عرس هند البشير ...بنت شقيق الرئيس بقلم د.أمل الكردفاني

عرس هند البشير ...بنت شقيق الرئيس بقلم د.أمل الكردفاني


03-13-2018, 03:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1520950327&rn=0


Post: #1
Title: عرس هند البشير ...بنت شقيق الرئيس بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 03-13-2018, 03:12 PM

03:12 PM March, 13 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






خلال ساعات انتشرت صور هذا العرس ، وبالتأكيد السبب هو محاولة الشعب المقارنة بين حاله المزري من فقر وجهل ومرض وبين الفخامة التي نالها زوج ابنة شقيق الرئيس ... هو مزيج من كثير من الحسادة وقليل من الوطنية المزعومة .. تلك الوطنية التي يتم استدعاءها من قبل من لم تتح لهم فرصة الوصول الى السلطة واقامة اعراس بهذا البهاء لابنائهم.... وطنية مؤقتة بالمصلحة الشخصية ، تدور معها وجودا وعدما . وغدا سيدافع بعض الصحفيين المتملقين عن الصرف البذخي على العرس ونفي ان يكون من اموال الشعب ، وستظهر شجرة عائلة العروس لتبلغ ابنة الرسول كأحد الاشراف .
لكن كل هذا لا يهمني ابدا ، ما يهمني حقيقة هي ان ما حدث ليس بالجديد ولا بالبدعة في السودان فمن هم أقل شأنا من اسرة البشير يفعلون اكثر من ذلك ، بل ان الصرف البذخي على الافراح ثقافة ذات اصول تاريخية في السودان ، ففي المنظومات القبلية يتم ذبح مئات من الانعام من ابقار وابل وخراف ، وأتذكر ان احد الوزراء من دارفور تزوج في الطائف واستمر زواجه ثلاثة اشهر من احتفالات واستعراض بالخيول وفي الاخر جلب عروسه الى قصره ومعه اسد..نعم يا سادة.. اسد حقيقي ... يطعمه كل يوم لحمة تكفي العاصمة المثلثة ، حتى ان هذا الاسد عندما يزأر زأرة الشبع يهز جدران المنازل من حوله ، وتعصر كلاب الحي اذيالها من الرعب ، وتجفل حمير العربجية وتتبول على نفسها ... ولا ننسى ذلك العرس الذي تم دفع مئات الآلاف من الدولارات للمطربة أصالة نصري التي جاءت واحيت الحفل الذي صرف فيه ما لا يقل عن مليون دولار او اكثر ... وقد سمعت ان الزواج لم يستمر طويلا رغم كل هذا البذخ ... المهم ان فكرة الانفاق البذخي في الافراح شيء طبيعي جدا ..وهو جزء من الثقافة الانسانية عموما والعربية خصوصا ... صحيح اننا في دولة منهارة تماما اقتصاديا ، واخلاقيا ، وثقافيا ، لكن لا يمكن ان نتجاوز متطلبات تفرضها القواعد الاجتماعية الملزمة.. ربما لم نبلغ بعد مرحلة التحضر الذي يمكن للاغنياء ان يتزوجوا في حديقة خلفية صغيرة وينتهي الزواج بعد شراب المعازيم للمرطبات ثم تقبيل العريس لعروسه والمغادرة معها الى الجحيم.... دون ان يأبه أحد بعد ذلك... لكن نحن مجتمعات لا زالت النساء يفتخرن فيها بلبس دروع من الذهب على صدورهن واسورة كسرى انوشروان .... في مجتمع غير منتج بالمرة ، بل يكره المنتجين الحقيقيين ، وينفر من الابداع ، وعقله قاصر على فكرة التفاخر والتباهي بما يملك ... الشعب كله بفقرائه المسحوقين واغنيائه مهتم بشؤون بعضه البعض ، لأنه مجتمع ضيق جدا ... لازال يحمل اهتمامات قبلية ضيقة ، ولذلك فالجميع يسعون ويهرولون نحو الثراء السريع عبر السلطة .... ان الواحد منهم لا يفكر في كيفية الاستفادة من الملايين في دعم مجتمعه علميا وثقافيا بل هو مهتم بأن يقيم عرس زواجه بحيث تتحدث به الركبان .. انها ثقافة بدوية مسكينة جدا ... وهي فوق هذا كالسمكة التي لا تستطيع ان تعيش الا في الماء ... فالسوداني لا يستطيع ان يتأقلم مع اي ثقافة أخرى سوى ثقافته ، هو مهما كان مستواه الاقتصادي مهتم بأن يثبت وجوده لمجتمعه الضيق هذا فقط وليذهب الكون من حوله الى الجحيم... في احد الافلام المصرية عاد عبيط الحارة الى حارته بعد ان صار مليارديرا ليثبت لأهل حارته انه تفوق عليهم جميعا ... لأن حياته كلها وموقفه المعرفي كله متوقف على هذه الحارة الصغيرة ... انه وعي ضيق جدا بل ومنعدم بقيمة الحياة وباتساع الأرض ... ما يحدث في الافراح السودانية هو نفس ما فعله عبيط الحارة ... من حيث مستوى الوعي ... فالقضية اذن ليس هي ان كانت هذه اموال الشعب ام لا ولكن الأزمة الحقيقية هي ان يكون هذا هو سقف وعي المجتمع السوداني ...