سددوا الخنجر على البشير تسقطون مشروع الأخوان المسلمين بقلم د. الطاهر الفكى

سددوا الخنجر على البشير تسقطون مشروع الأخوان المسلمين بقلم د. الطاهر الفكى


05-14-2018, 09:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1526331449&rn=0


Post: #1
Title: سددوا الخنجر على البشير تسقطون مشروع الأخوان المسلمين بقلم د. الطاهر الفكى
Author: د.الطاهر الفكى
Date: 05-14-2018, 09:57 PM

09:57 PM May, 14 2018

سودانيز اون لاين
د.الطاهر الفكى-UK
مكتبتى
رابط مختصر





هل يمكن التحاور مع أو معارضة الاسلام السياسى و مشروع الاخوان المسلمين سلميا و ديموقراطيا او التعايش معهم أضطرارا من أجل الديموقراطية و الدولة المدنية مع العلم أنهم يضمرون الغدر و يتحينون الفرص؟ و لقد دفع السودان ثمناً سياسياً و اقتصاديا و أخلاقياً باهظاً نتيجة لقصر النظر الفادح في إدراك طبيعتهم الانقلابية و نقضهم للعهود مع افتقار إلى خيار يميز بين قبولهم كقوة سياسية تنافس ديموقراطيا لتقود البلاد و بين مخاطر التصدى لاُسقاط مشروعهم بالقوة من أجل نظام ديموقراطى على علاته. بالطبع؛ لم يسلم السودان منهم، و من تبعاتهم من الاستبداد والفساد و الترهيب، على نحو يصعب مقارنته بأى عهد سابق. فساد الرئيس البشير يرتكز على ايديولجية و قيادات الاخوان المسلمين، الذين جائوا مندفعين بالشهوة للثراء الحرام و السلطة, تنقصهم التربية السليمة و النقاء و نكران الذات و الطهر و عفة اليد و اللسان. فهم لم ينحرفوا نظريا عن قواعد ما اختطته لهم سياسات الجماعة و اتبعوا مناهجٍ أخرى, لانهم فى الاصل لم يكونوا ملتزمين بما يدعون الاخرين اليه, و انما كانوا يتحينون الفرص للاستيلاء على مفاصل الحكم ليس الا.

شهدت الثلاثة عقود فى السودان أقتنائهم و كنزهم الثروات. فبين عشية و ضحاها الذين أفترشوا البروش و الحصير بالامس صاروا ينامون على اسرة الحرير الناعم و المخمل الفاخر المستورد. و أقتنوا مع أولادهم فارهات الشقق و الفلل فى أغنى العمارات و ألاحياء فى دبى و عواصم الغرب. و أودعوا المسروقات فى بنوك ماليزيا و اندونيسيا و غيرها باسماء وهمية يصعب الوصول اليهم. و امتلكوا السيارات الفاخرة المستوردة من اليابان و الدول الغربية من موديلات المرسيدس و البى أم دبليو و البرادو و غيرها. ثم أكملوا شهوات دنياهم بالنساء مثنى و ثلاث و رباع . فتراهم فى الليالى يتمايلون مع الراقصات و المثنيين فى البارات و دور الرقص ثم يتبضعون مع أسرهم و أولادهم يأكلون و يشربون ما طاب لهم من أشهى ما تقدمه المطاعم المشهورة من أجود أصناف الطعام الثمين، بينما الملايين من الشعب السودانى يتضورون و يعانون من الجوع، و الفقر و المرض مما أجبر البعض على امتهان وسائل مذلة و الاطفال الى التشرد و التسول. و انتشر الفساد و الجريمة و تدنت الاخلاق بالحوجة.

فساد البشير و الاخوان المسلمين خلق ردة فعل بين جيل أصبح حائرا, تائها بين المثاليات النظرية التى تدعوا لها الجماعة فى المساجد و غيرها من المنابر و دور الطلاب, و الخطب الرنانة و بين ما يرونه بأعينهم من ممارسات لا تتناسب مع دعواتهم تلك. و لكن أحداً لا يمكنه تجاهل سحر الخطاب النظرى، و خيالات اليوتوبيا التي سقط في حبالها الضحايا في السودان و بعض الدول الاسلامية. فى المقابل نشأ جيل رافض أيديولوجية الاسلام السياسى التي انخدع و رضي بها آباؤهم و الجيل الاول, فثار البعض كل بطريقته, و للاسف الشديد ضل منهم من ضل الطريق الى متاهات المخدرات و ال################ة, و اتبع اخرون وسائل لم تكن من قيم المجتمع السودانى و انما هى نتاج لموروثات و فساد الأخوان المسلمين فأصبحوا مصدر قلق و مهددا كبيرا لمستقبل البلاد عموما.

فشل الأخوان المسلمون في تسويق توجههم الحضارى و تحقيق أى نجاح لحكم الإسلام السياسي. و لم يبرز منهم حتى الان مفكر واحد يقتدى به. و مع ذلك فان نزعتهم التكفيرية ضد قوى الحداثة لم تتوقف، بل استمروا في وصمهم بالإلحاد و اتهامهم بالسعى الى تدمير المجتمع الإسلامي. فأصبحوا خنجرا يغرز في قلب الامة و جرثومة تأكل الجسد و الاحشاء, يهاجمون دعاة الدولة المدنية و العلمانية رغم كونهم أكثر الذين يقتطفون ثمارها بما توفره لهم من الحرية و الاحتياجات المادية, و تهيئ لهم السكن و الامن و المكان لممارسة مشاعرهم الدينية لا تتوفر لهم حتى فى الاماكن المقدسة فى بلادهم. مع ذلك يحاربون و يحاصرون الأغلبية من المجتمع السوانى التواقة الى قيم التمدن و قوانينها بمقدرتها على دمج و صهر الهويات و الاثنيات و الثقافات المختلفة ضمن اطار الدولة العلمانية.

الشرائح المستنيرة من الشعب السودانى هم العلمانيون الصامتون و ان لم يروا أو يصنفوا أنفسهم كذلك و لا يتفقون مع أو يؤيدون الإسلام السياسي الذى يحرض و يهدد و يكفر ضمنيا أو مباشرا و يتبنى العنف و الإرهاب و يروج و يهيج المشاعر العدائية فى السياسة تؤدى الى تمذق النسيج الاجتماعي و انفراطه و الى الحروب الإهلية و انشطار البلاد. فالواقع الان أكد عدم قدرة خطاب الكراهية عندهم و اذدراء الاخرين في كسب و تغيير المزاج القومى العام الذى يذداد تعاطفا مع أطروحات قوى الاستنارة و مواقفهم الاخلاقية و بعدهم عن التعدى على حقوق الشعب و نهب ممتلكاته، و هذا التطور وسط الشعب السودانى مهم جدا ليحدد في النهاية المستقبل السياسى للسودان.

المعارضة السودانية فى حاجة ماسة إلى خطاب سياسى واضح و صريح يحدد علاقة الدولة بالدين و التحاورمع الحداثيين و دعاة التجديد و نحن معهم. وهو مطلب يلتف حوله و يتفق على عمومياته الكثيرون من الشعب السودانى رغم التباين في فهم و تعريف معانى الحداثة و التجديد, و ماهية مجالات و حدود التقارب بينهما, و ما يباعدهما من سوء الفهم و التمترس خلف أستار رافضة لتجديد الفقه، و مصرة على معاقرة الشاذ فى الشرع و سلك العسير من المذاهب دون مراعاة لما يستجد في حياة الناس في مصادر العيش وأنماطه أو في العلاقة بين الفرد و المجتمع والكون.
الحوجة ماسة الى صياغة نموذج جديد يتواكب فيه الفكر السياسى مع الفكر الديني، قادران على التحاور لاستيعاب تحولات العصر الحاضر، الذي من أهم سماته الانفتاح الثقافى و انسياب المعلومة و انتشار قيم الحرية والعدالة و احترام الهويات المختلفة و الاثنية و حقوق الانسان. نموذج جديد ينبغي تأسيسه على رؤية غير تقليدية لمكانة الإنسان في العالم الجديد، و موقع الدين في حياته, يستدعي بالضرورة التحرر من القديم المألوف العقيم, و الموروث الهدام, و ما تعارف عليه المجتمع باعتباره اطارا للدين و الإيمان و ما هو كذلك و لكنه معيق للتطور و الحضارة.
فشل الاخوان المسلمون فى استحداث رؤية دينية جديدة ترتكز على العقلانية كأساس لجوهر الدين. عقلانية تتجلى فيها مقدرة الانسان للتواصل بالعالم ككل, و بين الرؤية الكونية، و ما فيها من مخلوقات و أشياء، و بين التشريعات و الأحكام التي تحمل سمات الجماعة و المكان و الزمان. فهم جديد للواجب و النافل و الحلال و المحرم و النواهى و المباح فى الشرع. جراحة جديدة و مراجعة لما هو معلوم و محدود بالشرع بالمقارنة مع ما يقابلها من مباح و محرم بالأحكام المستقاة من تشريعات الدولة العلمانية و النظام الاجتماعى او الثقافي أو القانوني صاغه المجتمع المدنى في تطوره يلبى حاجاته و أعرافه من شرائع وضعية تختلف بين شعب و غيره، و ليست قواعد مستقاة من الشرائع الالهية. و هنا يتمهد العقل الى محاورة الدين للتفكير و التمييز بين الموروث و المتعارف عليه, و لكنه مقيد لحركة الفرد و انطلاقه, غير قابل لاشباع الروح و الجسد و لا يتعارض مع التشريعات الالهية غير القابلة للاختبار. و طالما أن الارض و ما عليها وسائل للإنسان توفر له الطعام و الامن و الحرية ليتفرغ للعبادة فان العقلانية تتميز عن الآيديولوجيات البشرية الاخرى لانها تستطيع توفير تلك الاحتياجات المادية للفرد من المأكل و المشرب و الملبس و العلاج و التعليم و الامن و الرفاهية فى هذه الحياة الدنيا أولا قبل الاخرة كى ينطلق بعدها اختيارا ليتفادى المحظورات و يؤدى الواجبات و الفرائض . فالجائع تسقط عنه الاوامر و النواهى و تصبح كل المحظورات و المحرمات حلالا و تنتفى عنده الفريضة حتى يسد رمقه و يأمن على نفسه و أهله. هذه النقطة تمثل الجوهر و ألاساس, و نقطة انطلاق و تلاق بين الدين و العلمانية و من لادين لهم و يؤمنون بأن العقلانية قابلة للتعايش مع التنظير الديني بعد اخضاعه للاختبار في تقديم الحلول لمشاكل الانسان و احتياجاته الدنيوية أيا كانت دون الوقوف فى صفوف انتظار الغيب فى الاخرة. فسددوا الخنجر على البشيرتسقطون مشروع الاخوان المسلمين.