الفكرة والمشروع بعد الترابي..!! بقلم عبدالباقي الظافر

الفكرة والمشروع بعد الترابي..!! بقلم عبدالباقي الظافر


03-06-2018, 02:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1520342609&rn=0


Post: #1
Title: الفكرة والمشروع بعد الترابي..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 03-06-2018, 02:23 PM

01:23 PM March, 06 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


خرج الشيخ الترابي من بيته مبكراً بعض الشيء.. كان أمامه عمل شاق يريد أن يكمله في المكتب.. مهمة الترابي في ذلك اليوم الموافق للخامس من مارس ٢٠١٦ كانت تتعلق بوثيقة الحريات التي تم نقاشها باستفاضة على طاولة الحوار الوطني.. مسودة الشيخ ركزت على إشاعة الحريات واستخدم كعادته مصطلحاً أكثر شمولاً وهو الطلاقة التي لم تجد من يترجمها إلى مبادئ دستورية تسعى بين الناس .. بل كان الشيخ مصرًا على تضمين الحريات بشكل مفصل في متون الدستور على غير ما درج عليه فقهاء الدساتير.. كل ذلك من باب الخوف على الحريات من أن تغتالها أيدي سدنة السلطان الماهرة في تفصيل القوانين على مزاج الحكام وأهوائهم.

تمر الذكرى الثانية لرحيل الشيخ المجدّد حسن الترابي وبلادنا في حال يرثى لها.. تكفي نظرة واحدة للمشروع الإسلامي لتبيان أبعاد الدرك السحيق الذي نحن فيه..

بعد أيام ستصل قبة البرلمان حزمة من التعديلات الدستورية تهدف لوضع مزيد من العراقيل أمام التداول السلمي للسلطة.. الحريات التي مات الشيخ الترابي وهو عاكف على تفصيل أوجه بيانها ما زالت تراوح مكانها وأحياناً تعود للوراء.. حتى هذه اللحظة لا تستطيع الحكومة التعامل مع المظاهرات الاحتجاجية بالوجهة التي تعطي الناس حق التعبير عن إرادتهم.

الكسب الاقتصادي يتراجع يوماً بعد يوم.. بلادنا تتجه نحو وضع قيود كثيفة أمام حركة الاقتصاد ..الآن لا يستطيع المرء التصرف بحرية في ما يملك من أموال .. لم تعد بلادنا قبلة للمستثمرين الأجانب كما كانت قبل سنوات قلائل.. الأسعار ترتفع كل يوم، بينما تقل مقادير الناس.. مقياس التقدم الذي يستخدمه قادتنا بات منسوباً لسنوات انعدمت فيها حتى أعواد الثقاب قبل أكثر من نصف قرن.

غياب الشيخ الترابي من المشهد ترك آثاره أيضاً على حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يتزعمه بعد المفاصلة.. لم يعد الشعبي بذاك النشاط الدفاق.. يقود المعارضة حينما كان بعض من لحمتها.. ويوجه الحكومة بعد أن قبلت بروشتة العلاج عبر الحوار..الآن الشعبي بات حزباً منكفئاً على ذاته يغط في نوم عميق متدثرًا غطاء السلطة.. أمين الشعبي الحديد في تجوال دولي في أيام المحن .. الشيخ إبراهيم السنوسي خليفة الترابي يتكئ على فراش السلطة الوثير في القصر الجمهوري .

في تقديري.. أن المشروع الإسلامي فقد كثيراً من بريقه بغياب الشيخ الترابي في توقيت مفصلي.. تحول المشروع إلى برنامج سلطوي تديره مجموعة محدودة قصيرة النظر بارعة في استخدام التكتيك السياسي الذي لا يراعي الأبعاد الاستراتيجية .. رغم أن كل الشواهد تفيد بضعف دور الإسلاميين في صناعة مستقبل السودان، إلا أن أفكار الشيخ الترابي في الطلاقة والتجديد ستجد من يناصرها ويتبناها إن لم يكن في السودان فعلى البسيطة آفاق أرحب لتمنح أفكار الترابي فرصة أخرى بعد أن قتلها تلاميذه مع سبق الإصرار والترصد.

بصراحة.. على كل الإسلاميين أن يسألوا أنفسهم عن مدى رضائهم عن تجربة المشروع السياسي الذي أنفق الترابي ثلث عمره السياسي بين السجون من أجل تنزيله للواقع.. بالطبع أن الواقع أبعد شقة من المثال، وعليه من الأفيد والأوجب الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات .
assayha