مملكة حاجة عشة..!! بقلم عبدالباقي الظافر

مملكة حاجة عشة..!! بقلم عبدالباقي الظافر


02-17-2018, 04:53 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1518882799&rn=0


Post: #1
Title: مملكة حاجة عشة..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 02-17-2018, 04:53 PM

03:53 PM February, 17 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


ابتسم حاج أحمد رغم الألم المبرح.. دقات القلب بدأت ترتفع شيئاً فشيئاً.. حاولت زوجته أن تهرع إلى الممرضة لتخبرها بالتطورات السالبة.. فاجأتها إيماءة اعتراضية من المريض.. حرّك الحاج يده ببطء نحو المخدة.. كانت تلك إشارة إلى أنه يبحث عن شيء ما.. ظرف غامض اللون به مفتاح الخزنة.. أدركت عائشة أن الحاج يسلمها الشفرة كناية على دنو الأجل.

بعدها أغمض الحاج عينيه للمرة الأخيرة.. باتت الدنيا ضيقة على زوجته عائشة.. الفقر مشكلة والثراء مشكلتان.. كيف للسيدة التي لم تغادر منتصف الأربعينات كثيراً أن تدير هذه الثروة الممتدة.. مصنع زيوت ومتاجر في السوق العربي وعدد من العقارات.. بالإضافة لكل ذلك، ثلاثة أبناء أكبرهم على أعتاب الجامعة وبنتان في عمر الطفولة.. فكرت بالاحتماء برجل على سنة الله ورسوله سرعان ما لامت نفسها.. ليس من اليسير أن تجد رجلاً يملأ ذاك الفراغ الكبير الذي خلفه رحيل الحاج.

ما إن خرجت عائشة من أيام الحزن حتى بدأت المعارك.. أشقاء زوجها الراحل بدأوا يتدخلون لحماية ثروة شقيقهم الراحل.. بعض الأقارب بدأ يتودد للأرملة الجديدة وعينه على الثروة.. بدأت عائشة في اتخاذ القرارات التي تحفظ للأسرة تماسكها.. تنازلت طوعاً عن كل مظاهر الأنوثة وباتت ترتدي عباءة سوداء أو ثوباً أبيض.. في موسم الحج ذهبت مع ابنها لأداء الفريضة، ومن يومها بدأت تستخدم لقب حاجة عشة.. فرضت اللقب على أبنائها وبناتها ثم صدرته إلى الدوائر المجاورة.

لم يكن أحد يتصور أن تنجح حاجة عشة في المهمة.. بدأ الإصلاح بمصنع الزيوت جعلت من ساعد زوجها الأيمن في المصنع شريكاً.. قالت له لن أمنحك مرتباً بل نسبة في الأرباح.. حوّلت جزءاً من الثروة إلى عقارات وأصول.. منعت أولادها من ارتياد الملعب التجاري حتى يتفرغوا لدراستهم.. الاستثمار في التعليم كان هدفاً أسمى لحاجة عشة.. في كل يوم كانت ثروة الأسرة تزداد وكذلك مكانة حاجة عشة.

أحكمت حاجة عشة سلطتها على أبنائها وبناتها عبر الإغداق عليهم في العطف.. نجح الأبناء وتخرجوا من الجامعات.. بات هنالك إحساس متبادل بين الأم والأبناء والبنات أن حاجة عشة تمتلك رؤية صائبة.. زوّجت البنات بمن تراهم أنسب.. كان عندها (فيتو) ترفعه كلما همّ أحد أبنائها الثلاثة في اختيار زوجة.. كانت نظرية حاجة عشة ترتكز على أن عيالها يجب أن يتزوجوا من هم أقل مقاماً ومالاً حتى يتيسر لها الإمساك بمفاصل الأمور.. بنت حاجة عشة بناية من أربعة طوابق وخصصت شقة لكل أسرة.. في الطابق الأرضي كان هنالك صالون متسع، ومطبخ كبير.

عبر هذا الأسلوب أمسكت حاجة عشة بمفاصل البيت الكبير.. حينما همّ زوج ابنتها عفاف الحديث عن رغبته في العيش في منزل مستقل طردته من البيت وطلبت ورقة طلاق ابنتها..بصعوبة أفلح الوسطاء في تجاوز الأزمة.. بدأت الأزمات مع ظهور جيل الأحفاد.. الجيل الجديد ينظر للحياة بمنظار مختلف ويكره دكتاتورية حبوبة التي لا تعترف بوجبة (البيتزا) وجبة رسمية في البيت الكبير.

ذات يوم فوجئت حاجة عشة بمعلن من المحكمة يعلنها بالحضور أمام القاضي لجلسة توزيع الميراث.. شعرت بألم وحزن مثل ذاك الذي داهم زوجها قبل عشرين عاماً.. حملت جسدها الواهن بصعوبة نحو أقرب فراش وبدأت تنادي في الأحفاد ولكن لا أحد يجيب.. أما الأبناء والبنات فقد لاذ كل واحد بشقته الضيقة في انتظار خبر وفاة حاجة عشة.

assayha