لست مناضلا اسفيريا... بقلم د.أمل الكردفاني

لست مناضلا اسفيريا... بقلم د.أمل الكردفاني


03-01-2018, 03:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1519916301&rn=0


Post: #1
Title: لست مناضلا اسفيريا... بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 03-01-2018, 03:58 PM

02:58 PM March, 01 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






اتلقى دائما رسائل تشيد بكتاباتي وبعض انقياء القلوب يطلبون ضمي الى مجموعات وقروبات في الاسافير كمناضل اسفيري ، اعتقد ان النضال شيء جميل ايا كانت وسيلته وليس عيبا ان تكون مناضلا اسفيريا ، بالعكس فنحن اليوم نتلقى كل الاخبار من خلال الواتساب والفيس ، حتى ان بعض الصحفيين الورقيين *(متسعي الذمة)* باتوا يسرقون من الاسافير لاعمدتهم في الصحف الورقية ، وربما شهدنا العديد من الاخبار الواردة عبر الاسافير قد غيرت من اتجاهات الحكومة كخبر تزوير وزير عدل لشهادة الدكتوراة التي اسفرت عن وقف تعيينه ، وخبر انتقام طه عثمان من المهندس الذي ضربه حين قام بجلده عبر زبانية الامن مما اثار المجتمع السوداني كله وبعد ان كان طه يتحرك في الظل صار تحت الرقابة الشاملة ، فالمهم ان النضال الاسفيري صار اقوى من النضال المادي واقوى من مقالات الصحف الورقية التي تخضع يوميا للمصادرة اذا خرجت عن خط الحكومة ولو بمانشيت صغير... هذا جميل ولكنني لست مناضلا اسفيريا كما يعتقد البعض ، انا لست مناضلا لا اسفيريا ولا غير اسفيري ، ولا اجد اي محل للنضال ، وقديما قال الرومان ان لم يكن للحق محل فلا حق ، وكذا الامر في النعت والوصف . لا اجد ان هناك محلا للنضال ، فمسيرة الانظمة والحكومات والشعوب مسيرة جبرية ، تتأخر وتتقدم ولكنها لابد حادثة الى الوجود ، انا ان فكرت في نقد نظام او ابداء رأي حول احزاب سياسية او حركات مسلحة فإنني اتناول ذلك من باب حريتي في التعبير ، فلست صحفيا متخصصا ، وانما استفيد من حرية الاسافير لأعلن عن رأيي سواء كان مع او ضد ، ولا ارى في ذلك نضالا لأنني امارس متعة شخصية محضة ، بل انني لو انتقلت لأي دولة اخرى فسأمارسها أيضا لأنني اتفاعل مع ما حولي كناظر .. لكن فكرة النضال فكرة مختلفة تماما ، فالنضال هو التفرغ الكامل لقضية معينة تتوقف عليها حياتي وجودا وعدما ، وانا حياتي لا يتوقف عليها بقاء او زوال نظام لا وجودا ولا عدما . عندما نتخذ من مسألة ما قضية حياة او موت ورسالة تتجاوز نطاقنا الشخصي ، فنحن نعلن الغاء انفسنا ، وانا لست مستعدا لالغاء ذاتي ، لست جيفارا ولا بن لادن ، ولا ادعي بطولات زائفة ، خاصة ان السودان نفسه كدولة لا تتحقق فيه اي طموحات مستقبلية واغلب من يتحدثون عن النضال هم ممن لا مهنة لهم ولا طموح لهم سوى الكراسي والمناصب ، ولكن ليس لديهم برامج ذات بعد قومي . لقد شارك اغلب ان لم يكن كل من يتحدثون اليوم عن النضال النظام في الحكم ، تلاعب البشير بالجميع ، تحالف مع الاسلاميين ثم قسمهم وتحالف مع جزء منهم ، عين ابناء السيدين في القصر وبالتالي احرق مستقبلهم السياسي ، عاد واقام اتفاقيات مع الحركات المسلحة فتهافتوا جميعهم بحثا عن المناصب فعين بعضهم وضرب بعضهم ببعض ، استقطب مجموعة من المشردين وخلق منهم قوة عسكرية اقوى من الجيش حارب بهم ، واغلب من يدعون انهم مناضلون يهرولون لاهثين وراء رضاء البشير عنهم بلقمة يتقيؤها من فمه ليلعقوها بأفواه متعفنة ... لذلك فسياسيوا السودان اما انهم لا مهنة لهم فتفرغوا بحثا عن مهنة بانتهازية واضحة او لهم مهن فتركوا السودان وباتوا يناضلون من الخارج ، لكن لو نظرنا الى السودان عن كثب وبحيادية فسنجد انه استمر في حالة فوضى منذ ان خرج الانجليز منه وليس فقط في عهد الانقاذ ، منذ عنبر جودة وحتى اليوم . الكارثة ان كل من يدعون الديموقراطية هم انفسهم من قادوا انقلابات ضدها ، وفي خضم هذه الفوضى كان هناك حمقى اتخذوا من اجل ايدولوجياتهم ثورا مقدسا فضاعت رقابهم بلا ثمن . ماذا يعني نضال في مجتمعات ترفض حتى مبادئ الاستنارة ، لقد دخلت على مجموعة يفترض انها من المثقفين فإذا بافكار الطبيب عندهم لا تختلف عن افكار الاسكافي ، ورب اسكافي حمل الاستنارة في قلبه اكثر من استاذ في الجامعة ، لكن غالبية الشعب منقادة بعمى شديد خلف تيار الدين ، ببساطة لم يتمكن المهدي فقط من خداع مئات الآلاف فقط واقنعهم بأنه نبي ، لقد استمرت حالات الخداع حتى اليوم قبل تزويج الترابي للقتلى بالحور العين والى هذا اليوم الذي يعلن فيه احد الشيوخ بأن البشير سيصبح ملكا لأن الجن اخبره بذلك .. ان الشعب السوداني يضر نفسه بنفسه وسيستمر في الاضرار بنفسه ، والنضال من اجل هذه العقليات ليس أكثر من تضييع وقت وزمن بل هو يضر صاحبه ضررا بليغا ... انني لست مناضلا لا اسفيريا ولا غير اسفيري ، انني اتحرر فقط وفي افضل الاحوال فإنني اطالب بحقوقي كمواطن فإما نلت هذه الحقوق او تركت الجمل بما حمل ولجأت الى مجتمعات أخرى اجد فيها ما اصبوا اليه ...