Post: #1
Title: و...فارَق !!- بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 05-17-2018, 02:02 PM
Parent: #0
02:02 PM May, 17 2018 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر *كان سكوناً عجيباً في تلكم الليلة..
*وذلك في مثل يومنا هذا قبل سنوات عديدة خلت... يوم التهيؤ لرمضان..
*فكلمتنا هذه كُتبت من وحي ذلكم اليوم... أمس..
*كنا أربعة في مقتبل الصبا... ونتعاطى مُقبِّلات أحلام مشروعة زاداً لمقبل الأيام..
* أنا... وهشام... ومعتصم... ومجنون (ليلاه) صلاح..
*ومعتصم هو بطل كلمتنا هذه... وأمسيتنا تلك..
*كان في رقة نسيم الليلة المذكورة ؛ أدباً... ولطفاً... وتهذيباً... وأناقةً..
*بيت أهله انتبذ مكاناً قصياً من بين بيوت الحي..
*واتخذ من دونها حجاباً... نباتياً..
*وعند خروجنا من داره - ليلاً - أبت دماثة خلقه إلا أن يرافقنا حيناً..
*وتطاول ذلك الحين بتطاول الشارع المحاط بالأشجار..
*كنا نمشي الهوينى ؛ والدرب - بفعل سحر الليل - يطول... وتطول أشجاره..
*وتطول أيضاً أشباحه حتى لتكاد تعانق ظلمة السماء..
*وافترع أحدنا - فجأة - فكرةً شرخت مرآة الصمت... وتماهت ورهبة ذياك المساء..
*ومن غيره - معتصم - صاحب الخواطر الفجائية المجنونة ؟..
*وهي أن يُغني كلٌّ منّا أغنية لمن يحب من المطربين..
*وفي مصادفة غريبة كان هو - وشخصي - عاشقين لأغنيات أحمد المصطفى..
*وتمنَّعت بادئ الأمر... ثم أزعنت تحت وطأة إلحاحه..
*فقد كنت - وما زلت - ذا صوت تنفر منه الحمير... عند التغنِّي..
*وترنمت بمقاطع من أغنية (في سكون الليل)..
*فإذا بصوتي - ويا سبحان الله - ينطلق شجياً لأول... وآخر... مرةً في حياتي..
*وربما كان لحنَ وداعٍ ينبعث من مكامن غيبية بداخلي..
*ولدهشتي أبصرت - في ضوء فانوس شارع ناعس - دمعاً يترقرق بعينيه الحزينتين..
*فصمتُّ ؛ وذاب صمتي في سكون الليل... والمكان..
*لم نكن نسمع - لبرهة من الزمان - سوى حفيف الشجر... على إيقاع نسيم متثاقل..
*ثم انفلت من حصار الصمت صوتٌ يترنم بأغنية (فارِق لا تلم)..
*كانت من بين كل روائع (العميد) الأغنية الأثيرة لدى معتصم..
*وطفق يردد مقدمتها مراراً (فارق لا تلم... أنا أهوى الألم)..
*وبعد أن بلغنا سدرة منتهى سكتنا - وفي نفس كلٍّ منا شيءٌ من حتى - افترقنا..
*وما كان في نفس صلاح محض ترف قياساً للذي بنفس معتصم..
*فالأول يحلم بليلاه المتمنِّعة عليه... والثاني يحلم بتغيير متمنِّع على الشعب..
*و(فارقنا) معتصم - بعد أيام - إلى موسكو... حيث يدرس..
*ومرت أيام وليالٍ... وكرَّ علينا ليلٌ ونهار... وحدث التغيير... وزالت (مايو)..
*وسكر معتصم بخمر الفرح الحلال من بعد المقبِّلات المشروعة..
*ولم يحتمل قلبه الرقيق تحمُّل (وطأة) السعادة..
*ومشى مشواره الأخير في سكة الحياة عند أوان مشوارنا المسائي ذاك نفسه..
*وفي سكون الليل..... فارَق !!!
assayha
|
|