من مسجد الشيخ فتح الله.. بقلم عبدالباقي الظافر

من مسجد الشيخ فتح الله.. بقلم عبدالباقي الظافر


01-20-2018, 04:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1516461891&rn=0


Post: #1
Title: من مسجد الشيخ فتح الله.. بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 01-20-2018, 04:24 PM

03:24 PM January, 20 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


وصل الإمام إلى المنبر في توقيته المعتاد لأداء صلاة الجمعة.. ألقى السلام على المصلين، ولكنه لاحظ أن عددهم أقل بكثير من المعتاد.. أراد أن يسأل عن السبب لكن المأموم لم يمهله وقام بأداء أذان الشروع في الخطبة.. موضوع الخطبة كان عن فقه طاعة الوالي.. بعد خمس دقائق بدأ عدد الحضور يتقلص حتى اقترب من الوصول إلى نصاب صلاة الجماعة..عندها أيقن أن هنالك مؤامرة تستهدف مقامه السامي وتنال من تخصصه الدقيق في هداية الناس.. أغلب الظن أن الطابور الخامس تمكن من تأليب عامة المصلين.. افتقد وجوهاً كانت تدين له بالطاعة.. تحسس هاتفه للاتصال على سدنته.. لكنه تذكر أن ذلك لا يجوز في هذا المقام.

بدأ وجه الشيخ يتعرّق رغم رطوبة الأجواء كلما غادر بلاط المسجد أحد الحضور.. ستكون فضيحة إن فشل في أداء صلاة الجمعة بسبب عدم اكتمال النصاب.. لو كان يعلم مكر الطابور لاستعان بأهله وأصهاره.. أغلب الظن أن النقاش الذي احتدم قبل يومين كان السبب المباشر في هذا التمرد.. لم يفعل شيئاً غير أن مارس حقه الطبيعي في اختيار إمام مؤقت لحين عودته من رحلة استشفاء في قاهرة المعز.. هؤلاء يتحدثون عن ضرورة انتخاب إمام في هذا المرحلة الاستثنائية.. لكنه يدرك جيداً أن رضوخه يعني فتح الباب لانقلاب غير شرعي يستهدفه شخصياً.

بدأ وجه الشيخ يتعرق رغم رطوبة الأجواء كلما غادر بلاط المسجد أحد الحضور.. ستكون فضيحة إن فشل في أداء صلاة الجمعة بسبب عدم اكتمال النصاب.. لو كان يعلم مكر الطابور لاستعان بأهله وأصهاره.. أغلب الظن أن النقاش الذي احتدم قبل يومين كان السبب المباشر في هذا التمرد.. لم يفعل شيئاً غير أن مارس حقه الطبيعي في اختيار إمام مؤقت لحين عودته من رحلة استشفاء في قاهرة المعز.. هؤلاء يتحدثون عن ضرورة انتخاب إمام في هذه المرحلة الاستثنائية.. لكنه يدرك جيداً أن رضوخه يعني فتح الباب لانقلاب غير شرعي يستهدفه شخصياً.

انتصب فتح الله واقفاً وبدأ في عجلة لإنهاء الخطبة.. فوجئ هذه المرة بانسحاب جبارة واثنين من الغرباء.. غضب حينما تأكد له أن المؤامرة مكتملة الأركان.. تجاوز ضيق المكان وحاول أن يخاطب الرأي العام في منازلهم.. ذكر الناس أنه من أسس هذا المسجد.. جمع التبرعات ودخل دواوين الحكومة واستخدم كل علاقاته كوكيل سابق.. لن يسمح لمن يخلطون الدين بالسياسة بتمرير المؤامرة.. على الهواء وجه رسالة إلى زوجته الرضية بت صالح يطلب منها استخدام الهاتف لإحضار مصلين بأعجل ما تيسر.. خطبته لم تكن تغادر قاعة المسجد بعد أن فصل المتمردون مكبرات الصوت الخارجية.

بعد نصف ساعة من الحديث العاطفي رفع أحد المصلين أصبعه على طريقة نقطة نظام.. قمعه مولانا فتح الله أن عليه أن يلزم حدوده.. خرج المحتج ليلحق صلاة الجمعة في مسجد مجاور.. نبه الرجل بقية منتظري صلاة الجمعة أن يخرجوا معه حتى لا يفوتهم أجر صلاة الجماعة.. خرجوا جميعاً.. كان هنالك بعض الثقلاء الذين يصوبون النظر إلى المنبر قبل المغادرة، فيما فضل البعض تجاوز الحرج عبر البحث عن أبواب الخروج.

لم يجد مولانا فتح الله غير أن يختم خطبته بقوله الراتب قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.. حينما هبط من المنبر أراد استبيان حجم المؤامرة فخرج مستطلعاً.. في الساحة المجاورة للمسجد من الناحية الشمالية كانت صفوف المصلين تتزاحم والإمام الجديد يحدثهم عن الشورى وإن كنتم ثلاثة فأمّروا أحدكم بطوعكم واختياركم.. رغم مرارة الموقف عجبته كلمات مولانا الذي يعرفه أنه من المواظبين على صلاة الجماعة.. تقدم أكثر وأكثر ثم جلس في الصف الأخير ليؤدي صلاة الجمعة لأول مرة من المقاعد الشعبية.

بعد نهاية الصلاة تقدم فتح الله نحو المنصة فاعترضه الغاضبون.. كانت عبارات الاستنكار تترامى على مسامعه.. (كرهتنا المسجد.. يا خي مسجدك المكيف دا ما عاوزينه..).. الإمام الجديد طلب من الناس ألا تحرم الرجل من حرية التعبير .. أمسك فتح الله بالمايك ويده ترتجف وعيناه تدمع.. خاطب الحشود "لم أكن أدرك أنني أثقلت عليكم.. كنت أحسب أنني الأدرى بمصالحكم في الدنيا والآخرة.. من يومنا هذا سأكون في الصفوف الخلفية..اذهبوا إلى مسجدكم فلم يعد من اليوم مسجد الشيخ فتح الله".. تعالت التكبريرات.. بدأ الناس يتسالمون ويهنئون بعضهم البعض.. الغريب أن فتح الله كان يتلقى التهانئ والتبريكات أيضاً.

assayha