وتطير السكرة !! بقلم صلاح الدين عووضة

وتطير السكرة !! بقلم صلاح الدين عووضة


03-12-2018, 03:26 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1520864817&rn=1


Post: #1
Title: وتطير السكرة !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 03-12-2018, 03:26 PM
Parent: #0

03:26 PM March, 12 2018

سودانيز اون لاين
صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


وفي عاميتنا السودانية نقول: (تفك) السكرة..

*وبالفصحى نقول : تروح السكرة.... وتجيء العبرة..

*والسكرة قد تطير قبل أوانها بالقهوة المرة... أو الماء البارد... أو الخُلعة الشديدة..

*وسكرتنا التي نعنيها اليوم لا تطير إلا بالعامل الأخير هذا..

*وخلال زيارة ضابط الأمن الرفيع لنا كان الحديث عن نوع عجيب من السُكر..

*وكان ذلك أيام رئاستنا لتحرير صحيفة (الدستور)..

*والضابط الرفيع هو العميد أمن معاش - بنظام مايو- حسن بيومي... عليه الرحمة..

*وسبب الزيارة احتجاجه على شيء كنا ننشره وقتذاك..

*وهي حلقات عن ممارسات تعذيب من تلقاء جهاز الأمن... يعدها أحد منسوبيه..

*ونفى بيومي بشدة لجوء أمن مايو لتلكم الممارسات..

*قال إنه كان جهازاً أمنياً منضبطاً... وما كان نميري نفسه ليقبل بإذلال الناس..

*وملت إلى تصديق محدثي رغم تدبيري مواجهة بين الضابطين..

*شعرت إنه كان صادقاً جداً... ويسأل زميله عن أماكن التعذيب بدهشة حقيقية..

*وفضلاً عن ذلك فإن مدير الجهاز كان صوفياً شفيفاً..

*فلم يُعرف عن عمر محمد الطيب نزوع إلى العنف... أو الشدة... أو التعذيب..

*المهم بعد أن سكت عنه الغضب أخذنا الحديث إلى السكرة..

*قلت له إن كان جهازكم بكل هذه الاحترافية فلماذا فشل في قراءة الواقع؟..

*وكنت أقصد الواقع الذي سبق الانتفاضة... وقاد إليها..

*فأجابني بأنهم كانوا يحرصون على إرسال تقارير مفصلة لنميري كل يوم..

*وكانوا يقرأون الواقع قراءة سليمة... ويتوقعون (النهاية)..

*ولكن في مقابل هذه التقارير الأمنية (الواقعية) كانت هنالك تقارير سياسية (وهمية)..

*وكان جعفر نميري (يحب) تصديق هذه الأخيرة..

*فهي تلامس بداخله وتراً يعزف لحن (الخلود)... وتشعره بأنه الرئيس (المحبوب)..

*وما يعضد هذا الشعور لديه الحشود الجماهيرية (المصطنعة)..

*وما انتبه - كما انتبهوا هم - إلى حقيقة هذه الحشود التي يتولى أمرها (المقاولون)..

*فهم بارعون في حشد التلاميذ... والموظفين... والبسطاء..

*تماماً كما كان مقاولو عهد عبود يصنعون الشيء ذاته... ويقبضون الثمن..

*فتشق سيارة الرئيس هذه الحشود... وهو يلوح بعصاه فرِحاً..

*وعجزت (قهوة) جهاز أمن نميري السادة على (فكِّ) سكرته السلطوية (الكاربة)..

*فسكرة السلطة أشد تأثيراً على العقل من سكرة الخمر..

*وتكفلت بهذا الأمر (خُلعة) الثورة الجماهيرية... فراحت السكرة وجاءت العبرة..

*وعلم نميري - بعد فوات الأوان - أن تقارير أمنه كانت صادقة..

*وأنه خُدع بتقارير حاشيته السياسية التي عناوينها العريضة (كله تمام يا ريس)..

*وانتهت المؤانسة مع بيومي إلى خطورة سكرة السلطة..

*فهي تعمي أبصار بعض الرؤساء عن رؤية الواقع... فلا ترى إلا الحشود (المصنوعة)..

*ولا تطير السكرة إلا مع طيران السلطة !!!.


assayha