شكليات مُزخرفه .. !! - بقلم هيثم الفضل

شكليات مُزخرفه .. !! - بقلم هيثم الفضل


03-12-2018, 06:24 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1520832288&rn=0


Post: #1
Title: شكليات مُزخرفه .. !! - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 03-12-2018, 06:24 AM

06:24 AM March, 12 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سَفينـة بَـــوحْ


من أدبياتنا الثقافية و الإجتماعية في السودان المبالغة في تقدير المضامين و نبذ الشكليات بالقدر الذي أضر ضرراً بليغاً بمفهوم الجماليات و الترتيب و التنسيق في شتى شئون حياتنا ، و يقول المثل السوداني ( من بره هلا هلا و من جوة يعلم الله ) مفسراً حالة الشيء أو الشخص الذي لا يُعبِّر مظهره عن مضمونه أو محتواه ، و للحقيقة فإن هذا المفهوم من الناحية الأخلاقية المبنيه على الإعتداد بالمثل و القيم النبيله المتعارف عليها لا يمكن بأيي حال من الأحوال نبذه أو حتى مخالفته ، فأن تكون المضامين و الدواخل نظيفة و نقية و ثرية ، شيئ لا يمكن المناداة بغيره و إلا أُتهم من يقوم بذلك بأنه غشاش ومن الذين يظهرون خلاف ما يبطنون ، غير أن نبذ الشكليات و التقليل من أهميتها بشكل مطلق و مبالغ فيه هو في حقيقة الأمر إتجاه لا يقبل الجدال لرفع علم القُبح و عدم الترتيب و النظام ، و على ما يبدو هذا حالنا في السودان ، نتاج إعتدادنا بفقه إعلاء قدر المضامين على حساب إهمال كُلي أو مُقدّر لأهمية الشكليات في حياتنا ، فنحن وحدنا في العالم من نسفلت الشوارع و الميادين و لا نلتفت إلى دعمها بالأرصفة التي تحميها من الأتربه و تحقق جماليات الشارع ، بل قد يتندر أو يستهزأ بعضنا أن قام أهل الإختصاص أو المنظمات الشعبيه بمحاولة تجميل شارع أو ميدان من باب إحياء مبدأ المثل القائل ( الناس في شنو و الـ ...... في شنو ) ، و بين هذا و ذاك تتشكل ثقافة مجتمع بأكمله و في شتى النطاقات و التخصصات ، فعند المهندسين و المهنيين يكون المهم دائماً أن يعمل المحرك المتعطل ، ثم لا أهمية لتركيب الأغطية و الإكسسوارات المصاحبه ، و كذلك الحال عند إنشاء المباني العامة و الخاصة يعتبر الديكور الداخلي و الخارجي و الدهانات و غيرها من الجماليات أمراً ثانوياً ، و في أحيان كثيرة لا يتم إيداع حساباتها و تكاليفها ضمن إجمالي مبالغ الإنشاء ، كل الأشياء عندنا تسير في إتجاه الإعتداد بالمضامين و المحتوى ، و لا مكان للشكليات في حياتنا ، بل إن بعضنا ينبذها بسفور و يعتبرها باباً للرياء و الغش و الكذب ، ثم إنطلت نفس الخدعة أقصد ( الفكرة ) على معاملاتنا التواصلية اليومية في أيما إطار إن كان إجتماعياً أو أسرياً أو حتى مهنياً ، فأصبحنا لا نعتد بذكر الألقاب المهنية كما يفعل جل الناس في العالم ، و إن ناديت أحداً قائلاَ له ( يا باش مهندس ) إعتبر بعض الناس ذلك شرارةً أولى للتزلف و الرياء و التلويح بأن لك مصلحة شخصية تريد إقتناصها ، ثم سادت حياتنا العاطفية الأسريه تجاه الزوجات و الأبناء إشارات تؤيد الإعتداد بنفس المبدأ ، فالرجل عندنا لا يُعبِّر لزوجته أو شريكته أو أبنائه أو حتى والديه و إخوانه عن تقديره و حبه لهم خشية أن يُعتبر ذلك مبالغةً أو نقصاً و ضعفاً ، تاركاً أمر تواصله العاطفي مع أقرب الأقربين لآلة الإستنباط من ( مضامين ) ما يفعله معهم من أفعال و تصرفات ، أنا شخصياً من الذين يُقدِّرون الشكليات و إعتبرها هالة مضيئة نزخرف و نُجمِّل بها مضاميننا و دواخلنا السمحه و النبيله .. ما رأيكم ؟؟.