لن نقبل بالصادق بديلاً..! بقلم اسماعيل عبد الله

لن نقبل بالصادق بديلاً..! بقلم اسماعيل عبد الله


04-12-2018, 07:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1523557004&rn=0


Post: #1
Title: لن نقبل بالصادق بديلاً..! بقلم اسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 04-12-2018, 07:16 PM

07:16 PM April, 12 2018

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-
مكتبتى
رابط مختصر


مع بروز تداعيات بداية نهاية منظومة الانقاذ , كشّر الانتهازيون عن انياب الانقضاض على كعكة السلطة , فهم متخصصون و ذوو تجارب طويلة الامد في انتهاز الفرص و لعب دور البطولة و تجسيد رمزية القائد الاممي المحمول على الاعناق , لكي يبسط العدل على الارض التي ملئت بالظلم و الجور و الضلال من قبل اعداء الشعب , هذا السيناريو ظل يتكرر منذ فجر استقلال البلاد , فعمل الوصوليون الطائفيون على خدمة العسكر , ومكنوهم من السلطة و افسحوا لهم المجال فبطشوا ونكلوا بشعوبهم , ثم ما ان لبث هؤلاء الدكتاوريون واوشكوا على الرحيل , حتى وجدنا هؤلاء الطائفيين اصحاب العمائم اللامعة منتفضين و واقفين , يبشرون الناس بحلول ساعة الخلاص من الطغيان , مقدمين انفسهم في ثوب نفاقي جديد , ضاربين بعرض الحائط كل الخدمات الجليلة التي منحوها للطغاة , الذين ساندوهم مساندة صادقة ادت الى رفعهم درجات على اكتاف الشعب المقهور , مستغلين الذاكرة المشروخة و المثقوبة لهذا الشعب المتصوف و الزاهد في الدنيا , و المؤمل في الوصول الى دار البقاء , ايماناً عميقاً منه انه يقيم في دار الفناء التي لم ينشغل ببهرجها و زينتها , ما مثل نقطة ضعف كبيرة في وجدان هذا المجتمع السوداني العريض , ذلك هو الانغماس في عالم الغيبيات و تناسي استحقاقات عالم الشهادة , انها المطية التي وصل عبرها الانتهازيون والكهنوتيون الى ما ارادوا منذ اكثر من نصف قرن , وظلوا يربتون على كتف هذا الرجل البسيط , و يقولون له لا عليك سوف نأتيك بكنوز الارض , وما عليك الا ان تهبنا صوتك وعهدك ووعدك عندما يحين موعد احضار الصندوق الانتخابي , هكذا سام المهرولون العباد سوء العذاب واوردوهم موارد الهلاك.
الصادق المهدي منذ انقلابه على عمه قبل اكثر من خمسين عاماً , ظل يتحدث و يكتب و ينظر و يفتي , ولم يفعل , مثله مثل الكثيرين من الاكاديميين و الناشطين في عالم السياسة و المجتمع , فياليته قبع في رواق من اروقة البحث العلمي , لكان ذلك اجدى له و لمجتمعه , لأن شئون الحكم و الأدارة ليست كما ظل يدعيه حفيد الامام المهدي الاكبر , فشتان ما بين السلف و الخلف , لقد كان الامام المهدي مفجّراً لثورة التحرر السودانية ضد التركمان و الانجليز , اما الامام الحفيد فهو بمثابة المدمر لما انجزته الثورة المهدية , ان فن سياسة الناس لا تتأتى بالعامل الوراثي او الجيني , وليس بالضرورة ان يكون الواحد منا حاكماً وحكماً بين الناس , اذا كان جده او والده قاضياً او مفتياً في الشائك من جدليات الفكر و الدين , وخير دليل على الفشل السياسي للصادق هو الضعف الذي حاق بحكومته في الديمقراطية الثالثة , والذي كان نتاج طبيعي وبديهي لضعف مقدراته السياسية , واعتماده على مرويات ومحكيات تاريخ وإرث جده بطريقة شوفونية , دون انزال المعاني و القيم المهدوية الى واقع الناس , كما كان يفعل المهدي الجد , فلم يستطع المحافظة على ديمومة الديمقراطية التي اتت به رئيساً للوزراء , بعد ان مهّد الطريق للجبهة الاسلامية القومية لتنفيذ انقلابها العسكري , ولم يبدر منه موقفاً صلباً في مقارعة الانقلابيين بعد ان فعلوا فعلتهم النكراء تلك , بل كان اكثر رؤساء الاحزاب السياسية مهادنة للنظام الجديد , في فرية ما اسماه (الجهاد المدني) الذي كان استسلاماً مدنياً واذعاناً للسلطة الانقلابية , فحتى الصادقين من اتباعه الذين انضووا تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي المعارض , خذلهم بعودته الى حضن النظام الانقلابي عبر اتفاق جيبوتي , بل الادهى و امر ان جيشه الذي كان مشاركاً مع جيوش التجمع الوطني لم يجد منه الاهتمام اللائق , بعد عودة هذا الجيش مع زعيمه المرتمي في احضان العسكر , فكانت تلك الازمة الكبيرة التي واجهها (جيش الامة) , من اهمال و تجاهل من قبل حفيد المهدي رئيس الحزب.
من مخازي الامام الصادق الصديق الذي لم يكن صادقاً يوما ما مع اتباعه , ولم يكن صديقاً لحبيب من الاحباب , انه كرّس للممارسة العشائرية في حزب سياسي يحمل اسم وطني كبير وعظيم مثل (الأمة) , هذا الاسم المعبّر عن صيرورة الثورة المهدية وما آلت اليه من حشد لكافة الوان طيف الامة السودانية , اذ قام الصادق باستغلال تماهي مريديه مع ما يريده هو , فزج بكريماته واصهاره في مفاصل الهرم الادراي للحزب , و قذف بابنائه الى قمة هرم الحكومة الانقلابية التي سطت على سلطته الشرعية آنذاك واغتصبتها , ومن تناقضات مواقفه وتذبذبات مبادئه و ترددات خطواته , انه بدأ يكتب و يتحدث بُعيد اعلانه لنداء السودان , عن المآسي والظلم الذي حاق باهل دارفور جراء ما راتكبه بعض المتفلتون من اتباع القبائل البدوية من تجاوزات بحق بعض سكان القرى في الاقليم , يقول الصادق المهدي هذا الحديث و احد ابنائه يقف على قمة جهاز الدولة الامني والاستخباراتي و يشرف على تدريب ذات المليشيات البدوية في الاقليم , و الابن الآخر يقف مساعداً للرئيس ويداً يمنى له , وهو ذات الرئيس الذي يصفه الصادق في مقال اصدره من اوروبا بانه مرتكب لجرائم الحرب في دارفور , الحديث الذي لم يستطع ان يدلي به عندما كان في الداخل , ربما خوفاً و رهبةً من الفريق محمد حمدان الذي هدده بالاعتقال ذات يوم , ما هكذا تورد الابل يا السيد الامام , ان الموقف الاخلاقي يتطلب منك سحب ابنائك من كابينة قيادة النظام الانقلابي اولاً , ثم من بعد ذلك يمكنك الحديث عن جرائم البشير في دارفور , لقد فات زمان الضحك على ذقون افراد الشعب السوداني , وخاصة الذين ينتمون الى اقليمي كردفان ودارفور , فهم يمثلون الثقل الانتخابي لحزبك الصفوي هذا , فانت يا حفيد الامام وبعد ان افسح لك بعض فاقدي الحيلة والبصيرة من ابناء دارفور المجال لكي تقودهم في مؤسسة ما سمي بنداء السودان , حاولت ان تلعب ذات الخدعة التي ظل يمارسها النظام الانقاذي في ضرب مكونات الاقليم الاثنية بعضها ببعض , فاذا كان هنالك من سياسي مركزي ساهم في وضع اول لبنة لتفتيت النسيج المجتمعي في دارفور , فهو انت , كيف لا وانت الداعم الاول و المبارك الاوحد لما يسمى (التجمع العربي) , ذلك التنظيم العنصري الذي ساهم بشكل كبير في توسعة الشقة بين المكونات القبلية في الاقليم الواحد.
ان منطلقات ابي ام سلمة عروبية صرفة , و ما ادل على ذلك الا الحديث الفطير الذي ادلى به لاحدى قنوات التلفزة العالمية , والذي قال فيه انه سليل قبيلة البرامكة العراقية , ومن محاسن الصدف ان هذا الحديث جاء بعد اعلان باريس بايام قلائل , وهذا يمثل رسالة واضحة لشركائه في نداء السودان على انه لا يكترث لقضية الهوية في السودان , تلك القضية التي ازهقت بسببها ارواح كثيرة في دارفور و جبال النوبة و الانقسنا , وايضاً يعتبر ابن السيد الصديق المحرّك الاول لجيوش المتمرد التشادي بن عمر من ليبيا الى دارفور , والذي كان مدعوماً من النظام الليبي في ذلك الوقت الذي كان فيه الصادق المهدي رئيساً للوزراء , وابن عمر لمن لا يعرفونه هو احد اذرع التوغل العروبي في افريقيا , وكان القائد المأمول فيه تغيير وجه الدولة التشادية الافريقي الى وجه عروبي , حتى يتسق مع توجه ومصالح الانظمة التي كانت تحكم ليبيا و السودان ومصر.
المثل يقول : (مجرب المجرب لا يحصد الا الندامة) , فلقد عايش الشعب السوداني التجربة السياسية للسيد الصادق المهدي منذ ستينيات القرن الماضي , ولم يشهد له موقفاً واحداً مشرفاً في الايفاء بالعهود والمواثيق , منذ الجبهة الوطنية في ليبيا وصولاً الى (جيبوتي) وماصحبها من اضحوكة (تهتدون) , فالبلاد في المرحلة القادمة لن يفيدها هذا العجوز الثمانيني الذي قضىى جل حياته ممسكاً بمضرب كرة التنس , مرفهاً منعماً لم يقدم خدمة لمجتمعه السوداني غير الكلام والارغاء و الازباد , والحديث المنمق من شاكلة السينديكالية و هلمجرا , فالدور الآن للشباب وعليهم ان ينخرطوا في بناء وطنهم بعد التغيير , و ان لا يدعوا مجالاً لهؤلاء العجزة و المسنين , الذين لن تفيدهم قيادتهم في هذا الظرف المفصلي من تاريخ الأمة السودانية , ومن اراد ان يتبعهم فبلا شك سيقودونه الى القبر ليدفنونه وما يزال قلبه ينبض بالحياة.

اسماعيل عبد الله
[email protected]