صباح الأسلحة البيضاء بقلم خلود دفع الله الحسن

صباح الأسلحة البيضاء بقلم خلود دفع الله الحسن


02-22-2018, 01:56 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1519261005&rn=0


Post: #1
Title: صباح الأسلحة البيضاء بقلم خلود دفع الله الحسن
Author: خلود دفع الله الحسن
Date: 02-22-2018, 01:56 AM

00:56 AM February, 21 2018

سودانيز اون لاين
خلود دفع الله الحسن-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

صباح الأسلحة البيضاء:

حينما نتحدث عن أزمات السودان تتبادر إلى أذهان الكثيرين أزمات الفقر وشظف العيش وسوء الإدارة وإحكام القبضة البوليسية, وأحادية الرأي والسيطرة على قنوات التوعية وتحويلها إلى أدوات للتضليل, وتدمير مؤسسات الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم, وغير ذلك من أزمات نشاهدها يوميًا وتؤثر على كل تفاصيل حياتنا.
وفي الحقيقة نحن جميعًا نغفل عن الأزمة الأكثر خطرًا على استمرارية وجودنا كمجتمع.
تلكم الأزمة المتمثلة في تصاعد المد الديني المتطرف الذي يّدعي قادته أنهم يقدمون خدمةً جليلة للدين الإسلامي, وهم في الحقيقة يرتكبون أسوأ الجرائم في حقه وفي حق معتنقيه.

الكارثة بدأت يوم استند البعض إلى تفسيرات خاطئة للكثير من المفاهيم الدينية, وفهم خاطئ لمقاصد التشريعات الإسلامية, والاعتماد الكامل على تنظيرات مفكري جماعة الإخوان وتناسي كونهم بشر تحتمل آراؤهم الخطأ مثلما تحتمل الصواب.
وتجلت ذروة الكارثة حين استولى هذا البعض على السلطة, ثم غرق في جمع المال, وتناسى حتى منهجه المزعوم,
واتخذ من تجهيل أتباعه من الشباب سلاحًا ليستقوي به في وجه معارضيه وتعبئتهم ببعض الشعارات الفارغة من المحتوى الحقيقي, ليتحولوا إلى أصداء يرددون بعض ما يقوله القادة وأصحاب الحناجر الجهورة التي ملأت ساحات الجامعات وهزت منابر الجوامع, وضجت بها شاشات التلف
از وأجهزة الراديو؛ لكنهم في الحقيقة يرددون تلكم الشعارات, دون أن يغوصوا في فهم محتواها أو تكون لهم معرفة بمعانيها.
أجيالٌ من الشباب تساقطت بين أيدي تلكم الثّلة التي استمالت بعضهم بالمال, وخدعت الكثيرين منهم بشعاراتٍ رنانة مستغلةً حب مسلمي السودان لدينهم وإيمانهم العميق.

أجيالٌ من الشباب وقعت في فخ الأفكار المغلوطة عن كل شيء/ عشرات الآلاف من الشبان تمّلكتهم كراهية الآخر, فهم في غرف السجون, يضرِبون, ويعّذبون, يشتمون ويطلقون ألفاظًا لا تشبههم.
يسيرون في شوارع البلاد كالغرباء, يستنكرون على أنفسهم تلكم الأفعال القبيحة, ويعلمون أنها لا تليق بهم, لكنهم يمتثلون أمر ولي الأمر كي لا يكونوا كفارًا مثل الآخرين.
ينظرون إلى الشبان من حولهم يقرؤون عن كل شيء, يحبون كل شيء, يملكون قرارهم في كل شيء, بينما هم تحاصرهم رغبات علّية القوم ومصالحهم.

ليس من حق عقولهم أن تتأمل وتفكر وتستزيد من علم الله الذي منحه للخلق, فهم يقرؤون فقط ما تجوز قراءته؛ ليس من حقهم أن يعلموا شيئًا عما توصلت إليه الإنسانية من تطور في الفكر والثقافة وفهم الحياة.
تلكم هي أزمتنا الحقيقية..
شبابنا الذين يسقطون في غياهب التجهيل المتعّمد.
لربما آن أوان يقظتنا بعد ثلاثة عقودٍ من السبات, على أصوات الأسلحة البيضاء التي تجتاح الجامعات, وزخات الرصاص التي يحملها شبابنا الذين أعدوهم لقتلنا وإيذائنا.

اليوم آن للجميع في بلادنا أن يفتح عينيه جيدًا ليرى مشاهد جديدةً من التعّصب والتطرف الذي كانت تردنا أخباره من بعيد.

هو ذاته التطّرف الذي حّول دوَلاً مثل العراق وسوريا وليبيا إلى أنهار من الدماء, وذاته التطرف المقيت, الذي حّول الآلاف من الشباب إلى قنابل موقوتة وأجساد تتفّجر وتحترق لتقتل الناس في الشوارع والأسواق .

هو ذاته التطرف الذي نشاهد آثاره على الشاشات فننكِره وتشمئز منه قلوبنا ولا تقبله فطرتنا.
هو ذاته التطّرف الذي تسّلل على حين غِّرة إلى داخل مجتمعنا, وبدأ ينخر عقول شبابنا ويحملهم على تكفير الآخر بصورة لم نكن نعرفها قبل عقدين من الزمن.

ذاته التطّرف الذي ينذرنا بانفراط العقد ما بين متعّصبٍ لرؤيته يقتل الآخر, وآخر صار الدين في عينيه قاتم اللون, لا يذذّكره بشيء سوى أولئك الشّبان الذين يضربونه بالسياط داخل المعتقلات, يسومونه سوء العذاب, يمعنون في إذلاله ليس لشيء سوى أنه لم يوافقهم الرأي, أو أولئك المنافقين الكبار, الذين احتكروا السلطة وجمعوا المال ونشروا الجهل والحقد بين أبناء البلد الواحد.

خلود دفع الله الحسن.