النهاية -رواية لبيكيت- ما وراء العدمية بقلم د.أمل الكردفاني

النهاية -رواية لبيكيت- ما وراء العدمية بقلم د.أمل الكردفاني


04-13-2018, 05:38 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1523594329&rn=0


Post: #1
Title: النهاية -رواية لبيكيت- ما وراء العدمية بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 04-13-2018, 05:38 AM

05:38 AM April, 12 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




انهيت للتو رواية عجيبة لصمويل بيكيت وهي رواية النهاية ، الرواية تجاوزت حد العدمية ، لغة بيكيت فيها مختلفة عن لغته في اعماله الاخرى ، بيكيت لا يفعل شيئا سوى سرد مسار حياة عجوز بائس ينتهي به المطاف متسولا ثم مبحرا في قارب مثقوب ، ويمكننا ان نضع عشرات الخطوط تحت جملة قارب مثقوب ، وكراويات كافكا لا نعرف شيئا عن ماضي الرجل ، ولا نستدل من خلال سرده لموته على سقف معرفته او وعيه او ماضيه ، سوى انه جسد مبتذل وضعيف وعفن ، يتجرد من اي رغبات او شهوات ، فهو جثة حية ، ان بيكيت ينتف كل ريش الروح من الجسد ، ولا يطرح لنا العدم كمأساة ولا كراحة ابدية ، بل هو يتحدث عن انسان لا يحمل من صفات الانسان الا المشترك التشريحي للجسد. يتعرض الرجل الذي لا اسم له لحالة من التدهور ، ونقطة البداية غير معروفة ، فنحن نجهل ما كان عليه قبل ان يفتتح سرده بالقائه مطرودا من الباب الى الشارع ، هنا بدأ الرجل مسيرة لا نهاية لها ، مسيرة داخل الفقر والبؤس والعزلة ، لكنه كان يردد جملة مهمة وهي انه لا يشعر بحاجة للعطف من احد ، اي انه بلغ قمة اللا جدوى بحيث تساوى الالم باللا ألم ، والنظافة بالاتساخ ، والاكل بالجوع ، ومن ثم الحياة بالموت ، الرجل في الواقع لا يعطينا اي حقيقة لمشاعر انسانية ، بل على نحو ما هو لا يحمل اي شعور بشري ، لا بالغضب ولا بالحزن ولا بالفرح ، وبالرغم مما تبدو عليه كتابة رواية عن كائن بلا كينونة من رتابة بل وصعوبة الا ان قراءة كل سطر تدفع القارئ الى الانتقال للسطر الآخر . ان اي شخص لديه موهبة الكتابة سيفهم تماما صعوبة ان نكتب سيرة لشخص لا سيرة له ، وحياة لا حياة فيها ، وان نخلق معنى مما ليس له معنى . غير ان رواية النهاية فعلت كل ذلك باحتراف بالغ . واذا كانت الرواية تدخلنا في لعبة التأويل الحتمي متحدية ذكاء كل قارئ فانها في ذات الوقت لا تبخل عن منح اي قارئ مفاتح التأويل بما يتناسب وادراكه الخاص . النهاية التي كان ينتظرها هذا الرجل او في الواقع كان يتوقعها وان لم يكن مكترثا بها كثيرا سواء جاءت ام لم تجيئ هذه النهاية التي ينتظرها كل قارئ منذ البداية في الواقع لم تأت او أتت ولم تأت في نفس الوقت ؛ يختتم بيكيت الرواية بجملة بديعة حيث انه يؤكد بأنه لا يستطيع ان يتحدث عن نهاية يخشاها ولا عن استمرار لا يرغب فيه . وهكذا تنتهي الرواية دون ان تنتهي قصتها . لم يستخدم بيكيت اي تحليل نفسي او شرح فلسفي لأي من شخوص الرواية ، لقد حكى لنا قصة فقط ، تاركا لخيالنا اكمال ما لم يقله ، او في الواقع هو يخبرنا بأننا لن نستطيع ان نزيد سطرا على ما قاله .