الكتابة داخل وخارج الهوية بقلم د.أمل الكردفاني

الكتابة داخل وخارج الهوية بقلم د.أمل الكردفاني


03-15-2018, 08:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1521142827&rn=0


Post: #1
Title: الكتابة داخل وخارج الهوية بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 03-15-2018, 08:40 PM

08:40 PM March, 15 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





كتب هنري ترويا مجد المهزومين ليعبر عن حقبة ما في التاريخ الروسي حقبة نيقولا والثورة الفاشلة التي اعقبتها احكام بالنفي ، وكتب بلزاك النسيبة بت معبرا عن حقبة ما في تاريخ فرنسا ، وكتب حمور زيادة شوق الدرويش ليعكس جدلية لا تنتهي حول حقبة المهدية ، هؤلاء وغيرهم كتبوا من داخل هويتهم .. ولكن اغلب الروائيين لم يكتبوا ليعبروا عن هويتهم فالرواية ليست كتاب تاريخ ولا بحثا انثروبولوجيا او سوسيولوجيا ، فمزرعة الحيوان لجورج اورويل او العطر لباتريك زوسكند او غير ذلك من روايات كانت تكتب من خارج هوية الكاتب ، لتطرح فنا عابرا لحدود القوميات متوجها نحو الانسانية ، يلاحظ ان كثيرا من الروائيين يحاولون جعل الرواية مرآة لهوياتهم ، وهذا قد يثري الرواية من ناحية توثيقية لكن هل هذا هو غرض الرواية؟ قد يكون كذلك فلا احد يملك مسطرة لوضع مقاييس ما على العمل الادبي ، لكن هناك من استطاع الاستفادة من الهوية كمجرد مسرح لتداعيات السرد ، كنجيب محفوظ في اولاد حارتنا ، او اوي في الصرخة الصامتة ، وهناك من لغى الهوية تماما مثل صمويل بيكيت في موت مالون ... بحسب مزاجي الشخصي فأنا افضل الروايات التي اما ان تلغي الهوية تماما او على الاقل لا تتوسع او تغرق فيها ، وكلما فقدت الرواية هوية كاتبها كانت اكثر اهتماما وتركيزا على تكنيكات الكتابة والرؤية التي تحوم حول بصر الكاتب ، فالمحاكمة لكافكا او حتى المسخ او مستعمرة العقاب كانت تدور في عالم غرائبي .. ومع ذلك فلم تخلو تأويلاتها كلها من رد الحكمة الروائية الى فلسفة كلية ، كذلك الحال في العمى لسراماغو ... فلنلاحظ ان الحياة كلها هنا هي خشبة المسرح الروائي ، لذلك تضطرب كل محاولات الرد الجينيالوجي للرواية نحو مركزية ثقافية معينة.. ربما تكون بؤرة الرواية هي الذات نفسها ، وقد تكون اوسع من الذات بكثير ، وما بين ضيق الذات واتساع الحياة يكون الغموض اللطيف الذي يمنح الرواية مذاقها اللذيذ ...