عقوبة السجن عقاب علينا جميعا بقلم أمل الكردفاني

عقوبة السجن عقاب علينا جميعا بقلم أمل الكردفاني


02-22-2018, 08:53 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1519329200&rn=0


Post: #1
Title: عقوبة السجن عقاب علينا جميعا بقلم أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 02-22-2018, 08:53 PM

07:53 PM February, 22 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر








حسب آخر احصائية للمساجين في السودان فعددهم 22 الفا منهم 17 الف فقط في العاصمة ..فلنفترض ان السجين الواحد يكلف في اليوم الواحد 50 جنيها هذا يعني ان ال 22 الفا يكلفون مليون ومائة الف في اليوم الواحد وهذا يعني انهم يكلفون في السنة الواحدة قرابة 396 مليون اي اربعمائة مليون جنيه ، هذا طبعا بدون حساب العلاج و الكهرباء ومرتبات الحراس والبطاطين في الشتاء والمكان نفسه وترميماته الضرورية ، وعمليات النقل وخلافه ويقال بأن على المساجين دفع بعض المال او العمل كسخرة. ان هذه الميزانية ضخمة جدا ، ولو اعطينا نصفها للصحة او التعليم لتغير وجه التعليم والصحة في السودان وبالتالي قلت الجريمة ، لذلك فان بقاء المجرم خارج السجن يوفر على الدولة ملايين الجنيهات . ان ازمة السجون ازمة عالمية لا سيما في الدول النامية التي تعج بالفساد والاجرام ، نسبة للفوضى السياسية والضعف التشريعي وبؤس المؤسسات العدلية بالاضافة الى انعدام السلام الاجتماعي وتفاوت الفرص والفقر والأمية . كل هذا يخلق بيئة مثالية للجريمة ، فقد لاحظت الدراسات ان الجريمة تتناسب طرديا مع فشل الدولة ، كما تزداد بؤر الجرائم المرتكبة على الاشخاص في المناطق الفقيرة وتزداد جرائم الاموال في المناطق المدنية ، وتنتشر جرائم العرض في المناطق الريفية . تحدثنا طويلا في مقالات سابقة عن ضرورة نقل العاصمة او بناء عاصمة جديدة وضرورة تحسين الوضع المعيشي للفقراء لمنعهم من اللجوء للجريمة ومحاربة الفساد لكن بالتأكيد لا شيء يتحسن والمسؤولون يسدون اذنا من طين وأخرى من عجين...لأن الفساد هابط من أعلى الى اسفل اي من هؤلاء المسؤولين أنفسهم ، وهذا يعني أننا سنتوقع مزيدا من ارتفاع معدلات الجريمة خاصة مع التوقعات المتشائمة تجاه الاقتصاد القومي الذي يتجه نحو الانهيار يوما بعد يوم . ان الدولة تنفق اربعمائة مليون جنيه بالعملة الجديدة اي اربعمائة مليار بالقديم ولو افترضنا انها تنفق ربع هذا المبلغ فقط - نسبة لأخطاء حسابية- فهي اذن تنفق مائة مليار جنيه سنويا على المساجين ، ولو أن الحكومة حاولت انفاق نفس هذا المبلغ على المناطق التي تثبت الاحصائيات الجنائية انها بؤر لأغلب الجرائم لقل انفاق الدولة على مساجين عاطلين عن العمل ، هناك ايضا محاولات قديمة وجيدة لادارة السجون لاعادة تأهيل المساجين ، ومع ذلك فان ادارة هذا التأهيل تؤدي الى مزيد من النفقات ، بالاضافة الى ان الانتاج المحلي للمساجين يؤدي الى مزيد من الخسائر وليس الى مزيد من الارباح لأن أغلب المنتجات المحلية التي يتم انفاق عشرة دولار على تكلفتها يمكن استيرادها بدولار واحد من الخارج في ظل انهيار القطاع الانتاجي الصناعي والزراعي ، وبالتالي يظل هؤلاء المساجين عالة على الدولة وعالة على الشعب الذي يدفع الضرائب ، كذلك يزيد من اعداد المساجين القوانين التي تجرم العديد من الانشطة كقوانين النظام العام والقوانين الخاصة الأخرى ، والتي تفرض عقوبات سالبة للحرية كثيرة جدا مما يغرق الدولة في دوامة الانفاق على المساجين ...
لم تتمكن الدولة حتى الان من الاستفادة من التجارب الأخرى كتجربة السجون المفتوحة والافراج الشرطي والوضع تحت الاختبار بشكل عملي ومنهجي . وهكذا تعاني الدولة من ضغوط كثيرة في مسألة السجون في ظل ارتفاع نسبة الجريمة بما يتجاوز حد الكفاية للسجون المتوفرة الآن.
ان العقوبات السالبة للحرية اليوم لم تعد فقط مشكلة تؤرق المجرمين وليس ذويهم الذين هم انفسهم يفقدون العائل الوحيد فيتجهوا هم ايضا الى الجريمة ولا تؤرق الدولة بل ان هذه العقوبات هي في الواقع عقوبات على الشعب نفسه ، الذي يضطر للانفاق من جيبه لاطعام وايواء المساجين. ولذلك لابد من وقفة جادة وبحث عن علاج فعال لهذه المشكلة العويصة.