الشعارات لا تصنع الهيبة .. بقلم هيثم الفضل

الشعارات لا تصنع الهيبة .. بقلم هيثم الفضل


12-27-2017, 05:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1514391790&rn=0


Post: #1
Title: الشعارات لا تصنع الهيبة .. بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 12-27-2017, 05:23 PM

04:23 PM December, 27 2017

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

صحيفة الجريدة
سفينة بَـــوْح –
!!
للذين يتحدثون عن هيبة الدولة بمفهومها (الحكومي) ، أقول أنه قد آن الأوان الذي لتتبايَّن فيه الصفوف وتُكشف فيه عورات الحكومات وميزاتها عبر ما كتبه الله سبحانه تعالى من تاريخ سياسي لهذه البلاد الحزينة ، فجُل حكومات ما بعد الإستقلال وما قبل الإنقاذ ديموقراطيةً كانت أم شمولية إتفقت جميعها حول منهج واحد قوامه (مؤسسية) الدولة وإستقلالها عن منظومات التوجه الفكري والسياسي ، ثم النزاهة المُطلقة فيما يمكن أن نسمية (ملكاً عاماً) لمؤسسة الدولة وما يمكن أن (يُستثمر) فيه بإسم الفرد أو حتى الحزب عبر ما أتاحه القانون وفرضته اللوائح ، لأول مرة في تاريخ البلاد أستطيع أن أقول بلا تردُّد و لا وجل أن دولتنا في ظل حكومة الإنقاذ أو المؤتمر الوطني أو أياً كان المُسمى لم تعد تعتد ولا تلتفت إلى ما يمكن أن يحتوي سِمات هيبتها في قلب المواطن وأحياناً الأجانب وقيل في محاور أخرى حتى الدول الأجنبية ؟ لماذا ، لأن مؤسسية الدولة تم إختراقها في غفلة من الزمان وفي ساعةٍ من غفوات اللهث وراء المصالح الذاتية والسياسية والحزبية بكل ما يمكن أن يُشكِّل طعناً في خاصرة هيبتها ، الدولة لا يستقيم أمر هيبتها لدى الناس والتجمعات والمنظومات والعالم الدولي بدون إسدال واضح وسافر لآلة العدالة وحضور قاعدة الناس سواسية أمام الواجبات والحقوق ، وهذا هو أساس العدل والمساواة في القاعدة الشرعية المُستمدة من الحديث النبوي الشريف (لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى) ، ففي الوقت الذي أعمل فيه من سموا نفسهم بحركة المد الإسلامي السياسي السوداني مبدأ إستنصار الذات من منطلق أن ظُلمة الباطل لا تأتيهم من بين أيديهم ولا من خلفهم ، وأن إشراق الحق لا يجوز ولا يُستساغ أن يكون في حضرة غيرهم ، أصبح من ضرورياتهم التنظيمية والإستراتيجية على المستوى السياسي البحت وليس الدعوي ، أن يكون لهم دائماً صدارة المآثر والمنافع بمافي ذلك الإستحوذ على الحكم السياسي دون قبول الآخر ولا فتح باب ولو موارى لإمكانية التنافس الشريف حول تداول السلطة ، ثم إمتدت آلة الصلف التي دعتها ضرورة البقاء (الخالد على رأس تسيير البلاد وإذلال العباد أن يمتد هذا التغوُّل على حقوق الآخرين في مؤسسية الدولة ليمسك بالمفاصل الإدارية والفنية لما كان يسمى سابقاً بالخدمة المدنية والتي أرى أن أجدى إسم يناسبها الآن هو(الخدمة التنظيمية) ، حيث إنتهت مؤسسية الخدمة المدنية ذات العراقة في تكوينها الشكلي والنوعي منذ الإستقلال ، إلى أرتال من الخلايا التنظيمية للحزب الحاكم وتتكاثر يوماً بعد يوم عبر قاعدة (حِكرية) التعيين في الوظائف الكبرى والمتوسطة والصغرى بإسم الإنتماء السياسي والإنبطاح المنفعي ، حيث أصبح مجرد الحِياد السياسي لا يعطيك حقك الدستوري في الحصول على وظيفة مهما تفوقت ميزات الكفاءة والمؤهل والخبرة في سيرتك الذاتية ، ليصبح بعد ذلك إنفراط عهد التمكين في دهاليز الخدمة المدنية أحد المعاوِل الأساسية التي تحول دون تفعيل عنصري الجزاء والمحاسبة حين وقوع الفساد والخطأ الإداري والفني ، وتقارير المراجع العام السنوية شاهدةٌ على ذلك عاماً بعد عام ولا حياة لمن تنادي ، لا مجال لرفع شعار هيبة الدولة دون أن يشعر المواطن والمراقبون المحايدون في الداخل و الخارج أن هناك إعمالاً بائناً وسافراً لمبدأ العدالة في توزيع التنمية والثروات والفرص بين شتى البقاع والقطاعات والإنتماءات السياسية في السودان فالهيبة يا سادتي لا تولد من رحم النرجسية والمحسوبية والإنحياز المُطلق نحو الذات مهما بلغ بريق الشعارات.