدعاوى المنظورة قبل انشاء هذه المحاكم وبنفس القضاة وتطبق فيها ذات الاجراءات الجنائية.
حتى الان احيلت بضع قضايا الى هذه المحاكم ، رغم انه كان بالامكان انشاء دوائر فقط . فهذا كاف تماما على ما اعتقد.
ان مسألة مكافحة الفساد لا تحتاج لمبان جديدة ولا حتى لقوانين جديدة وانما لمنظومة عدلية كاملة جديدة وهذا لن يحدث في ظل النظام الحالي ابدا... مما يجعل كل هذه الغاغة لا قيمة لها على ارض الواقع. ان الشفافية والاستقامة تبدأ اولا بتأكيد حرية الصحافة والاعلام ؛ فالصحافة هي السلطة الرابعة التي تمثل عين الشعب على الحكومة. وليتحرر الاعلام فلا بد من الفصل بين السلطات والتأكيد على استقلال القضاء وحظر تحصين اي تصرف للسلطة التنفيذية من الرقابة القضائية... وهذا ما اشرنا الى ضرورته منذ سنوات بعيدة ولم يجد له استجابة. كيف تكون هناك مكافحة للفساد والصحف تصادر وتخضع لرقابة امنية ، مع اخفاء شامل لأي معلومة تتعلق بالمسؤولين بل حتى ابراء الذمة جعلوه سريا ، فما الفائدة اذن من محاكم فساد. الحديث انصب على من اسموهم بالقطط السمان ، ولكن هذه المنظومة الفاسدة لم تكن وليدة اليوم بل لها ثلاثين عاما وهي تتسرب كفيروس نقص المناعة في جسد المال العام حتى ملكت عطافه وحشاياه .
ما معنى ان يقضي قاض في جريمة قتل ثم يخرج لمبنى اخر ليقضي في جريمة فساد. بل حتى ولو تم تفريغ قضاة لقضايا الفساد فهذا ايضا لا معنى له لأن ذلك يمكن ان يحدث عادة بدون حتى وجود محاكم فساد.. خاصة في القضايا الكبيرة.