الإستقواءُ فساداً والوهنُ فقراً .. !! - بقلم هيثم الفضل

الإستقواءُ فساداً والوهنُ فقراً .. !! - بقلم هيثم الفضل


03-28-2018, 05:40 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1522212027&rn=0


Post: #1
Title: الإستقواءُ فساداً والوهنُ فقراً .. !! - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 03-28-2018, 05:40 AM

05:40 AM March, 27 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة

غسَال عربات فاجأني بالأمس بعد حوار مقتضب ، أنه قام بتأجيل جلوسه لإمتحان الشهادة السودانية هذا العام لظروفه وظروف أسرته المالية ، وإمرأة من كنداكات بلادي اللواتي يتوشَّحن ثوب الشرف والأصالة والخلق النبيل رأيتها غير ما مرة تقلِّب قوت أطفالها عبر (تنقيح) و(فرز) أكياس الزبالة المنزلية في صباحٍ باكر قبل أن تخطفها عربة النفايات ، وأطفال يتوَّسدون الفراش الأبيض ممن إبتلاهم الله بالسرطان والفشل الكلوي ، بعضهم لا يجدون سبيلاً إلى الغسيل الكلوي المدفوع الأجر وينتظرون أن يمن الله على ولاة أمرنا بنعمة (الإفاقة) من ما هم فيه من (إندياح) في جاه الدنيا الزائل ، أما ذويهم القادمون من شتى ولايات السودان فلا مقر ولا ملجأ لهم إلا أرصفة الشوارع وظلال أسوار المستشفى ، وحدثني صديق أنه هذه الأيام يأوي في منزله أسرة مكونة من أرمله وأطفالها اليتامى بعد أن تم طردهم من بيت إيجار لم يستطيعوا دفع إستحقاقاته ، جزاه الله خيراً وأثابه على ذلك لكن يبقى السؤال (إلى متى سيقوى على ذلك وهو من أهل الدخل المهدود أو المحدود) ، أما ما لا نعلم من تفاصيل حكايات البؤس الذي ألم بالبلاد والعباد فهو مُسطَّر لمن شاء أن ينتبه ويقرأ في جباه أطفال الشوارع الذين هم حصيلة موبقات الحرب في دارفور وبعض أطراف البلاد ، وكذلك تقرأونه في الجباه المُفصَّدة بعرق المعاناة وأوجاع الحياة المتواصلة لستات الشاي وبائعات الطعام من شريفات بلادي اللواتي يصارعن الظروف جراء هروب أزواجهن من تحمل المسئولية أو مفارقتهم الحياة ، وفي ذات الوقت يقبع مبنى ديوان الزكاة المكوَّن من ثمان طوابق مزوَّدة بمصعد كهربائي وحُرَّاسه يهشون الفقراء والمحتاجين عن بواباته كما يهش المرء الذباب عن وجهه ، ويسعى جيش جرَّار من موظفيه ومُحصليه بحماسِ وغِلظة في جمع متحصلاتها قسراً وإجباراً ، وما زال الفقر يمثِّل لواءاً للسِمة العامة لأغلبية أهل هذه البلاد الغنية بإنسانها أولاُ ثم ثرواتها ثانياً ، ألا تلتفت حكومة المؤتمر الوطني إلى ما يفعله الجوع والمرض في إنسان هذا الوطن ولو على أضعف الإيمان بترك الحال على ماهو عليه ، عل الفقراء يتكيَّفون معه ويبرمجون صراعاتهم اليومية على منواله والله كفيل بالعباد ، لكن أن يكون دوام ثبات وإستقرار ما نعانيه من وجع بما يفيد عدم إرتفاع معدَّل المعاناة وإنفراطها هو في حد ذاته حُلمٌ لا تسعى حكومة الغافلين لتحقيقه ، فيه تأكيدٌ لا يقبل الشك أن الإنسان البسيط الذي لا يفسد ولا يسرق ولا يحمل آلة التطبيل للباطل هو آخر إهتمامات نافذينا ، وعلى ما يبدو فإن متوالية الفساد المستشري والتمكين الوظيفي والفكري والثقافي الذي إنتظم البلاد بالباطل والجور لا يستقيم أمر إستمرارها وإدرار فوائدها وغنائمها للمفسدين إلا بإبعاد حالة التنمية البشرية والرخاء المعيشي عن خارطة عمل الدولة ، حتى لا يقوى المواطن على المواجهة والمقاومة والمطالبة بحقوقه المسلوبة ، يا أهل بلادي الشامخين لا تدعوا الفقر يُلهيكم عن أداء دوركم الطليعي في تعديل مسارات الوطن الخاطئة ورسم خارطة تاريخية مجيدة لهذه الأمة وهذا الوطن الجريح.