ما بعد البنوك ..!! بقلم الطاهر ساتي

ما بعد البنوك ..!! بقلم الطاهر ساتي


04-05-2018, 03:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1522940236&rn=0


Post: #1
Title: ما بعد البنوك ..!! بقلم الطاهر ساتي
Author: الطاهر ساتي
Date: 04-05-2018, 03:57 PM

03:57 PM April, 05 2018

سودانيز اون لاين
الطاهر ساتي -الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


:: ويُحكى أن الإمام مالك بن دينار خطب في الناس ذت جمعة، ثم أبلغ في الخطبة حتى بكى الناس جميعاً من الخشوع والتأثر..ثم صلى بهم، ولما فرغ من صلاته بحث عن مصحفه ولم يجده، فصاح فيهم غاضباً : و يحكم، كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟..وهكذا تقريباً الحال في بلادنا حالياً.. أي كل من يقرأ ويستمع ويشاهد السادة المسؤولين بأجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية، وعلى كل مستويات الحكم، الاتحادي منها والولائي والمحلي، سوف يصيح فيهم غاضباً : ويحكم، كلكم يًكافح الفساد، فمن الفاسد..؟؟

:: نعم.. منذ أن وصف رئيس الجمهورية البعض بالقطط السمان، ثم أطلق الحملة المسماة حالياً بمكافحة الفساد، أصبح كل القوم - فجأة كدا - من المصلحين والمحاربين للفساد، وكأنهم كانوا في إنتظار من يًشير إليهم بمكامن الفساد وقططها السمانة.. و اليوم أينما تذهب، تجدهم يبكون تأثراً بخطاب الرئيس، بيد أن هناك أكثر من مصحف (مسروق)، ولا يعلم الشعب من السارق؟.. ومن نماذج البكاء، بصحف الأمس، ما يلي نصاُ : اتهم النائب البرلماني عبد الكريم يونس بعض نواب البرلمان بالفساد، ولذلك لعدم احترامهم للوقت..!!

:: ولقد بلغ تأثر النائب عبدالكريم بحملة مكافحة الفساد لحد القول : ( يجب أن نحاسب أنفسنا أولاً قبل أن نحاسب الآخرين ومحاربة الفساد، ويجب علينا أن نحاسب ضمائرنا لماذا نتأخر ساعة كاملة عن موعد بداية الجلسة في ظل وجود رئيس الجلسة حضوراً داخل قاعة البرلمان؟).. هكذا فتح خطاب الرئيس شهية الجميع، في كل المواقع التشريعية والتنفيذية، بحيث يتحدثوا عن الفساد بلسان رجل واحد، ويعقدوا العزم على مكافحته بعزم راجل واحد، ثم يبكون لحد تجلي السؤال المدهش : ( وبعدين معاكم؟، كلكم مُصلح، طيب مين الفاسد )..!!

:: ثم رئيس كتلة نواب المؤتمر الوطني بالبرلمان .. هذا أيضاُ يبكي بخشوع - تأثراً بخطبة الفساد- ويوضح بان الرئيس يمتلك أدلة تثبت تورط فاسدين .. ثم فجأة تذكر رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الوطني - عبد الرحمن محمد سعيد - معاناة الناس وضنك الحياة وغلاء المعيشة وضعف المرتبات، ويقول متأثراً بخطب الفساد ومكافحاً القطط السمان : ( وصلنا مرحلة حرجة، والمرتب أصبح لا يكفي مأكل ومشرب أحد، ولازم نكافح الفساد).. حسناً، كلكم يكافح الفساد، ولكن من باع خط هيثرو (مثلاُ) ..؟؟

:: ثم هناك من يكتشف الذرة في خضم البكاء (خشوعاً).. وعلى سبيل المثال، شنت النائبة البرلمانية روضة الحاج هجوماً عنيفاً على مؤسسات الدولة، وقالت لبعض صحف الأمس بغضب : ( هناك امبراطوريات داخل الوزارات، وفساد كبير داخلها، حتى أصبح بعضها لا يقيم وزنا للوزراء، ما يؤكد وجود خلل إداري كبير في أجهزة الدولة)..هكذا تم إكتشاف إمبراطوريات الفساد في أجهزة الدولة بعد خطاب الرئيس، ومنذ أسبوع يبكون - دماً ودموعاً - من وطأة خطبة الفساد والقطط السمان، ولكن من سرق سُكر الدندر (مثلاً)..؟؟

:: ثم تلألأت سيوف الاصلاح وارتفعت - في حضرة الخطبة البليغة - لتدق أعناق القطط السمان، إذ يقول رئيس كتلة أحزاب الأمة والتحرير والعدالة عيسى مصطفى : (سنكون سيوفاً في يد الرئيس لضرب الفساد، نريدها حرباً شاملة على الفساد المالي والإداري).. الله أكبر، كونوا سيوفاً و رماحاً، ولكن سوف يبقى السؤال المُر ( من سرق المصحف ؟)..نعم سوف يبقى هذا السؤال حتى يصبح الإصلاح نهجاً يتوغل في كل أجهزة الدولة.. فالدولة ليست فقط قطاع المصارف، ولا قطاع المصارف فقط هو مرتع القطط السمان ..!!


fb