حوار مع صديقي الانتفاضي النبيل بقلم عادل إسماعيل

حوار مع صديقي الانتفاضي النبيل بقلم عادل إسماعيل


12-30-2017, 03:56 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1514645769&rn=0


Post: #1
Title: حوار مع صديقي الانتفاضي النبيل بقلم عادل إسماعيل
Author: عادل إسماعيل
Date: 12-30-2017, 03:56 PM

02:56 PM December, 30 2017

سودانيز اون لاين
عادل إسماعيل-
مكتبتى
رابط مختصر



أرى ، كما يرى النائم ، إني أكتب هذا المقال في مطلع العام 2020 ، كما أرى مكونات سياسية أصطلحنا على تسميتها أحزابا ، لأننا لا نملك غير هذه التسمية ، و قد شرعت القديمة منها و الجديدة بالتردد في الدخول إلى الانتخابات ، و أحيانا بالمطالبة بنزاهتها و استقلالية منظميها و مراقبيها شرطا أساسيا للدخول في الأنتخابات . و ربما كان هناك بعض الشخصيات التي اصطلح على تسميتها مستقلة ، لعل الحزب الحاكم شارك في تشجيعها لخوض الانتخابات هكذا خبط لزق تحسبا لمقاطعة الانتخابات حتى يضفي بعضا من المشهد التعددي لها .
وجدت صديقي يحتسي شايا عند بائعة الشاي التي بدأت في لملمة أشيائها بعد يوم طويل ، و لكنها جبرت خاطر صديقي أن تعد لي شايا قبل انصرافها .
يبدو صديقي منتشيا قليلا في حالة نادرة من انتشاءاته ، إذ دائما ما يكون مستاء وغاضبا و حانقا ، كما يقول ، على الذين يحكمون السودان و يتلفون أيامه باللهاث خلف ضرورات الحياة ، و لياليه بالتفكير في كيف مضى اليوم و كيف يكون الغد .
ما سبب الإنشراح يا صديقي ؟ قال : استمعت قبل قليل ، من هاتف أحد الذين كانوا يشربون الشاي هنا ، إلى وردي و هو يغني "مرحبا يا شوق" ، فجعلتني أنسى كل السخافات التي تحدث حولي ، أولها بالطبع سخافات الحزب الحاكم و سعيه لإعادة مسرحية الانتخابات بخجها و خجيجها . فهذه الأغنية تملق فيها وردي و شكلت شخصيتة اللحنية ، بصوته الذي يشبه المسطرينة ، كما أنها فرضت ذوقا راقيا و أذنا نظيفة ، شكلت مع غيره من كبار الفنانين وجدانا سودانيا متألقا ، دأب هؤلاء المهووسون الأوغاد على طمسه . و لذلك لا بد من اقتلاعهم مرة واحدة حتى نسترد وطننا وعافيتنا . ثم التفت إلي ، و أنت ما أخبارك ؟ هل ما تزال تعتقد أن الانتخابات مهمة و يجب خوضها ؟ و هل أنت مع الخائضين كعهدك السابق ؟ و أردف ضاحكا ، يا صديقي الانتخابي ؟ قلت : نعم يا صديقي الانتفاضي .
قال صديقي الانتفاضي : لا أرى مبررا لإصرارك خوض انتخابات يعلم الكل ، حتى أختنا صاحبة الشاي الجميل هذا و التي لم تجد حظا من التعليم ، أن الانتخابات ما هي إلا محاولة من الحزب الحاكم لإيجاد شرعية يفتقدها و محاولة منه لتجميل وجهه القبيح ، فهو لا يؤمن بالديمقراطية و التداول السلمي للسلطة ، و غارق في الفساد حتى أذنيه ، و لا يجرؤ على محاسبة أي ناهب للمال العام ، مما يدل على مشاركة قادته في الفساد بكافة أشكاله ، بل و حماية هؤلاء المفسدين بما لديهم من سلطة . ثم صمت برهة و الكلمات تخنقه و تتزاحم في فمه ، حتى لكأن عينيه بئران يفيضان حزنا عريقا ، قال : هؤلاء الجبناء التافهون لا يتورعون عن التلاعب بالدولار المخصص للدواء يا استاااذ ! و لا يحترمون حتى دستورا كتبه بيديه . و لذلك أنا استغرب كيف تثق في أن هذا النظام جاد في مسألة الانتخابات .
قلت أنا : أنا لا أثق فيه و لكن هذا ليس ضروريا في هذه المرحلة . و في الحقيقة أنت الذي تثق فيه !!
صديقي الانتفاضي ( غاضبا ) : كيف تقول ذلك ؟ و أنت تعلم أني ألعنهم صباحا ومساء .
أنا : لأنك ، يا صديقي ، تشترط لخوض الانتخابات أن يكون الحزب الحاكم في العملية الانتخابية بمحطاتها المختلفة ، نزيها و عادلا ، إذن أنت تعتقد و تثق أن بإمكانه أن يكون نزيها و عادلا. وهي حجة ساذجة ، مع احترامي لك و لهم ، و هي نفس سذاجة الحركة الشعبية ، بعد غياب الزعيم الكبير جون قرنق ، حين كانت شريكة في السلطة و الثروة قبل الانفصال ، إذ أنها لم تفعل شيئا و كانت تنتظر من شريكها جعل الوحدة جاذبة ، بحجة أن شريكها وقع على ذلك في اتفاقية نيفاشا 2005 ، أي أن يكون زولا كويسا و يحقق لها برنامجها في قيام دولة تحترم مواطنيها و يحترمها مواطنوها .
صديقي الانتفاضي : طيب إذا كنت تقتنع أن الحكومة و حلفاءها ليسوا جديرين بالثقة ، كيف ترى أن الدخول في الانتخابات هو فعل مفيد لجهة التغيير ؟
أنا : هناك ثلاث طرق للتغيير ، و هي الانقلاب و الانتفاضة و الانتخابات . فأما الانقلاب ، فهو غير مجد ، حتى لو أفترضنا وجود جهة داعمة للتغيير في صناعه المحتملين ، و ذلك لأنك حين تشرع في إعداد انقلاب ناجح ، فإنك تحتاج للتنسيق مع جهات عديدة ، بجانب الأمور العسكرية و الأمنية التي يعرفها منفذو الانقلاب . و هذه الجهات العديدة ، و هي التي تهمنا هنا ، تتمثل في جيش من فنيي الإذاعات الكثيرة و المحطات التلفيزيونية الكثيرة ، و قليل من الرأى العام المتصالح معك في هذه المؤسسات ، بجانب جيش من العاملين في أجهزة الاتصال ، و ذلك حتى لايتم إغراق الجماهير برسائل إعلامية مضادة أو مشوشة لرسالتك التغييرية . فإذا كنت تعتقد أن بإمكانك إقناع كل هؤلاء للعمل معك ، فلماذا لا تفكر أن تخوض بهم و معهم الانتخابات ، و هم و لا شك قوة كبيرة ذات أصوات كثيرة ؟ و أما الانتفاضة ، فكلفتها باهظة ، فأنا لا أريد لشبابي أن تصيبه رصاصات قناصة يركبون سيارات بلا لوحات ، و يضيع سدى .
صديقي الانتفاضي ( مازحا ) : و لكنك لست شابا ، و تبدو في أخريات العقد الخامس .
أنا : نعم هذا صحيح ، و لكني أقصد شبابي و شاباتي السودانيين ، فإني أرغب في المحافظة على حياتهم ، لأتها غالية أولا ، وثانيا لكي أنجز بهم عملية التغيير ، فالتغيير يحتاج للعديد من المهارات و المعارف المتنوعة ، و هذه تجدها متوفرة عند الشباب و الشابات حتى غير المتعلمين تعليما جيدا أو نظاميا ، فقنوات الري الفضائي و وسائل الاتصالات شكلتا قدرا مهما من الوعي الضروري بقضايا التغيير .
صديقي الانتفاضي : و لكنني أنا هنا أتحدث عن انتفاضة سلمية تحت سمع و بصر العالم ، و هذا في حد ذاتة يشل قدرة النظام و أجهزته القمعية لاستخدام العنف ، فنحن لن نستخدم العنف . و لنا إرث مشهود في ذلك ، في أكتوبر 1964 ، و أبريل 1985 ، فنحن شعب معلم .
أنا : نعم هذا صحيح ، و لكن الصحيح أيضا ، ضمن أسباب أخرى ، أن نظامي عبود والنميري كانا لطيفين و ذوي حياء مقارنة مع هذا النظام الذي يفعل جليل الموبقات دون أن يرمش له جفن . فلن يدع نظام كهذا ، بتركيبة كهذه ، أن تمر المظاهرات الاحتجاجية بسلام ، بل سيسعى إلى تخريبها من داخلها بحرق سيارة أو محل تجاري ، حتى يمهد لتدخله العنيف بحجة المحافظة على أرواح و ممتلكات المواطنين !!
صديقي الانتفاضي : و لكن أي تغيير له ثمن ، أليس كذلك . و كل الشعوب تدفع الثمن لحريتها ، و أنت باعتبارك مثقف لابد أن تكون على علم بهذا الأمر .
أنا : نعم و لكننا ، كما أشرت أنت قبل قليل ، نحن شعب معلم و نتمتع بدرجة معتبرة من الوعي كونتها تجارب عديدة ، ربما لم تجدها شعوب المنطقة . من ضمنها ، على سبيل المثال ، أننا عشنا قدرا من الديمقراطية ، لم تشم المنطقة شميمها إلا مؤخرا . يعني نحن نمشي أمامهم . و لذلك كنت و لا أزال أسخر من الدعوات التي تطالب الشعب السوداني باللحاق بما عرف بالربيع العربي ، فكيف بحق السماء ، أن نطلب ممن هو في المقدمة أن يمشي خلف الذين يمشون خلفه !! و هو ما يدفعني ، في هذا الأمر ، على الاعتقاد أننا نحمل وعيا يساعدنا على تقليل الزمن المطلوب للتغيير ، و تقليل كلفته أيضا . و في حقيقة الأمر ، لا أرى دورا للثقافة ، في كل التاريخ البشري الطويل ، سوى تقليل الزمن المطلوب للتغيير و تقليل كلفته .
صديقي الانتفاضي ( مترددا بعض الشيئ ) : طيب ياخي هم يزورون الانتخابات . و هذه طبيعة الأنظمة الإسلامية ، حتى أن كاتبا إسلاميا كبيرا قال إن التزوير في الحركة الإسلامية نوع من العبادة .
أنا : في واقع الأمر ، سيظل ذلك ديدنهم ما وجدوا إلى ذلك سبيلا . و لكني أعتقد أن مشاركة عدد كبير من الناس في عملية الاقتراع تحد من القدرة على التزوير ، خصوصا أن الإسلاميين و الحزب الحاكم لم يعودوا جهة واحدة مصمتة كما كانوا في سابق عهدهم ، و حتى المصالح التي كانوا يلتفون حولها لم تعد واحدة ، و ما عدم السيطرة الكاملة على ملفات الفساد التي تخرج عن السيطرة من حين لآخر ، إلا دليل على ذلك .
صديقي الانتفاضي : اوكي لنفترض أني أقتنعت بهذا الطرح . لماذا لا تدعو ، إذن ، لتوحيد المعارضة و وقوفها خلف مرشح واحد لخوض الانتخابات . فلم أرك تدعو لهذا الموضوع رغم وجاهته !
أنا : ليس هناك وجاهة في هذا الموضوع ، فأحزابنا نطلق عليها مجازا أحزابا ، فأنت بطبيعة الحال لا يمكنك أن تقود عملية تغيير بأدوات هي نفسها بالية و عصية على التغيير . فأنا أراهن على غالبية هذا الشعب الجميل الذي يرفض الانتفاض ، ضمن أسباب تناولناها في مقالات سابقة ، لإدراكه الفطري بنية الأحزاب للسطو على مجاهداته . و لذلك ينتظر هذا الشعب الجميل الانخراط في عملية التغيير عندما يجد من يفهم أن طبيعة وعيه قد تجاوزت بالفعل الماعون الحزبي . فما يسمى بالمشكل السوداني ، لم يعد أمرا غامضا يحتاج لذكاء لاكتشافه ، فحتى الغرباء الذين نمنحهم فرصة لحشر أنوفهم في شئوننا ، عرفوا أن أس مشكلتنا إنما هو غياب الفكرة الوطنية التي تمثل صمغا يجمع مكوناتنا المختلفة في ماعون واحد تنعكس صورته في وثيقة محترمة تسمى الدستور .
صديقي الانتفاضي ( نافضا طرف قميصه بإبهاميه و سبابتيه ) : يعني أنت قنعت من خير في الأحزاب ؟
أنا : لا . فأنا أساعد في إعادة تكوينها لتكون جديرة بالاحترام ، و ذلك بتفكيكها الناعم من خلال حالة السيولة التي يخلقها الانخراط في العملية الانتخابية ، و يفرض عليها خطابا جديدا ، داخلها و خارجها ، هي لاتملكه الآن ، فهي تتعامل مع الشعب السوداني باعتباره شعبها ، و تعتقد أنه صاحب الوعي الذي توقف و جلس تحت ظل ستينات القرن الماضي و ما زاد ، يقتات من الوعي الذي تقذف به الأحزاب إليه من حين لآخر ، و لا تكلف نفسها علاج عسر هضم هذا الوعي من حين لآخر ، أيضا . كما ستعلم الأحزاب العروبية منها ، أن الشعب السوداني ليس عربيا ، بل هو شعب سوداني ، و ستعلم الأحزاب الأفريقية منها ، أن الشعب السوداني ليس أفريقيا ، بل هو شعب سوداني .. إنه ذلك المزيج الساحر الذي يشبه الحلومر يا أخي .
صديقي الانتفاضي : طيب ، إذا كانت الأحزاب غير جاهزة ، لمن يصوت الناس في الانتخابات ، أنا بالطبع أعرف خيارك من بعض مقالاتك .
أنا : نعم هذا صحيح ، و لكني في البداية أحب أن أثبت فكرة المشاركة في الانتخابات أيا كان شكلها ، و أيا كان من تمنحه تقتك و صوتك ، و أيا كان الوضع السياسي حينها محليا و إقليميا و دوليا . و في الحقيقة الأمر ، إن أي تغيير ، و لو طفيف ، سيكون ذا أثر عميق على المدى الطويل يمكن أن يبنى عليه في انتخابات 2025 ، و كما يقول العلامة اينشتاين ، لن يحدث شيئ ما لم يتغير شيئ . و هذا تأتي به بداهة العقول . فأنت تحتاج أن تغير بيئة التربة السياسية حتى تتأهل لاستزراع أفكار جديدة ، تنعجن بما امتلكه هذا الشعب الجميل من وعي لم يمخضه ماعون حزبي بال ، و إنما أنتجته مرارة التجربة الحياتية . فحين وجد شعبي نفسه في عراء الرعاية الصحية و التعليم ، خرج لدروب الحياة لتوفير هذين البندين الملحين اللذين لا مزاح فيهما ، فأكسبته هذه التجربة على التحقيق وعيا عنيدا و متفردا و وعرا ، يوجب الاحترام ، ليس لأن الشعب السوداني لن يتنازل عن هذا الوعي المكتسب لأنه أبقاه حيا حتى الأن ، و إنما لأنه وعي متقدم لجهة التفاعل و إمكانات التفاعل مع محيطه المحلي و الإقليمي و العالمي . فما كان مقصورا معرفتة على الخاصة و الجهات الأكادمية ، أصبح متاحا للعامة بنفس البساطة التي جعلتك تستمع و تتأمل وردي و هو يغني "مرحبا يا شوق" قبل قليل . و دعني ، أيضا ، أن أشير إلى موضوع هام للغاية ، و هو علاوة على أن مشاركة عدد كبير من الناس في الانتخابات ، يجعل عملية التزوير صعبة نوعا ما ، حتى لو حدث و فاز مرشح الحزب الحاكم ، سيأتي ضعيفا مهزوزا ، الأمر الذي يغل يده ، فترتخي قبضته على متصل الثروة و السلطة ، و بالتالي تنحل سيطرته على ملفات الفساد ، مما يرفع الغطاء القانوني و الأخلاقي لحضورهم في تشكيل المستقبل ، الأمر الذي يفتح الطريق لتبلور قوى سياسية جديدة تستأهل الاحترام و تكون ملتصقة بآمال و آلام هذا الشعب الكريم ، ينمو معها و تنمو معه .
و أعود لسؤالك عن الاقتراع في ظل هذا التيه و تلك السيولة ، التي من المتوقع أن تحدثها العملية الانتخابية . و قبل ذلك ، دعني احكي لك قصة طريفة ذات صلة بما نقول . قيل إن في الانتخابات الماضية ، هناك رجل سبعيني ضرير ، ساقه مؤيدو الحزب الحاكم ، للإدلاء بصوته ، و بحكم أنه ضرير ، طلب من أحدهم مساعدته داخل مكان الاقتراع السري ، ثم طلب السبعيني الضرير من ذلك الشخص ، أن يضع أصبعه ( أصبع الضرير ) على رمز الحزب الحاكم - الشجرة ، و حين استوثق الضرير أن أصبعه يغطي رمز الشجرة ، قال مبتسما : بعد كده أشخت في أي رمز تاني يعجبك ! هذه الطرفة ، على بساطتها ، تحكي لنا أن الشخص ، مهما بدا ضعيفا ، يمكن أن يعمل شيئا في اتجاه التغيير قدر استطاعته ، و يحمي صوته قدر استطاعته كذلك .
صديقي الانتفاضي ( ضاحكا ) : نعم هي قصة طريفة و موحية . و لكن ماذا لو أعيد ترشيح رئيس الحزب الحاكم مجددا ؟ ألم تسمع أن هناك لجنة شعبية تدعو لذلك ، و يرأسها أحد حملة الشهادات العليا التي كثرت هذه الأيام .
أنا : اجل سمعت بها و لكن لا أضع اعتبارا لذلك . و هو أمر مضحك أن يدعو شخص متعلم ليحكمه شخص واحد كل عمره الراشد . و على أي حال ، يجب أن نسعى للطعن في ذلك بكل الوسائل المتاحة . و حتى في حالة كشف حال المحكمة الدستورية ، فإن ذلك من شأنه إضعاف الحزب الحاكم كثيرا و تتفيه صورته في الخارج الذي يوهمه بأنه دعا للانتخابات و أن من حق الآخرين مقاطعتها ! و لذلك من المهم أن تدلي بصوتك ضد الحزب الحاكم حتى لا تكون مقاطعتك لصالحهم . و لذلك فإن الإدلاء بالصوت يمثل أهمية بالغة لجهة تدشين التغيير و كما يقال ، فإن السايقة واصلة . ففي حالة السيولة و التيه اللتين يخلقهما خوض الانتخابات ، ستدرك الأحزاب أن الشعب السوداني تجاوزها و تقدم عليها ، و عليها الارتقاء لمستواه أو أن تتحلل جثة أفكارها في هذا التيه و تلك السيولة حتى يعافها الناس . أما فيما يختص بسؤالك حول اقتراعي ، فأنا أدعم مرشح قوى المستقبل الأستاذ عادل عبد العاطي الذي تصدى لهذا الأمر و آمن بفكرة التغيير عبر وسيلة الانتخابات .
صديقي الانتفاضي : في الحقيقة ، تزايدت هذه الأيام فكرة خوض الانتخابات من جهات عديدة ، كانوا ممانعين في السابق ، منهم كتاب كبار محترمين و رؤساء أحزاب سياسية و عسكرية كعقار و عرمان و حتى رئيس حزب المؤتمر السوداني لمح بذلك . فما هي خصوصية "قوى المستقبل" و مرشحها ؟ و هل لأنه كان سباقا للحديث عن التغيير عبر الانتخابات في ظل هذا النظام ؟
أنا : الفرق ياعزيزي هو أن من ذكرتهم أضطروا اضطرارا للقبول بالخيار الانتخابي ، فلم يكونوا ذوي خيال يستشرفون به أن التغيير القادم ليس انتفاضيا ، إنما هو انتخابي . فما دفعهم للانتخابات هو اليأس من التغيير بالعنف في حالة الحركات المسلحة ، و اليأس من الانتفاضة في حالة الحركات السياسية . كما أن المرحلة في السودان لا تتطلب رئيس حزب ، إنما تتطلب قائدا .
صديقي الانتفاضي : ماذا تعني ؟ و ما الفرق بين رئيس الحزب و القائد ؟
أنا : الفرق بسيط ، و لكن أثره عميق . فرئيس الحزب دائما يبحث عن غطاء في قطاعه السياسي كي يتخذ قرارا سياسيا محوريا كخوض الانتخابات ، و أما القائد فيستشعر سخونة الواقع و يتصدي للحظة و هي ساخنة و يشكلها بين يديه صلصالة يمطها في اتجاه بلورة رأي عام داعم لقضايا التغيير ، و لا ينتظر موافقة الأغلبية الكلاسيكية في قطاعه السياسي لقراره طالما بدت له صحته ، فهو يعمل الشيئ الصحيح في اللحظة الصحيحة ، و يستلم زمام المبادرة بيديه . و بعبارة أخرى القائد يقود حزبه ، لا أن يمشي خلفه .
صديقي الانتفاضي : يبدو حديثك معقولا . على أي حال سأفكر في الإدلاء بصوتي في الانتخابات القادمة 2020 .
أنا : على أي حال ، هذا ما لدي ، فكر في الأمر ، فإن لم تر ما أرى ، ابغلني بمقترحاتك للحلول . و إن لم تشارك بصوتك في التغيير ، فأنت تحتاج تجربة مريرة أخرى ، فالتجربة التي لا تورث فهما جديدا تكرر آلامها و دموعها .